حكم الدين في تحديد جنس المولود

حكم الدين في تحديد جنس المولود
السؤال: رزقني الله تعالى بأربع إناث وذكر واحد، وأرغب بإنجاب ذكر آخر، فهل يجوز لي القيام بعملية تلقيح صناعي؛ لاختيار الولد الذكر؟ علمًا أنّ زوجتي لم تعد تستطيع الإنجاب سوى مرّة واحدة، كما أخبرها الأطباء؛ لأنّها أجرت أربع عمليات قيصرية من قبل، والأطباء لا يسمحون إلّا بعملية أخرى واحدة؟

 

بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصّه أعلاه، فإنّ موضوع اختيار جنس الجنين عن طريق التلقيح الصناعي من المسائل التي اتّسع فيها النّقاش الفقهي، وللمسألة أكثر من صورة، فاتّفق الفقهاء على جواز اختيار جنس الجنين عندما يتعلق السبب بتفادي الأمراض الوراثية الي تصيب جنسًا واحدًا بالذات، ولكنّهم اختلفوا في جواز التلقيح الصناعي لاختيار جنس المولود دونما ضرورة طبية لذلك، فمنع ذلك مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، في دورته التاسعة عشرة المنعقدة بمكة المكرّمة في الفترة 22-26 شوال 1428هـ، وفق 3-7 نوفمبر 2007م، وممّا جاء في قراره ذاك:" أنّه لا يجوز أيّ تدخل طبي لاختيار جنس الجنين، إلّا في حال الضرورة العلاجية في الأمراض الوراثية، التي تصيب الذكور دون الإناث، أو بالعكس، فيجوز حينئذٍ التدخل، بالضوابط الشرعية المقرّرة، على أن يكون ذلك بقرار من لجنة طبية مختصّة، لا يقلّ عدد أعضائها عن ثلاثة من الأطباء العدول، تقدِّم تقريرًا طبيًّا بالإجماع يؤكّد أنّ حالة المريضة تستدعي أن يكون هناك تدخل طبيّ حتى لا يصاب الجنين بالمرض الوراثي، ومن ثمَّ يعرض هذا التقرير على جهة الإفتاء المختصّة لإصدار ما تراه في ذلك".

ويرى مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين في قراره رقم 1/56: أنّ فعل هذا الأمر لا حرمة فيه، وإن كان الأولى تركه، وذلك من باب الثقة بالله تعالى، وحسن التوكل عليه عزّ وجلّ، والرّضا بما قدّر وبما شاء، ومن باب أنّ الله تعالى أعلم بمصلحة الإنسان من الإنسان نفسه، فالله تعالى يقول: ﴿...وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 2-3]، مع اليقين بأنّ الأخذ بهذه الأسباب لا يُغيّر من قضاء الله وقدره شيئًا.

وقد علم المجلس من خلال شروحات قدّمها مدير أحد المراكز الطبيّة المتخصّصة بزراعة الأجنّة، أنّهم يمتنعون من ناحية أخلاقة الاستجابة لطلب الراغبين بتحديد جنس المولود، إلّا إذا كانت هناك حاجة ماسّة لذلك، وهذا ما نؤيد الأخذ به، والعمل بموجبه، والله تعالى أعلم.
 

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

الشيخ محمد أحمد حسين

المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية              

 

التعليقات