حكم زواج فتاة بالإكراه

حكم زواج فتاة بالإكراه
 
السؤال: عقدت فتاة على شاب، وبعد فترة أرادت إنهاء الزواج، فأصرّ والداها على الزواج رغمًا عنها، فما مشروعية هذا الزواج؟

 

بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصّه أعلاه، فالأصل في الزواج أن يكون برضى الطّرفين، فإن كان الإكراه قبل عقد الزواج، فإنّه لا يجوز لوليّ المرأة أن يجبرها على الزواج بمَن لا ترغب به ولا ترضاه؛ لقوله، صلّى الله عليه وسلّم: «ولَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» [صحيح البخاري، كتاب النّكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها]، وأمّا إن كان الإكراه بعد العقد، فلا إكراه هنا؛ لأنّ العقد تمّ برضاها، فإذا كرهت أخلاق زوجها أو خلقته أو سوء معاملته، فلها طلب الطلاق، ويفصل في ذلك القضاء؛ لِما روي أنّ امرأة ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، أَتَتْ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ»، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» [صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب الخلع وكيفية الطلاق فيه].

وعليه؛ فالذي يتبيّن من السؤال أنّ الفتاة لم تُكره على عقد الزواج، بل تمّ الإكراه بعد العقد، فالعقد صحيح، ولا وجه للإكراه هنا؛ لأنّها أصبحت زوجته، ولكن إذا وُجد سبب شرعي يمنع من استمرار زواجهما واستقراره، فلها أن تطلب الانفصال عنه لدى القضاء، ولا يجوز لأحد أن يُجبرها على الاستمرار في زواج لا رغبة لها فيه، والله أعلم.

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل 

الشيخ محمد أحمد حسين

المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية

التعليقات