تاريخ حركة حماس على لسان أحد مؤسسيها : كيف دعم "عرفات" الحركة ؟ وأين تأسست "كتائب القسام" ؟

تاريخ حركة حماس على لسان أحد مؤسسيها : كيف دعم "عرفات" الحركة ؟ وأين تأسست "كتائب القسام" ؟
غزة -خاص دنيا الوطن-أسامة الكحلوت

في عام  1928 زار بعض المشايخ الإمام حسن البنا في منزله مبايعينه لنشر عزة الإسلام ونشر فكر الإسلام الصحيح والمحافظة على الدين الاسلامى ، وانطلقت حركة الإخوان المسلمين كحركة إسلامية ، ذات انتشار واسع في العالم واعتبرت كبرى الحركات المعارضة للأنظمة السياسية المتعاقبة في مصر ودول أخرى .

أسسها الإمام حسن ألبنا في مدينة المنصورة بعد عدة أعوام من سقوط الخلافة العثمانية ، ثم سرعان ما انتقلت لباقي مدن مصر ثم لأجزاء العالم العربي ، وصادف بدايتها انطلاق المقاومة في فلسطين عام  1936 ، والإعلان عن قيام إسرائيل عام 1948 ، حيث شارك الإخوان المسلمين في القتال ضد اليهود .

وكانت فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فترة عصيبة في حياة الإخوان لتضييق الخناق عليهم ، تعرض خلال فترة حكمه لعدة محاولات اغتيال ، اتهم فيها الإخوان وأمر بسجنهم 

هكذا كانت بداية الاخوان على لسان احد قيادات حركة حماس في غزة ..

المهندس عيسى النشار "60 عاما " من مدينة رفح جنوب القطاع عايش حياة الإخوان المسلمين بمصر وتأثر بفكرهم ونقلها لقطاع غزة ، وسرعان ما توسعت الفكرة لتتحول لمقاومة ثم لحركة إسلامية تسعى لدحر الاحتلال من فلسطين .

درس النشار في جامعات مصر وأقام فترة طويلة هناك حاملا ومطورا لفكر الإخوان المسلمين، وسرد لنا ذكرياته في مصر قائلا " في عهد الرئيس جمال عبد الناصر كان هناك مشروع مارشال  الخاص بإنهاء القضية الفلسطينية وتوطين الفلسطينيين في سيناء ، وأوقفنا هذا المشروع بفعل المظاهرات في مصر وفلسطين ، وهزم عبد الناصر والنظام العربي في حرب 67، وتبين أن تعرضه للإخوان كان جريمة "

وكان جمال عبد الناصر يتميز بحنكة خاصة بخطاباته جعلته محط اهتمام ومحبة الجميع في الشارع المصري ، رغم انه كان يسلط الإعلام على الإخوان المسلمين ويسميهم "  الخون المسلمين .

وتولى الرئيس أنور السادات الحكم بعد وفاة جمال عبد الناصر ، وحاول أن يدخل الحكم بوجه أخر يختلف عن عبد الناصر ، وتمكن من استعادة جزء من الاراضى المصرية في حرب 73 ، وألغى المعتقلات السياسية والحراسات في الجامعات ودمر الكثير من السجون ، وأفرج عن قيادة الإخوان المسلمين من السجون ، حيث لم يكن في ذلك الوقت اى مظهر اسلامى داخل مصر ، واستذكر النشار موقف صلاته الدائمة في مصلى الجامعة برفقة دكتور مسن فقط على مدار سنوات دون وجود ثالث في المصلى ، واصطدم في نفس الوقت بالشيوعيين والضباط الأحرار وزجهم في السجون لتوقعهم بأنهم سينقلبوا عليه ، ولضعفه في نظرهم ، وتمكن من إزاحتهم وعمل ثورة تصحيح في جو ديمقراطي  بالإفراج عن الإخوان ولقائهم ، ثم بعد انسحاب الحراسات من الجامعات بدأ الإسلام ينتشر بتحجب الكثير من الطالبات وإطلاق لحى ألاف الطلاب والتزامهم بالصلاة في مصلى الجامعة .

وهدد السادات الجميع انه سيفرم من يقف بوجهه ،  وأجريت أول انتخابات في تاريخ مصر حينها عام 1975 ، وفاز الإخوان المسلمين  واكتسحوا الانتخابات في مجالس الطلبة في كل الكليات .

وقاد الإخوان في تلك الفترة كل من حسن الهضيبى وعمر التلمسانى ومحمد أبو النصر ، وعبد المتعال الجبري ومصطفى مشهور .

وقال النشار لمراسل دنيا الوطن " رغم الحظر علينا كفلسطينيين من التعامل مع تنظيم الإخوان المسلمين في مصر ، كنت أتابع ندوات ومحاضرات الإخوان المسلمين في المساجد والأماكن العامة ، وكان ارتباط الإخوان بغزة مع الإخوان بالأردن اقوي منه مع الإخوان بمصر ،  واستفدنا من المشاركة في الجلسات مع المرشد العام حينها ، حيث كانت تتحدث الجلسات عن تاريخ الإخوان ونضالهم وحياتهم وفكرهم وحبسهم وتعذيبهم "

وعندما يشعر السادات بخطر الإخوان يعود بتضييق الخناق عليهم من جديد ، وتعرض لعدة محاولات اغتيال باءت بالفشل،  وبحبس وإعدام المنفذين والمخططين لذلك ، وأكد أن موقف الإخوان المسلمين هو موقف وسطى الإسلام الصحيح " لا غلو ولا تطرف " ، وعندما اغتيل الذهبي وزير الأوقاف حينذاك شارك الإخوان في جنازته والحديث على لسان النشار.

وأضاف النشار " نحن كطلبة فلسطينيين عملنا بما استقيناه من رموز الإخوان المسلمين والتزمنا بالفكر الاسلامى وعدنا لتنشيط هذا الفكر داخل غزة ، ونشيد بخطوة عبد الناصر حينما طبق معاملة الفلسطينيين كالمصريين داخل مصر وتسهيل دراستنا ومعاملتنا مثلهم ، حتى كان هناك أعداد كبيرة من الطلبة  معدلاتهم متدنية سمح لهم بدراسات تخصصات علمية كبرى ، ونقلنا باستمرار هذا الفكر لغزة لبدء تطبيقه  ، وكان من بينهم الشيخ احمد ياسين وعبد الفتاح دخان ومحمد الحسنات  وإبراهيم المقادمة وموسى أبو مرزوق وفتحي الشقاقى ومحمد المزين "

وأشار إلى انه في زمن السادات كانت العلاقة مع الإخوان والحكومة  عبارة عن هدنة ، وفى تصريحات السادات عدة مرات  قال " للديمقراطية أنياب " وحينما دخل في نقاش حاد مع احد رجال الإخوان ضد سياسته خلال جلسة عامة ، أصيب السادات بهستيريا خلال النقاش  ، وتعرض أكثر من مرة لمحاولة اغتيال كان أخرها اغتياله على يد خالد الاسلامبولى الذي اغتاله خلال عرض عسكري ، ولم يتبع الاسلامبولى للإخوان .

وأشار " ليس من منهج الإخوان  الانقلاب والاغتيال والرسائل الدموية والدليل على ذلك وضع الإخوان في مصر ألان ، لم يتخذوا اى عمل مسلح ضد الحكومة ، رغم محاولة جر الحكومة لهم لهذا المربع الدموي ، ويعتبر 10 بالمائة من سكان مصر هم من الإخوان المسلمين الحقيقيين ، فيما يعتبر 60 بالمائة من الشعب مؤيدين للإخوان المسلمين ، وهاجرت الكثير من العقول العلمية من مصر للسعودية والكويت هربا من تضييق الخناق عليهم في مصر  " بحسب النشار .

وزار الإمام حسن البنا فلسطين وكان له دور في نشر فكر الإخوان ومحاربة اليهود ، وانتشرت هذه الفكرة بغزة بالمسألة الفكرية القابلة للانتشار في كل مكان ، وكان أوائل من نقل فكر الإخوان لغزة الشيخ احمد ياسين والشيخ محمود محسن وحسين المصري ورجب العطار " حسب قوله "

وأشار لدنيا الوطن" بداية نقل فكر الإخوان المسلمين لغزة كانت بدايته نهاية الستينات ، بتجمع  العديد من المسنين بالمناطق والتحدث بفكر الإخوان ، وكان اغلب منتسبيه من المثقفين والمتعلمين والطبقة الراقية بالتقائهم في المساجد وممارسة الدعوة إلى الإسلام الصحيح ، وكان الإعلام المصري ينشر أكاذيب ويعبئ الشعب المصري ضد الإخوان ، ووصفهم بأنهم إرهابيين "

وخلال الاستعمار الانجليزي للأوطان العربية كان يسعى لنشر فكرة تقبل الإسلام المنفتح واعتبار العلاقة بين العرب والغرب هي زواج كاثوليكي " لا طلاق فيه " ، وفى فرنسا حاولوا نشر الثقافة الفرنسية هناك وإلغاء اللغة العربية وتدريس اللغة الفرنسية ، وإبعادهم عن دينهم وهويتهم وبدأ الإخوان بإعادة نشر الإسلام وفكره .

وأكد النشار أن نشاط الإخوان المسلمين هو شامل رياضي سياسي اجتماعي حكومي دعوى يحوى شمولية الإسلام ، وعملوا في الدعوة إلى الإسلام ليتطور الأمر ليدخلوا في صراع مع اليهود ثم مع السلطة حتى وصلوا للحكومة بثقة الشعب .

وعرض أبو عمار عليهم بعد عودة السلطة الفلسطينية لغزة  تمثيل داخل المجلس الوطني ، إلا أنهم رفضوا نظرا للتواجد الأكبر لحركة فتح  داخل المجلس الوطني واحتكارهم للقرار بحسب النشار .


دخول السلطة وتأسيس حماس

منتصف الثمانينات قرر الإخوان بغزة بدء عمل عسكري وتنظيمي لهم ، وبدأت فكرة جمع السلاح ، وقال النشار " كنا نشترى السلاح من تجار يسرقونه من الاحتلال ، وأصبحنا تنظيم اخوانى مستقل لا يربطنا اى علاقة بإخوان مصر ، ومع بدايتنا تم اعتقالنا وإبعاد العشرات منا وزج الآخرين في السجون ، ووصلنا لمرحلة قبل الانتفاضة بعدة أشهر بقرار بالبدء بالمقاومة بعد حادثة دهس وقتل عمال فلسطينيين بمقطورة إسرائيلية ، واتخذنا القرار بموافقة 4 أصوات مقابل رفض 3 ، وكانت ظاهرة العملاء منتشرة فقمنا بإعدام أربعة عملاء وإخفائهم ، وضرب وتدمير أماكن الإسقاط  "

ثم بدأت الفعاليات بداية من طلاب الثانوية وطلاب الجامعات، وكانت البداية يوم الأربعاء 14-12  من الجامعة الإسلامية مع تخوف منهم من اقتحام وإغلاق الاحتلال للجامعة، وتعليق الدراسة من إدارة الجامعة ، فقرروا أن تخرج كل مجموعة داخل منطقتهم بإشعال الإطارات وإلقاء الحجارة وبدء الانتفاضة بالوسائل البدائية .

وقال " كنا نوقع منشوراتنا على الجدران والبيانات باسم حركة المقاومة الإسلامية  بحروف  " ح م س " فكان بعض الشبان  يسخر منها بكلمة حمص ، ثم التقى عبد الفتاح دخان مع شخصيات إسلامية داخل الضفة بعد شهر ونصف من انطلاقهم ورحبوا بالفكرة ، فكانت الشرارة بغزة والضفة واقترحت قيادة الضفة إطلاق اسم حماس على الحركة ، وكانت الموافقة من الجميع وأرفقت جميع البيانات باسم حماس ، ثم توالت وسائل الإعلام علينا للتعرف على هذه الحركة  "

وأضاف "توسعت الانتفاضة ونجحت بعد ارتقاء العديد من الشهداء حيث كانت تثبت مصداقيتها بارتقاء شهداء متعلمين ومثقفين ، وزادت الفكرة وتوسعت وشملت كل فلسطين في هذه الانتفاضة ، وتطورت بشكل تدريجي بعون الله ، وتطورت لثورة سكاكين ، ثم قتل جنود وخطف سلاحهم مثل عماد عقل كان يقتل الجنود ويعود بسلاحهم "

وكانت بداية فكرة تأسيس كتاب القسام من مدينة رفح حسب إفادته ، وقال " قاد الشهيد صلاح شحادة كتائب القسام منذ التأسيس حتى استشهاده

عاد أبو عمار مع جيشه لقطاع غزة بالحجم الحقيقي ، وكانت المسالة بالبداية ولادة جديدة بعد اتفاقية أوسلو ، واستقبل الناس أبو عمار والسلطة استقبالا حارا كنوع من التحرر من الاحتلال وفرحة عارمة ، ولم يكن لدى حماس الجاهزية لدخول معترك سياسي .

وعملت حماس على عدم الاصطدام مع السلطة في الواقع الجديد وقدومها لغزة ، وسرعان ما قامت الأخيرة بإغلاق مؤسسات تابعة لحماس والعديد من حملات الاعتقالات بحق قيادات في الحركة ، وقال " بعد التنسيق الامنى بين السلطة والاحتلال قمنا بقتل اثنين من اليهود ودفنهم داخل أراضينا المحتلة عام 48 ، ولم يكشف عنهم إلا من خلال التحقيقات التي أجرتها السلطة مع المقاومين ، وكان هدفنا مبادلتهم بأسرى داخل السجون ، ولكن تم تسليمهم بعد الكشف عنهم بدون مقابل" بحسب النشار.

وبعد فشل كامب ديفيد التقى شخصيات من حركة حماس مع أبو عمار تحت مسمى حزب الخلاص الوطني ، لمناقشة فشل كامب ديفيد واقتحام شارون للمسجد الأقصى ، وابلغ أبو عمار قيادة حماس بموافقته على المقاومة والتحرك العسكري لهم رسميا ضد الاحتلال ، وكان موقفه ايجابيا في ذلك وأفرج عن العديد من شباب حركة حماس المسجونين داخل سجون السلطة .

وكانت السلطة تمول حزب الخلاص بميزانية شهرية كحزب فلسطيني ، وساعد رجال الأجهزة الأمنية حركة حماس بإمدادهم بالسلاح والذخيرة عن طريق صداقات شخصية بين شباب حماس وأفراد الأجهزة الأمنية ، وبدأ التصعيد والانتفاضة الثانية باغتيالات واقتحامات ومواجهات مع الاحتلال الاسرائيلى ببدايات عسكرية بسيطة وحوصر أبو عمار في مقره .

وقال " وصلنا لحرب الأنفاق مع الاحتلال الاسرائيلى وكنا نفجر المواقع الإسرائيلية داخل غزة عن طريق أنفاق ، وتمنت إسرائيل أن يأتي بحر ويزيل غزة بعد هذه التفجيرات والقدرات العسكرية ، ودخلنا المعترك السياسي وانتخابات البلديات والتشريعي وفزنا وكان ذلك زلزال سياسي هز إسرائيل والمنطقة ، ورفض الجميع الاعتراف بنا حكومة منتخبة ورفضوا التعامل معنا ، فقمنا بحسم عسكري بقطاع غزة  "

وأشار  " لم نكن مهتمين بالمواجهة العسكرية ، لكن ظروف المرحلة التي مررنا بها اضطرتنا لذلك ، وقتل خلال الأحداث 170 عنصرا من حماس  و 266 من حركة فتح ، وحينما حاصرت حماس مقر السرايا ، كان يتواجد داخلها 2000 عنصر من أجهزة السلطة ، وقام العقيد المسئول حينها من عائلة العقاد بالاتصال بقيادة حماس طالبا منا توفير الأمان لخروجه هو وكل العناصر من مقر السرايا وتسليم الموقع ، وأجرينا اتصالات حتى خرجوا سالمين  "

وأكد أن حركته هدفها تحرير فلسطين ، ويهمها ألان انجاز المصالحة للمحافظة على القضية الفلسطينية .
مع مراسلنا اسامة الكحلوت