مؤسس نظرية القتل من مسافة صفر..عماد عقل : 3 سنوات جهادية اسفرت عن مقتل 15 جندى والاستيلاء على سلاحهم

مؤسس نظرية القتل من مسافة صفر..عماد عقل : 3 سنوات جهادية اسفرت عن مقتل 15 جندى والاستيلاء على سلاحهم
غزة -خاص دنيا الوطن-اسامة الكحلوت

اتصلت به  تليفونيا  وطلبت منه ان اجري معه لقاءا صحفيا بعد ان عرفته على نفسى  وعن عملى كصحفى فى موقع دنيا الوطن ، فاخبرنى انه ينأى بنفسه عن الاعلام ولا يحب الحديث عبر وسائل الصحافة  ولا تستهويه اللقاءات الصحفية ،ولكن عندما اخبرته ان اللقاء بخصوص ذكرى استشهاد القائد عماد عقل بادرنى فورا باهلا وسهلا وبيتى مفتوح فى اى وقت وانه لا يملك الا الموافقة لان الحديث عن الشهيد عماد رفيق دربه  والرجل الذى احب لا يرفض .

انه بشير حماد ابو غسان رفيق درب عماد عقل فى رحلته الجهادية ومسؤول المجموعة التى عمل فيها عماد بكتائب الشهيد عز الدين القسام ، بدأ حديثه بالقول " عماد هو اول من اكتشف خطأ المقولة التى تقول الجندى الاسرائيلى الذى لا يقهر او الجيش الذى لا يقهر  فالغى هذه المقولة بعملياته الفدائية الجريئة التى اسفرت عن قتل 15 صهيونيا ، فى عمليات متعددة  كلهم من ذلك الجيش الجبان كما واستولى على معظم اسلحتهم وعتادهم بعد العودة".

كان عماد يعتمد فى عملياته على جرأته المتناهية  وعلى عنصر المفأجاة ومقابلة الجنود وجها لوجه من مسافة صفر ، مع صرخات الله اكبر .

ويحتفظ بشير حماد بصورة شخصية لعماد عقل اخبرنا انه هو من التقطها له وقال انه يعتبر الشهيد عماد احد المفاصل الاساسية ومفرق مهم فى العمل الفدائى الفلسطينى الحديث ، بل انه فى نظره يعتبر اسطورة الجهاد والمقاومة فى فلسطين ، فهو بدأ جهاده بدون اى امكانيات بسكين ، احضره من بيته ويقينه ان الله سيبارك فى هذا العمل وفعلا كان له ما كان ، وعند رحيل عماد وصعود روحه الطاهرة الى بارئها تفجرت كل براكين الحقد من فم رابين وهو يهنئ جيشه بقوله " مات ذى الارواح السبع " وهذا احد الاسماء الذى لقبه بها الصهاينة .

وقال حماد ان عماد هو من رسم الطريق لم جاء بعده ، وهو الذى استطاع ان يقلب الموازين  ويغير فى معادلة الصراع .

عماد عقل ولد سنة 1971 واستشهد فى  24/11/1993 ن وانضم للعمل المقاوم منذ طفولته قبل بلوغه السادسة عشر من عمره .

كان عماد حيثما يحل  تنقلب الموازين ، فهو الذى حول حارة الفالوجا فى معسكر جباليا  خاصة الاشبال  الذى كانوا يلتفون دائما حوله الى حماس .

واعتقل عماد منذ صغره فكان اول اعتقال  له عام  1988 حيث قضى فى السجن 15 شهرا ، بتهمة اعمال الانتفاضة  وكان السجن بالنسبة له خلوة مع الله ودعوة للاسلام  ومدرسة تعلم فيها دروس النضال والصبر ، وقسم حيث اقسم ان لا يعود للسجن مرة اخرى  .

ويتحدث بشير حماد عن عماد  وكانه يحفظه عن ظهر قلب ، ويحفظ كل قصصه ومغامراته الجهادية ، كيف لا وهو رفيق دربه وصديقه الذى لم يكن يفارقه ، طوال سنتين من رحلته الجهادية  ، فيقول "مع بداية الانتفاضة فى  9/12/1987  يوم الاربعاء الساعة السابعة صباحا  ، وفى تمام الساعة التاسعة استشهد حاتم السيسى ، اول شهيد فى الانتفاضة الذى كان يقف جنبا لجنب لعماد عقل  وهما يقذفان جنود الاحتلال بالحجارة .

كان عماد مميزا فى تفكيره منذ صغره ، فحين كانت حماس فى الانتفاضة الاولى تواجه جيل الاحتلال من خلال تكوين مجموعات صغيرة تقذف الحجارة والمولوتوف على الجيش ، وكان يتم توزيع هذه المجموعات على مفارق المخيمات والازقة ، وكانت هذه المجموعات ترفض السماح لاحد من الغرباء الدخول  بينهم ، كان عماد سباقا فى تفكيره حين اقترح ان تنفتح هذه المجموعات على كل الناس ، وقال " ما المانع ان ننضم كل الناس فى مجموعات ونقودهم  ، وانا جاهز لقيادة تلك المجموعات ، وحتى لو كان بين افرادها  عميل او اثنين ، فهذا يجب ان لا يوقفنا  عن العمل وتنظيم الناس وترتيب الصفوف والتعامل مع الجميع .

وقال " عماد قائد منذ صغره فكان كان فى المجموعة جادا قوى الشخصية  ، وكان دائما يسعى كى تمتلك المجموعة قطعة سلاح ، وعندما امتلكت القطعة الاولى وضعها على الارض وسجد لله شاكرا فوقها وهو يبكى دموع الفرح " .

وكان مسؤولا عن مجموعة الرصد التابعة للمجموعة التى كان يعمل فيها ،  فهو  من يحضر الاهداف كما انه كان مشارك دائما فى التخطيط والتنفيذ .

انطلقت المجموعة بعد حصولها على السلاح لتنفيذ عملياتها النوعية فى قطاع غزة ، فكانت اول عملياتها استهداف قائد شرطة قطاع غزة الميجر جنرال يوسى افنى ، وذلك فى 4/5/1992 ، حيث تمت فى منطقة الشيخ عجلين واعترف العدو باصابة قائد الشرطة واصابة احد افراد الشين بيت معه .

واستطاع عماد ان يشترى قطع اخرى من السلاح بعد تجميع مبلغ من اهل الخير فى قطاع غزة  ، وبدأ العمل  بقوة وكان لعماد ما اراد ، فبعد الاعتراف على عماد بعد اعتقال احد افراد المجموعة اخبره المحامى انك تسجن على هذه الاعترافات سبع سنوات ،  فقال اذا انا لن استسلم واسلم نفسى ، واننى اعتبر نفسى منذ اللحظة مطاردا لقوات الاحتلال ، ومن حينها بدأ حربه الحقيقة على جيش الاحتلال .

وقال لمراسل دنيا الوطن " ان عماد هو صاحب فكرة ذهاب المجموعة للضفة الغربية فبعد التضييق عليهم من قبل جيش الاحتلال ، ومخابراته وكانوا يبحثون عن مخرج ، فجائهم عماد بالحل وهو الخروج للضفة ، اذ المكان هناك اوسع والمخابئ متوفرة والعمل افضل  ، وفعلا كلف عماد احد الشباب  " الشهيد صلاح جاد الله " ، بمهمة ايجاد هويات اسرائيلية وتم عمل هويات للمجموعة وانتقالها للضفة  " .

وهناك نفذ عماد عدة عمليات اغلبها فى مدينة الخليل وقراها ،  بعد ان قام بتنظيم مجموعة من الشباب هناك ، وكانت عملياتهم تمتاز بالجرأة المتناهية التى تركت بصمة عماد عليها ، مما جعل مخابرات الشين بيت تقول ان عماد وراء هذه العمليات .

ونفذ عماد عقل عدة عمليات فى الخليل مع مجموعة من الشباب مثل عملية الحاووز وقتل فيها اربعة جنود من ضمنهم امرأة برتبة ضابط ، وقتل جندى وجرح اخر فى عملية اخرى ، وعاد فيما بعد على الهوية المزورة لقطاع غزة مصطحبا مع سلاح داخل الشنط ، ونفذ بعدها على الفور عملية شرق الشجاعية قتل فيها 3 جنود وقام بالاستيلاء على سلاحهم  وانتشرت صور الجنود فى ذلك الوقت ملقاة بجانب الجيب الاسرائيلى .

وقتل عماد خلال رحلته الجهادية ما يقارب 12 جندى اسرائيلى خلال ثلاثة سنوات من العمل الجهادى ، وخلال استشهاده قتل 3 جنود اخرين ، حيث كان عماد لديه القدرة على التخفى لشخصيته المتماثلة مع الناس .

واستذكر حماد بعض المواقف لعماد ، فقال لدنيا الوطن " حين تم توزيع مبلغ بسيط على اسرة كل فرد من افراد المجموعة ، رفض عماد ان يرسل لاسرته اى مبلغ رغم حاجة اهله الماسة فى ذلك الوقت ، وقال لا اريد ان ينقص اجرى " .

وموقف اخر يقول " ذهبنا مرة الى بحيرة طبريا فى مهمة عمل ثم لاحظنا بعض التحركات الغريبة بجانبنا ، وشعرنا انه مشكوك بنا لاننا عرب وغرباء عن المكان ، ثم لاحظنا وجود طائرة تحوم فوق المكان ، وبعد يقيننا اننا وقعنا فى فخ ، بادر عماد بفكرته ، علينا ان نتصرف طبيعى وليبقى كل منا فى مكانه وفعلا قام الجميع بذلك ، وبعد فترة واذا بالامور تعود لطبيعتها ولم يراجعنا او يوقفنا احد " .

وقال " كان عماد حذرا جدا لدرجة انه اذا كان مختبئ بمكان وسمع صوتا او شعر بوجود حركة فى الخارج ، تفسيره دائما ان هذا مقدمة لاستهدافه ، وربما هذا كان احد الاسباب لاستمراره الثلاث سنوات وهو مستهدف رقم واحد ، ولم يستطيعوا الوصول اليه  -ر غم قلة الامكانيات –" .

وانهى حماد حديثه بالقول استشهد عماد رحمه الله وعمره اثنى وعشرين ربيعا ، واستشهد وهو صائم فى بيت الوالدة الفاضلة ان نضال فرحات رحمها الله ، وذلك بحى الشجاعية فى مدينة غزة .





التعليقات