عريقات: مشاورات مكثّفة حول مشروع القرار الفرنسي

عريقات: مشاورات مكثّفة حول مشروع القرار الفرنسي
رام الله - دنيا الوطن
قال الدكتور صائب عريقات، رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظّمة التحرير الفلسطينيّة، عضو اللجنة المركزيّة لحركة فتح، إنّ الإستراتيجيّة الفلسطينيّة ترتكز على عدد من المحاور، أولها إحباط أهداف الإستراتيجيّة التي تنفّذها حكومة بنيامين نتنياهو من خلال جعل السلطة الفلسطينيّة سلطة من دون سلطة، والاحتلال من دون كلفة، وإبقاء قطاع غزة خارج الفضاء الفلسطيني، في سياق فرض وجود دولة استعماريّة عنصريّة واحدة بنظامين، مشيرًا إلى تصعيد الإجراءات الإسرائيليّة، بما في ذلك حزمة القوانين الخمسة التي تشمل الدولة اليهوديّة، وقسم الولاء، والطرق المعقّمة، والحافلات، وتطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات.

وأوضح أن مرتكزات الإستراتيجيّة الفلسطينيّة تشمل أيضًا تحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، وإعادة النظر في العلاقات الفلسطينيّة الإسرائيليّة انطلاقًا من مبدأ تبادليّة الالتزامات، وتدويل القضيّة الفلسطينيّة، بالاستفادة من الفرصة التاريخيّة السانحة لعودة فلسطين إلى خارطة الجغرافيا، من خلال التوجه إلى مجلس الأمن، والانضمام إلى المزيد من المواثيق والوكالات الدوليّة، واستمرار العمل لعقد اجتماع للأطراف المتعاقدة السامية على مواثيق جنيف في 17 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وكذلك العمل من أجل تطبيق نظام خاص لحماية المدنيين في زمن الحرب.

وتطرق إلى المشاورات الجارية مع فرنسا ودول أوروبيّة أخرى بخصوص مشروع القرار الفرنسي المزمع تقديمه إلى مجلس الأمن، ويتضمن عناصر لتسوية سياسيّة عبر مفاوضات فلسطينيّة إسرائيليّة وفق سقف زمني محدد.

وكان عريقات يتحدث خلال لقاء نظمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجيّة (مسارات) في مقره بالبيرة، حول "الإستراتيجيّة الفلسطينيّة، وفي القلب منها مدينة القدس"، بحضور عدد من الشخصيات الفلسطينيّة.

وأدار اللقاء الأستاذ هاني المصري، مدير عام المركز، الذي رحب بالحضور، وطرح تساؤلات عدة حول ما إذا كانت هناك إستراتيجيّة فلسطينيّة شاملة لمجابهة التحديات، لاسيما المخاطر التي تهدد مدينة القدس، وحول جدوى التوجه الفلسطيني العربي إلى مجلس الأمن للمطالبة بإنهاء الاحتلال خلال مدة زمنيّة محددة، في ظل الحديث عن مشروع قرار فرنسي يحدد جدولا زمنيا للمفاوضات بدلا من إنهاء الاحتلال، إضافة إلى الحديث عن تحميل الاحتلال مسؤولياته عن احتلاله، وهل المقصود حل السلطة وتسليم مفاتيحها، أم تصويب وضع السلطة من خلال إعادة النظر في شكلها ووظائفها والتزاماتها.

وقال عريقات إن فرنسا ستقدم مشروع قرار إلى مجلس الأمن يشكل جسرًا باتجاه إقامة الدولة الفلسطينيّة، من خلال تحديد عدة أسس لاستئناف المفاوضات، منوها إلى أن هذا المشروع الذي تجري مشاورات فلسطينيّة – فرنسيّة مكثفة بشأنه، يقوم على وضع سقف زمني محدد للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ضمن عمليّة تستمر حتى نهاية العام 2017، ومن ثم ستعترف فرنسا، ووربما بعض الدول الأوروبيّة، بالدولة الفلسطينيّة.

وأشار إلى أن كلا من ألمانيا وبريطانيا قد دخلتا على خط صياغة مشروع القرار، وأن الأخيرة طرحت بعض النقاط الإضافيّة التي لا يوافق عليها الجانب الفلسطيني، وبخاصة محاولة الزج بالدولة اليهوديّة من خلال تضمين مشروع القرار بندًا حول القرار 181 مع النص على أنه يتضمن إشارة إلى دولة عربيّة ودولة يهوديّة، وبندًا آخر يتحدث عن إعادة توطين وتعويض اللاجئين الفلسطينيين، إلى جانب نقطة تشير إلى نزع سلاح الدولة الفلسطينيّة، مؤكدًا أنه لا يمكن القبول بالدولة اليهوديّة لأن الاعتراف بها سيدحض الرواية التاريخيّة الفلسطينيّة ويعني إقرارا من الفلسطينيين بأن فلسطين ليست وطنهم.

وأكد عريقات أن الوضع الراهن هو أخطر وضع على القضيّة الفلسطينيّة، لا سيما بعد فشل الإدارة الأميركيّة على مدار تسعة أشهر في التوصل إلى اتفاق على المبادئ بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأنه بعد انتهاء هذه المهلة لم تجد القيادة مجالًا إلا التوجه نحو تدويل القضيّة الفلسطينيّة، من خلال الاستفادة من الاعتراف الأممي بالدولة، الذي يتعزز باستمرار من خلال اعتراف الدول والبرلمانات بالدولة الفلسطينيّة، وكان آخرها البرلمان الفرنسي الذي صوت لصالح الدولة الفلسطينيّة.

من جانبهم، دعا المشاركون في اللقاء إلى تبني إستراتيجيّة فلسطينيّة شاملة تستند إلى استعادة الوحدة الوطنيّة وإنهاء الانقسام، وترتيب البيت الفلسطيني من خلال عقد اجتماع الإطار القيادي المؤقت للمنظمة وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير، وتتضمن تبني المقاومة بكل أشكالها، بما يتلاءم مع خصوصيّة كل تجمع، ووقف التنسيق الأمني، والانضمام إلى الوكالات الدوليّة، بما فيها محكمة الجنايات الدوليّة، ومقاطعة إسرائيل وعزلها ومحاسبتها على كل ما اقترفته من جرائم بحق الشعب الفلسطيني.

وأوضحوا أن الإستراتيجيّة الحاليّة تبدو أشبه بخطة تحرك دبلوماسي، بدلا من أن يكون هذا التحرك أحد مكونات الإستراتيجيّة الشاملة، محذرين من العودة إلى مسار المفاوضات الثنائيّة في ظل الاختلال الفادح في ميزان القوى، والميل نحو مزيد من التطرف والتعنت في أوساط الحكومة والرأي العام في إسرائيل، من خلال تتويج المشاورات الحاليّة بقبول مشروع القرار الفرنسي الذي يستبدل إنهاء الاحتلال وفق سقف زمني بالدعوة إلى استئناف المفاوضات وفق جدول زمني يقطع الطريق على تبني خيارات فلسطينيّة بديلة.

وأكدوا على ضرورة التركيز على مواجهة وإحباط السيناريوهات الإسرائيليّة من خلال إيلاء مزيد من الاهتمام لدعم صمود المقدسيين في مواجهة سياسة الاستيطان والتهويد وهدم المنازل والعقوبات الجماعيّة، ودعم المناطق المهددة بالمصادرة والاستيطان والجدار في المناطق المصنفة (ج)، وإعادة النظر في شكل السلطة ودورها ووظائفها عبر التخلي التدريجي عن الالتزامات المجحفة بموجب اتفاق أوسلو، سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا، وبخاصة وقف التنسيق الأمني، وكذلك إعادة إعمار قطاع غزة ورفع الحصار المفروض عليه، وإدماج كافة التجمعات الفلسطينيّة في الوطن والشتات ضمن الإستراتيجيّة الوطنيّة الشاملة، والانضمام الفوري للوكالات والمواثيق الدوليّة، وفي مقدمتها محكمة الجنيات الدوليّة، منوهين إلى أن كل ذلك يتطلب قبل كل شيء إعطاء الأولويّة لاستعادة الوحدة الوطنيّة وإنهاء الانقسام.

التعليقات