نابليون وغزة

نابليون وغزة
نابليون وغزة
بقلم:د.كامل خالد الشامي
كاتب وباحث

عندما كنت أشارك قبل عدة أعوام في حفل متواضع لافتتاح مشروع صغير كنت قد قمت بالأشراف علية من ألفه إلي يائه , وقد اعتلي المنصة الشخص المسئول الذي كلفني بالمشروع وبعض مرافقيه وشخصيات أخري لا علاقة لها بتاتا بالحدث,ولم يبقي لي مكان اجلس فيه معهم وكانت كل المقاعد محجوزة وأخيرا حصلت علي مكان في آخر التجمهر, ولكني تذكرت ما كان يردده الناس عن نابليون" أينما يكون نابليون تكون القيادة" .

وفجأة وعندما كان الشخص المسئول يلقي كلمته أراد مني بعض المعلومات ولم يجدني معه علي المنصة فنهر بعض مرافقيه بصوت غاضب وطلب منهم أن يبحثوا عني, فوصلت إلي المنصة.وقد أبدي سكان الحي سرورهم لهذا المشروع وطلبوا من المسئول المزيد من المشاريع ونظر المسئول إلي وكأنه يقول لي نفذ ما يطلبونه ووعدهم بأن أتولي أنا كافة مشاريع المنطقة بصفتي مقيم فيها .لقد امتعض من كان يجلس علي المنصة من وجودي فجأة بينهم , فهم يعتقدون أن من يقوم بعمل مشروع علية أن لا يظهر أمام الجمهور, فهم قادة الشعب وهم من يمثله أمام الشخصيات الاعتبارية, وقد ازداد امتعاضهم عندما أوكلت لي كل مشاريع المنطقة.

ولدينا مشكلة لم تتحسن مع الوقت ولم تتغير فالمسئولون محاطون عادة ببطانة مختلفة الثقافة وهمها الأول والأخير هو الظهور في العلن بجانب المسئول أو خلفه أو في أي مكان قريب منه وهم عادة يقدمون أنفسهم كمستشارين وكحماية أشداء في تصرفاتهم, وعندما يحل مسئولا ضيفا علي منطقة ما يظهرون فجأة ولا يتركون للمسئول فرصة الاستماع إلي شكاوي الشعب ويسكتون الأصوات التي تحاول أن تعرض مشاكلها,ويصورون الواقع وكأن كل شيء في العسل,وهكذا تضيع فرصة الشهادات الحية من الناس إلي قياداتهم. ولا أعرف حقيقة لماذا نكبل هذه البطانة المسئولين؟ هل هو حب الظهور أم الفشل؟ أم البطالة أم حب الأذى؟

في اليوم التالي حضرت البطانة في الصباح الباكر وكنت أظن أنهم قد جاءوا بقائمة مشاريع لتطوير منطقتهم, ولكنهم جاءوا ليعرضوا علي المسئول أسم شخص يريدون أن يكون هو المسئول عن المشروعات وليس أنا,وكعادتي ذهبت ولم انظر مرة واحدة إلي الخلف.
ما زلنا نعاني من هذه البطانة التي تعمل دون كلل أو ملل وفي كل الأوقات علي إفساد كل شيء وتسدد الضربات وتصفي الحسابات وهم ينظرون إلي الموضوعات من منظار ضيق ,فعلي سبيل المثال لا الحصر يصرخ الناس في الزنة وخزاعة وجحر الديك الذين دمرت بيوتهم وممتلكاتهم, ولكن البطانة السيئة تقترح علي المسئولين إغاثة المناطق المنكوبة في المدن لأن هذا له مردود ايجابي بالنسبة للعمل غير الحكومي, ولكنهم لا يعرفون أن الناس في المناطق المهشمة هم بحاجة ماسة إلي الإغاثة.
أعاننا الله علي جيش البطانة وشهود الزور الذين يسعون إلي التخريب والتضليل وهم بحاجة فعلا إلي نابليون جديد يلقنهم دروسا في الأدب.
[email protected]

التعليقات