ورشة عمل بحثية - فكرية في بيروت حول تجربة الجبهة الديمقراطية ومسارها النضالي

رام الله - دنيا الوطن
تحت عنوان "تجربة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ومسارها النضالي" وبدعوة من مكتب التثقيف المركزي في الجبهة، اقيم في قاعة الشهيد ابو عدنان قيس في مخيم مار الياس في بيروت ورشة عمل بحثية – فكرية ناقشت تجربة الجبهة الديمقراطية على يد ثلاثة كتب ضمن سلسلة «من الفكر السياسي الفلسطيني المعاصر» وهي: "مخاض التجديد 1988 1998"، "في المسألة الفلسطينية 1975 ـ 2013، و "في جماهيرية الحزب 1998 ـ 2013". بحضور السفير الفلسطيني اشرف دبور وعدد من قادة الاحزاب اللبنانية وفصائل فلسطينية وشخصيات فكرية واكبت هذه التجربة.

بدأت الورشة بكلمة ترحيبية من مسؤول مكتب التثقيف في لبنان سامر منّاع ثم الوقوف دقيقة صمت تحية للشهداء تلا ذلك النشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني ثم قدم مسؤول التثقيف المركزي في الجبهة فتحي كليب استعراضا لمحتوى الوثائق المطروحة للنقاش..تلاه نائب رئيس الحزب السوري القومي توفيق مهنا فدعا لاعادة الاعتبار لمركزية قضية فلسطين ومقاربة موضوع الاستقلالية في القرار بما يتناسب مع الظروف والمستجدات التي سجلت منذ العقود الماضية..

صلاح صلاح اعتبر أن اليسار الفلسطيني تحدث بشكل مبكر عن مخاطر تحكم اليمين الفلسطيني بمقاليد السلطة ، لكنه لم ينجح بكل اطرافه في لجم هذا اليمين وهو مطالب اليوم بتعزيز نفوذه وزيادة التعاون والتنسيق فيما بينه. ونوه الباحث صقر ابو فخر بهذا الجهد التوثيقي الممتاز الذي تضعه الجبهة الديمقراطية بين ايدي الباحثين للاضاءة على تاريخ النضال الفلسطيني انطلاقا من تجربة واحد من اهم فصائل العمل الوطني..

المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية معن بشور اعتبر ان دور اليسار واضح في الكثير من التحركات التي تشهدها عشرات المدن الاوروبية تنديدا بالسياسات الغربية ودعما للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.. فيما قال رئيس المجلس الوطني في الحزب الشيوعي اللبناني موريس نهرا ان الواقع الحالي يؤكد ان هناك امكانية لنهوض القوى اليسارية في مجتمعات لم يتبلور فيها التكوين الطبقي بعد.. وقال القيادي في حزب الله عطاالله حمود: باطلاعي على الوثائق اجد حديثا مطولا عن الوحدة الوطنية باعتبارها احد ركائز البرنامج السياسي للجبهة وما احوجنا اليوم لهذه الوحدة في مواجهة المشروع الصهيوني.. ودعا عضو المكتب السياسي لحركة امل محمد جباوي مختلف الحركات السياسية الى تنظيم مثل هذه المراجعات وتسليط الاضواء على على نماذج وتجارب اليسار العالمي وانعكاسها على منطقتنا العربية وحركاتنا السياسية والفكرية.

مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان مروان عبد العال اعتبر ان هناك ازمة ليس على مستوى اليسار فقط، بل وايضا على مستوى الفكر السياسي الفلسطيني الذي ما زال عاجزا عن مواكبة المتغيرات. فيما اكد امين سر اقليم حركة فتح في لبنان رفعت شناعة ان سياسة الجبهة كانت منذ البداية منفتحة على القوى السياسية ، والقاعدة التي حكمت هذا الانفتاح هي البحث عن القواسم المشتركة.. ورأى النقابي اللبناني محمد قاسم ان هناك تراجعا في مسار حركة التحرر الفلسطينية، وان مسؤولية جميع الفصائل السعي الدائم من اجل تطوير الاداء النضالي للشعب الفلسطيني..

واعتبر امين سر حركة فتح الانتفاضة حسن زيدان ان وجود اليسار الفلسطيني ساهم في الحفاظ على التوازن في ساحتنا.. غير ان تراجع دور اليسار اسهم في بروز بؤر التطرف، واشار صلاح اليوسف عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية ان الجبهة هي الاكثر غزارة بالانتاج الفكري والافضل بين الفصائل لجهة الالتزام بالعملية الديمقراطية داخل اطرها.. ولاحظ مسؤول حزب الشعب الفلسطيني في لبنان ايوب الغراب التطور الفكري الدائم في البرنامج السياسي للجبهة الديمقراطية الذي خضع لتعديلات جوهرية في سياق التطور الطبيعي لمسيرة القضية الوطنية....

المداخلة الختامية التي قدمها الرفيق فهد سليمان نائب الامين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قدمت الكثير من الايضاحات واجابت عن الكثير من الاستفسارات حيث بدأها بشكر جميع القوى السياسية اللبنانية والفلسطينية على تجاوبهم مع الدعوة التي ارادتها الجبهة الديمقراطية مناسبة للحوار حول قضيتنا الوطنية. فالوثائق التي واظبت الجبهة الديمقراطية على نشرها منذ سنوات تقدم تجربة فصيل يساري له اسهاماته الغنية في الفكر السياسي الفلسطيني، ونأمل ان تشكل اسهاما في تجديد مسار وبنية الحركة الوطنية برمتها، وحوارنا اليوم هو جزء من المراجعة المطلوبة لكل تفاصيل نضالنا وتجربتنا على مختلف المستويات خاصة في هذه المرحلة التي تتطلب منا جميعا تقديم اجابات عن الكثير من الاسئلة المطروحة على المستوين المحلي والدولي.. وبالتالي فان تجربتنا النضالية ليست ملكا للجبهة ومناضليها فقط، بل هي ملك لعموم الحركة الوطنية ولليسار الفلسطيني واللبناني.. وان الجبهة تطرح هذه الوثائق للنقاش يقينا منها بأننا قادرون على ان نشتق منها الدروس التي تفيد نضالنا خاصة وان الحضور اليوم ينتمي الى مدرسة كفاحية واحدة.

واضاف سليمان قائلا: ان الوحدة الوطنية واولويتها شكلت احدى المرتكزات الرئيسية التي قامت عليها سياسة الجبهة الديمقراطية الى جانب موقعية البرنامج المرحلي ومرجعيته والعلاقة المتينة بين البرنامج والحركة الشعبية بمختلف تشكيلاتها، وبالتالي فان نجاح المقاومة الفلسطينية بدحر الاحتلال الاسرائيلي هو امر مرهون بهذا الوحدة، لأن اي مكسب على مستوى الوحدة الوطنية سينعكس حكما على جميع عناصر القضية الوطنية.. لذلك نقول ان الوحدة التي تشكلت اثناء العدوان على قطاع غزه والتي ترجمت بضيغة الوفد الفلسطيني الموحد كان ينبغي استثمارها سياسيا بالمراكمة على ما تحقق من انجازات على المستوى العسكري، غير ان هناك اتجاهات في الساحة الفلسطينية ما زالت تراهن على عملية تفاوضية اثبتت التجربة عقمها وعجزها عن تحقيق انجازات لصالح شعبنا الفلسطيني..

وتابع سليمان: لقد انجزت حركتنا الوطنية عمليتين تاسيسيتين، كان الاول بتاسيس منظمة التحرير والثاني بدخول الفصائل اليها لكننا لم نتمكن بعد من النجاح في التاسيس الثالث وهو اعادة صياغة نظامنا السياسي بما يستوعب المتغيرات.. وهنا تكمن اهمية الدعوة للاصلاح الديمقراطي على مستوى مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وبما يسهم في تجديد بنية ومسار حركتنا الوطنية في اطار صيانة المشروع الوطني التحرري والتقدم الى الامام لجهة انتزاع جميع حقوق شعبنا.

وعن موضوعة اليسار قال سليمان: صحيح ان هناك مشكلة يعيشها اليسار الفلسطيني، غير ان معالجة هذه المشكلة لا تكون بوصفات سحرية بعيدة عن الواقع. وما هو مطلوب اليوم ليس الوحدة الاندماجية كما يعتقد البعض، بل تعزيز صيغ التعاون والتنسيق بين جميع مكونات اليسار وبما يجعلها اكثر التصاقا بالحالة الشعبية، وهذا ما نأمل له النجاح في المرحلة القادمة، لاننا ندرك الدور الكبير الذي يمكن لقوى اليسار ان تلعبه سواء على المستوى السياسي بالحد من اندفاعة الفريق الفلسطيني نحو عملية تفاوضية يجب تغيير اسسها بشكل كامل او لجهة التغييرات الجوهرية المطلوبة على السياسات الاقتصادية والاجتماعية للسلطة الفلسطينية، وهذا ما يجعلنا مطالبين ايضا بتطوير اداءنا وصيغ عملنا في اطار عملية المراجعة المطلوبة.

التعليقات