لماذا انتفضت القدس؟!

لماذا انتفضت القدس؟!
بقلم: يحيى اليعقوبي

يقف خلف المظاهرات الغاضبة في القدس أرقام ومعاناة تفسر حقيقة هذا الغضب الذي انفجر دفعة واحدة في وجه الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه الذين يخططون لتقسيم القدس وتهويدها بشكل كامل وبالتالي طمس الحضارة العربية والإسلامية والوجود التاريخي الفلسطيني فيها.

إحصائيات من منظمات حقوقية توضح أن 40 ألف بيت في القدس مهددة بالهدم لعدم وجود ترخيص، إضافة إلى المبالغ الباهظة التي يفرضها الاحتلال على تلك التراخيص التي تصل لقرابة  300 ألف دولار لبناء بيت واحد فقط.

والقدس هي المكان الوحيد في العالم الذي يجبر فيه الإنسان على هدم منزله بنفسه نظرا للغرامة الكبيرة التي تفرضها سلطات الاحتلال إن قامت بإحضار آلياتها للهدم بمبلغ يصل إلى 65 ألف شيكل، رغم أن تكلفة الهدم تبلغ فقط 5000 آلاف شيكل، في ظلم واضح للاتفاقيات الدولية وقوانين حقوق الإنسان، وتهربا من مسؤولية الاحتلال فيما يتعلق بالحقوق المدنية في المدينة المقدسة.

ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يرغم الاحتلال المقدسيين بدفع رسوم صحية ودراسية وضريبة تقدر بمبلغ  3000 شيكل شهريا.

كما أن 60% من المحال التجارية تصل نسبة مديونيتها لبلدية الاحتلال بملايين الشواكل نتيجة الضرائب الباهظة المفروضة عليهم، التي تفرضها على البائع الصغير والكبير، رغم علم الاحتلال أن هناك محال تفتح فقط من أجل إثبات الوجود والحفاظ على الهوية المقدسية الفلسطينية.

فالمدينة  بحاجة لقرابة 20 ألف وحدة إسكانية تحتاج للبناء الفوري للحد من الازدحام ولعدم وجود شقق نتيجة مخططات الاحتلال التهويدية، بعد وصول سعر الشقة غير الجاهزة لنحو 300 ألف دولار بمساحة 120 مترًا.

كما يوجد في المدينة نحو 20 ألف طالب في القدس لا مقاعد دراسية لهم إن كانوا بمدارس السلطة أو وكالة الغوث " الأونروا"، أو المدارس الخاصة، وحتى مدارس سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وبات واضحا أن الاحتلال أحكم التضييق المالي على أهالي القدس إلى درجة لا يستطيع حتى رجال الأعمال تحمل كل هذه التكاليف والضرائب في ظل تخلي الأمتين العربية والإسلامية وحتى السلطة الفلسطينية عن دعم القدس وصمودها في وجه هذا الكم الهائل من الظلم والاستفراد والاستبداد بالمدينة دون تدخل أحد لنصرتها.

وذلك لإجبارهم على القبول بالمغريات والملايين التي يعرضها عليهم إذ يعرض أحيانا مليون دولار أو اثنين أو ثلاثة ملايين في الشقة السكنية الواحدة لشرائها من المقدسيين حسب موقعها وأهميتها. 

وأمام ذلك الظلم، خرج المقدسيون عن صمتهم فالمعركة الآن هي إثبات الوجود فلا بد لهم من ذلك، فإن لم يخرجهم الاحتلال من بيوتهم اليوم سيخرجهم غدا أو بعد غد فهو مخطط لتهويد المدينة حتى  2020م لتصل نسبة السكان المقدسيين وفق ما ينص عليه المخطط إلى 12%، علما أن نسبة المقدسيين الحالية إلى 35% من سكان القدس.

فالمطلوب الآن هو تدخل محلي وعربي وإسلامي عاجل ودعم القدس ماليًا لكي تبقى صامدة في وجه الاحتلال، وعلى الضفة الغربية أن تخرج عن صمتها وتنفجر في وجه  الاحتلال فإن عاد الهدوء إلى القدس فإن الاحتلال سيستغل ذلك لتهويدها بصمت حتى نستيقظ في يوم من الأيام ونرى كل شيء خرج عن نطاق السيطرة.

التعليقات