مباراة كرة قدم في سخنين تتحول لمواجهة سياسية

مباراة كرة قدم في سخنين تتحول لمواجهة سياسية
رام الله - دنيا الوطن
في ظل التوتر بين اليهود والفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر، تحولّت الليلة الماضية مباراة كرة قدم ضمن الدوري الأعلى في إسرائيل بين فريقي أبناء سخنين و"بيتار القدس" -صاحب التوجهات اليمينية- إلى مواجهة سياسية وحدث أمني كبير.

المباراة التي جرت على ملعب الدوحة بمدينة سخنين داخل أراضي 48 انتهت بهزيمة فريق الدولة في إسرائيل ورمز قواها اليمينية "بيتار القدس" بهدف يتيم لصالح أبناء سخنين في الدقيقة 39 بركلة ذكية مباغتة من قدم اللاعب إسماعيل ريان.

وكان من المتوقع أن يشهد ملعب الدوحة -الذي بني على نفقة قطر- مباراة حماسية عادية، لكن الأجواء المشبعة بالتوتر بين الشعبين حولتها إلى حدث استثنائي تم تحت حراسة ألف رجل أمن منهم سبعمائة شرطي، وسط تدابير أمنية مشددة خوفا من تفجر مواجهات عنيفة.

وقبيل المباراة، هددت الشرطة الإسرائيلية بالرد الصارم على من يتلفظ بشعارات عنصرية وتسيء للرموز الدينية. ورغم حظرها، رفعت الرايات الفلسطينية من قبل مشجعي سخنين الذين اعتمر كثير منهم الكوفية الفلسطينية مقابل عدد كبير من الرايات الإسرائيلية لدى مشجعي "بيتار القدس" الذي يحمل اسم منظمة صهيونية طلائعية.

"نفديك يا أقصى"
وتجلى الطابع السياسي للمباراة -التي تأتي بتوقيت حسّاس- في شعارات المشجعين الذين بدوا كطريقة صوفية في حالة هيجان وهم يهتفون "بالروح بالدم نفديك يا أقصى" مقابل هتافات صهيونية من قبل مشجعي الفريق الخصم "بيتار القدس".

وقد شهدت المدينة قبيل المباراة -التي اتسمت بالخشونة وأخرج فيها الحكم عشر بطاقات صفراء- حالة طوارئ وترقب شديد وسط تعزيزات أمنية مشددة على الأرض، بينما حامت مروحية تابعة للشرطة الإسرائيلية فوق سماء المدينة.

وشاهد المباراة قادة التجمع الوطني الديمقراطي جمال زحالقة وحنين زعبي وباسل غطاس، وعدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية بالداخل، ورئيس بلدية سخنين مازن غنايم، وغطتها وسائل إعلام محلية وعالمية.
"علم وهدف واحد"
وعلى صفحتها في "فيسبوك" نشرت حنين زعبي قبيل المباراة شعارا يشي بالطابع السياسي للمباراة المشحونة "علمٌ واحد.. هدف واحد.. يللاّ سخنين يللاّ..".

وقال رئيس بلدية سخنين، للجزيرة نت، إن موجة التطرف العنصرية التي تجتاح إسرائيل الرسمية والشعبية هي سبب تحوّل المباراة إلى حدث سياسي، ونوع من التحدي بين الشعبين حول المدينة لما يشبه الثكنة العسكرية.

وعبّر غنايم عن سروره الكبير بانتصار فريق مدينته -الذي سبق وتولى إدارته- وانتهاء المباراة دون وقوع مواجهات عنيفة بين جمهور الفريقين. وقال "أنا سعيد بأننا أثبتنا قدرتنا على إلحاق الهزيمة بأشرس فريق إسرائيلي بروح رياضية عالية واعين للدلالة الرمزية فيها".

ساحة حرب
من جهته، بارك الفوز أيضا المؤرخ المختص بالتاريخ الفلسطيني البروفيسور مصطفى كبها، وقال فور انتهائه من مشاهدة المباراة، إن قضية القدس والمسجد الأقصى كانت حاضرة بكل قوة في المباراة التي طفت عليها مشاعر وطنية ودينية إلى جانب مشاعر التضامن مع الفريق على المستوى الرياضي.

وأوضح كبها، للجزيرة نت، أن وسائل الإعلام وأوساط السياسيين ساهموا في تحويل مباراة القدم لـ "ساحة حرب" بين علمين قوميين وبين شعبين يتواجهان في ساحات أخرى منذ عقود.

وتابع "سررت بأن  المباراة لم تنزلق لما هو خطير رغم المشادات واضطرار الحكم لوقفها عدة مرات، وقد رفعت النتيجة المعنويات الوطنية للفريق السخنيني والجمهور الفلسطيني العريض".

كما عبر مشجع الفريق الصحفي أسعد تلحمي عن فرحته بالفوز، وقال "شكرا كبيرا" لفريق أبناء سخنين لانتصاره على "فريق الدولة" في إسرائيل "وإخراسه العنصريين وناشطي حركة كاخ العنصرية وحماتهم".

من جهته، عبر أمير منزل، وهو مشجع حضر من النقب إلى سخنين، عن سروره لـ "رؤية كافة ناشطي اليمين المتطرف في الملعب وهم يكادون يموتون اختناقا لمشاهدتهم فريقهم رمز المعسكر اليميني المتطرف يُقهر ويُذّل".

 وأضاف "لنا أن نفرح مرتين لكون المباراة تعد مكسبا رياضيا، ولأن الحدث يحمل دلالة سياسية هامة مفادها الانتصار على القوى الفاشية رغم الظلم والتمييز العنصري، وبالذات في يوم أقرّ فيه مشروع قانون اعتبار إسرائيل دولة ثنائية القومية".

التعليقات