حرب الصحف في إسرائيل

حرب الصحف في إسرائيل
 بقلم/ توفيق أبو شومر

لم تكن الصحافة والإعلام في إسرائيل منذ نشأتها هي السلطة الرابعة، وفق المقياس الأكاديمي الإعلامي الشائع، بل كانت وستظل هي السلطة الأولى، فمؤسس الحركة الصهيونية (هرتسل) كان صحفيا بارزا، وممارسته الصحفية جعلته قادرا على تأسيس بنية إعلامية متقدمة في نهاية القرن التاسع عشر. وليس من قبيل المبالغة القول: إن إسرائيل إمبراطورية إعلامية. لذا فإن متابعة مسيرة الصحف في إسرائيل بحثٌ يستحقُ المتابعة، لأنه يحمل مضامين إعلامية وسياسية تاريخية، وهو أيضا مؤشر صادق على التوجهات الأيدلوجية في إسرائيل.

                      ظلت مسيرة الصحف الإسرائيلية مؤشرا على أهمية الإعلام في توجيه السياسة، فصحيفة هارتس، أي الأرض، كانت أقدم الصحف الإسرائيلية الباقية على قيد الحياة حتى اليوم، فقد أسست عام 1918، وجاءتْ بعدها صحيفة يديعوت أحرونوت عام 1930 ثم صحيفة معاريف عام 1948، وأحدثها صحيفة إسرائيل هايوم 2007.

على الرغم من قرب أفول شمس الصحافة الورقية في العالم، بسبب التكنلوجيا الرقمية في الألفية الثالثة، إلا أن الصحف الإسرائيلية ستظلُّ في إسرائيل ذات شأن كبير في توجيه السياسيين  والرأي العام. وكذلك حال صحف الأصوليين الحارديم، والتي ما تزال تقود جمهور الحارديم، ممن يحاربون الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، وعلى رأس تلك الصحف: يوم ليوم، وكيكار شبات، وهموديع، ويديت نئمان، وبهادري ، ومشباشا، وغيرها.

ويرجع السببُ في ذلك إلى أن تلك الصحف الورقية، وظَّفت تكنلوجيا العصر ولغاته المتعددة لتعزيز وجودها، لتتمكن من البقاء مدة أطول من كثير من الصحف العالمية الأخرى.

فلم تكتفِ تلك الصحف بالمطبوعات الورقية، بل إنها نثرت بذورها ضمن شبكات الإنترنت بلغات العالم، ودخلت البورصات العالمية، وحولت الجرائد الورقية إلى شركات استثمارية. تخدم الإعلام الصحفي. فمن اليوم الأول أدرك يهودُ العالم أهمية الصحافة، مما دفع أصحاب رؤوس المال لاستثمار أموالهم في هذه الصحف، وتمكنت العائلات الثرية اليهودية من تأسيس بنيتها الأساسية في الصحافة كاستثمار سياسي مربح، يقود إلى الرفعة والازدهار والنماء الاقتصادي.

فعائلة شوكن الثرية هي مالكة صحيفة هارتس، أما يديعوت فتملكها عائلة موزس، وعائلة نمرودي تملك صحيفة معاريف. أما صحيفة إسرائيل هايوم فتمتاز عن بقية الصحف في حداثة تأسيسها، وفي آليات إدارتها الجديدة، فمالكها الملياردير شلدون أدلسون، عمد إلى أن ينافس بها أكثر الصحف الإسرائيلية انتشارا وتوزيعا، وهي يديعوت أحرونوت، التي تستحوذ على 44% من سوق التوزيع، في يوم العطلة، السبت، وفق تقييم مؤسسة TGI المختصة باستطلاعات وقياس الرأي العام ، أما صحيفة معاريف فتبلغ نسبة توزيعها 12%، وهارتس 5% .

إن دراسة مسيرة الصحف تشير إلى الانقلاب الأصولي الديني في إسرائيل، ولعل أبرز مثال على ذلك صحيفة الجورسلم بوست، التي أُسِّست عام 1932 باللغة الإنجليزية، وكان اسمها فلسطين بوست، وأسسها الثري غرشون أغرون، وكانت هذه الصحيفة يسارية التوجه، ولكنها تحولت إلى اليمين، وفقا لسير المجتمع الإسرائيلي.

                                تدور هذه الأيام حربٌ صامتة بين التراث الصحفي القديم المتمثل في يديعوت أحرونوت، ذات التوجه اللبيرلي المحدود! ، وبين صحيفة إسرائيل هايوم ذات التوجه اليميني المحدود أيضا، ويعود سبب الصراع إلى أن صحيفة إسرائيل هايوم توشك أن تتصدر المشهد الصحفي كله، وتتفوق على يديعوت، لأن مالكها قرر أن يوزعها مجانا، لأن دخلها من الدعم السياسي والتجاري سيفوق دخلها من المبيعات. وهذا بالطبع ليس هو سبب الحرب الإعلامية التي تدور اليوم بين الصحيفة العريقة يديعوت، وبين الصحيفة الشابة، إسرائيل هايوم.

الحرب الإعلامية تدور على الولاءات السياسية في إسرائيل، فإسرائيل هايوم تدعم وتناصر نتنياهو شخصيا، وأنصار اليمين المتطرف، بينما تقف يديعوت في وجه نتنياهو شخصيا، وتنتقده، وتتيح المجال لناقديه عبر صفحاتها العديدة.

بدأت الحرب الصحفية بين الصحيفتين بنجاح القراءة الأولى لمشروع قانون في الكنيست اسمه، قانون إسرائيل هايوم، والذي يمنع توزيع صحيفة، إسرائيل هايوم مجانا. لغرض إنقاذ الصحف المطبوعة الأخرى من الإفلاس، وأُقرَّ القانون بالقراءة الأولى يوم  12 /11/2014 ، قدَّم المشروع عضو الكنيست من حزب العمل،إيتان كابل. وأيَّد المشروع 43 عضوا، وعارضه 23 ، وامتنع تسعةٌ عن التصويت.

ومن أبرز المحرضين على إقرار القانون، كان حليف نتنياهو ، ووزير خارجيته ليبرمان، وكذلك وزير العدل ، تسفي ليفني، وأعضاء الكنيست الفلسطينيين.

          أخيرا....يبدو أن هذه الحرب الصحفية ستتحول إلى حرب سياسية، تتمثل في انفصال حزب ليبرمان إسرائيل بيتنا عن الليكود في الانتخابات القادمة، وربما تتمكن تسفي ليفني من جذب، يائير لابيد وحزبه، هناك مستقبل، إلى كتلة اليسار المتمثلة في حزب العمل، وميرتس، وكاديما، تمهيدا لتشكيل إئتلاف جديد!

فهل ستكون حرب الصحف في إسرائيل بداية لحرب سياسية تطيح بمملكة نتنياهو وزعامته السياسية؟  

يملك المليونير شلدون أدلسون صحيفة إسرائيل هايوم، المناصرة لنتنياهو.

تتهم إسرائيل هايوم صحيفة يديعوت المعادية لنتنياهو بالوقوف خلف القانون، بزعامة مالك يديعوت توني موزس (أرنون) (مقال درور إيدار في صحيفة إسرائيل هايوم 14/11/2014 .

أيد المشروع 43 عضو كنيست، عارضه 23 ، وامتنع 9 عن التصويت، وناصرت ليفني المشروع وكذلك ليبرمان، ليبرمان مقرب من موزس، وليست له إنجازات سوى الهجوم على العرب، وكذلك فعل الطيبي

التعليقات