قهوجي: الجيش يتمتّع بالجهوزية الكاملة للرد على أي اعتداء

رام الله - دنيا الوطن
تمرُّ الذكرى الـ 71 لاستقلال لبنان هذا العام، وفي القلب أكثر من غصّة، حيث يحتفل اللبنانيون بهذا اليوم في ظل شغور سدّة الرئاسة الأولى، المستمر منذ 6 أشهر، دون أنْ يتمكّن المسؤولون من التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية...

التضحيات الجِسام التي قدّمها اللبنانيون، وأثمرت إعلان الجمهورية الأولى بتاريخ 22 تشرين الثاني 1943، عبر الميثاق الوطني الذي وضعه رئيس حكومة الاستقلال الأولى رياض الصلح، مرّت بالكثير من الأحداث والمطبّات، لكن أخطرها الظروف التي نمر بها الآن باستمرار شغور سدّة الرئاسة اللبنانية الأولى...

ما بين الاستقلال في العام 1943 واليوم، ثبت أنّ الحوار هو الأساس للخروج من المآزق، وصولاً إلى تحقيق ما يجتمع عليه اللبنانيون، من خلال طاولة الحوار، سواء أكانت بلقاءات داخلية أو تحت رعاية إقليمية وعربية، ومباركة وعناية دولية، كانت تجتمع فيها المصالح الدولية لإخراج لبنان من النفق المظلم...

اليوم يمرُّ لبنان بجملة من الضغوطات وتردّدات أحداث إقليمية، ومنها تداعيات الأزمة السورية، التي انعكست مزيداً من الانقسام والشرخ بين الأطراف اللبنانية، المنقسمة أساساً حول جملة من المواضيع والملفات، وبات من الواضح أنّ الخلافات الدولية أو التسويات، هي الانعكاس الأول والرئيسي على الواقع اللبناني الذي يتأثّر بها كثيراً، وإنْ كانت الظروف الدولية تستوجب أنْ يبقى الوضع الأمني في لبنان مُستقرّاً، دون تفجيرات كبيرة، وأنْ تبقى «الأمور مضبوطة»، لأنّ الانشغالات الدولية هي خارج نطاق الساحة اللبنانية، للتفرّغ لملفات متعدّدة في المنطقة العربية والإقليمية...

في ظل كل ذلك، يبدو أنّ الكثير ممَّن بيدهم القرار لم يقتنعوا بعد بأنّ عقلية الإقصاء والإلغاء، هي التي زادت تعقيداً في الأزمة الرئاسية، وبات مُلحّاً وضرورياً الخروج من هذه الأزمة، وهو ما يوجِب على المجلس النيابي المُمدِّد لنفسه - لولاية السنوات الأربع - إيجاد مخرج، وإلا إذا ما استمر الوضع مأزوماً، فإنّ ذلك يعني أنّ الفترة المتبقية من عمر المجلس، والتي تصل إلى عامين ونصف العام، ستبقى دون إنتاجٍ – أي مجرّد استمرارٍ لفترة التمديد السابقة - التي لم يُنتِج فيها المجلس ما هو مطلوب، واستمر الانقسام السياسي يعطِّل عمل المؤسّسة التشريعية...

في خضم كل ذلك، حيث تتعدّد الملفات الأمنية المتنقّلة تفجيراً وتوتيراً من قِبل الإرهابيين وخلايا التجسّس الإسرائيلية، من اختطاف الخلايا الإرهابية للعسكريين، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والخروقات والاعتداءات ضد لبنان برّاً وبحراً وجوّاً، تبقى المؤسّسة العسكرية صمّام الأمان الوحيد في لبنان، حيث أفشلت كافة مخطّطات النيل من هيبتها، سواء عبر دعوات البعض لانشقاقات داخل الجيش الوطني، والاستهداف السياسي الذي ساهم في دعم مواقف المتطرّفين إرهابياً وتشكيل غطاءٍ لهم، قبل أنْ يعتذر هؤلاء السياسيين عمّا أطلقوه من قصف باتجاه الجيش الوطني، أو الاستهداف العسكري، واستنزاف الجيش في أكثر من مكان...

لقد أثبتت العقيدة الواضحة والراسخة للجيش، بفضل حكمة ودراية قائده العماد جان قهوجي، أنّها عصيّة على كل محاولات الولوج إليها، على الرغم ممّا قدّم من تضحيات جِسام في مواجهة العدو الصهيوني على الحدود وخروقاته وشبكاته التجسّسية، أو الخلايا الإرهابية التي تتنقّل في تفجيراتها، واستهدافها للمؤسّسة العسكرية والمؤسّسات الأمنية والمواطنين، بل إنّ مهمة الجيش والقوى الأمنية كانت في كثير من الأحيان خطوات استباقية أفشلت العديد من مخطّطات الإرهابيين، فأنقذت البلاد مما لا تُحمد عقباه...

وعلى الرغم من الاستنزاف في أكثر من مكان وضآلة الإمكانيات، فإنّ الجيش يترقّب باهتمام هبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، التي ستُحدِث نقلة نوعية في تفعيل دور الجيش لمواجهة الخلايا الإرهابية، والعمل على ضبط الأمن والاستقرار في لبنان، ومنع تفاقم الأمور، وهو ما ينصب في إطار جهود العماد قهوجي لتحصين الجيش في مواجهة كافة الأخطار، التي استوجبت دفع الدماء الغالية، شهداءً وجرحى في أكثر من مكان، وحتى عسكريين مخطوفين من قِبل الخلايا الإرهابية...

ويؤكد العماد قهوجي أنّ «الجيش لن يسمح لأي كان الإخلال بالاستقرار وتعريض السلم الأهلي للخطر تحت أي شعار أو ظرف، لأنّ الأمن حق مقدّس لكل مواطن، ومن دونه لا يستقيم بناءٌ، ولا يزدهر اقتصاد، ولا تُؤَمَّن حرية أو ديمقراطية»...

ويشدّد قائد الجيش على أنّ «الجيش يتمتّع بالجهوزية الكاملة للرد على أي اعتداء مهما طال، ولن يتهاون باستهداف المؤسّسة العسكرية، بل سيعمل على حفظ الأمن والاستقرار ومنع محاولات التفجير»...

وما يأمله اللبنانيون هو ألا يطول الشغور في سدّة الرئاسة الأولى، وأنْ يضع المسؤولون مصلحة الوطن أولاً قبل مصالحهم الشخصية، لأنّ الشخص يزول ويبقى الوطن، الذي يواجه العديد من المخاطر، في ظل وجود العدو الصهيوني الذي يسعى لتفتيت المنطقة إلى «كانتونات» و«فيدراليات» مذهبية وعرقية، لترسيخ تحقيق حلمه بإقامة «دولة إسرائيل اليهودية»، وفي ظل العديد من المخاطر المُحدِقة بلبنان سواء مع ارتفاع مستوى البطالة، وتدنّي الوضع المعيشي، وانتشار الآفات الاجتماعية، والفساد الغذائي، وما إلى ذلك، وتهديد الاغتراب اللبناني وتعرّضه للمضايقات تحت عناوين ومسميات متعدّدة، اكتشف العديد منها وجود أصابع مخابراتية إسرائيلية، وازدياد أزمة النازحين السوريين إلى لبنان، فضلاً عن الوجود الفلسطيني الذي يسعى البعض إلى استخدامه كورقة توتيرية على الساحة اللبنانية، علماً بأنّ كل الأطراف الفلسطينية أكدت بالملموس عدم تدخّلها بالشأن الداخلي اللبناني، وأنّها مع حفظ الأمن والاستقرار في لبنان، وأنّ مشروع الفلسطينيين الوحيد هو تحقيق حلم العودة إلى أرض الوطن فلسطين...

«اللـواء»، وفي الذكرى الـ 71 لاستقلال لبنان، تقف على آراء جنوبيين ونظرتهم ومواقفهم في هذه المناسبة...

 

التعليقات