مياه الشرب المحلاة في غزة : وصفة مؤكدة للسرطان وهشاشة العظام وأمراض أخرى

مياه الشرب المحلاة في غزة : وصفة مؤكدة للسرطان وهشاشة العظام وأمراض أخرى
غزة –دنيا الوطن- حسن دوحان ومصطفى الدحدوح
تحقيق للحياة الجديدة

مياه الشرب المحلاة في غزة .. وصفة مؤكدة للسرطان وهشاشة العظام وامراض اخرى

التحذير من تحول المياه غير صالحة للاستخدام الزراعي بسبب سقوط كميات هائلة من المتفجرات على القطاع

79 محطة لتحلية المياه 43 محطة منها غير مرخصة جميعها لا تخضع للرقابة

اصحاب محطات تحلية المياه يقرون بعدم التزامهم بالمعايير الدولية لعملية التحلية

الممارسات الاسرائيلية ادت الى ظهور ازمة مياه الشرب في قطاع غزة وتلوثها وملوحتها

اسرائيل تعمدت حفر أكثر من 26 بئراً لمنع وتقليص كميات المياه المنسابة طبيعياً إلى خزان قطاع غزة الجوفي


اصيب الشاب اياد سلمان بحالة من الذهول والارق والحيرة بعد ابلاغه بإصابة نجله محمد 9 سنوات بمرض هشاشة العظام الذي بات منتشرا بكثرة في قطاع غزة خاصة بين الاطفال..

ورغم حرص اياد شخصياً على العناية بتقديم الغذاء الصحي لأبنائه، الا ان ذلك لم يمنع اصابة ابنه محمد بمرض هشاشة العظام نظراً لاعتماده على المياه المفلترة او المحلاة التي يشتريها من عربات تقوم ببيعها للمواطنين في حي تل السلطان برفح الذي يقطن فيه..

ويؤكد اياد ان طبيب نجله محمد لم يحتار كثيراً في ارجاع سبب الاصابة بمرض هشاشة العظام الى استخدام المياه المحلاة، وهو ما يؤكده رئيس قسم مراقبه المياه في وزارة الصحة خالد الطيبي بقوله "ان نقص نسبة الكلورايد من المياه باقل مما هو محدد لها يسبب هشاشة العظام وخاصة لدى الاطفال".

ورغم معرفة اياد بان المياه المحلاة هي احد اسباب الاصابة بالأمراض، الا انه يشكو من عدم وجود مياه صحية في قطاع غزة بديلا عن المياه التي يتم بيعها، ويحمل الجهات المختصة المسؤولية عن غياب الرقابة على محطات تحلية المياه وايجاد الية لإلزامها بالمواصفات الصحية الدولية.

ويعتمد معظم سكان قطاع غزة على المياه المحلاة التي باتت تباع عبر ناقلات متجولة، نظرا لملوحة مياه البلدية وعدم صالحيتها للشرب.

ويبلغ سعر ال 1000 لتر من المياه المحلاة نحو 30 شيكل، وال 500 لتر 20 شيكل وال 250 لتر 13 شيكل.

وكانت دراسة ألمانية متخصصة قامت بتحليل عينات من مياه الشرب في قطاع غزة اظهرت وجود نسبة عالية من مادة النيترات المؤكسدة التي تؤدي إلى أضرار صحية لدى الأطفال الصغار.

وذكر مركز "هيلمهولتس" لأبحاث البيئة في مدينة لايبزج في شرق ألمانيا، أن النسب الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية لمادة النيترات في مياه الشرب هي 50 مليجرام في اللتر الواحد، يزداد تركيزها في مياه الشرب بقطاع غزة بنسب تتراوح بين الضعفين وثمانية أضعاف.

وأظهرت نتائج الأبحاث أن التحاليل التي أجريت على الأطفال الصغار في قطاع غزة أثبتت نقص كرات الدم الحمراء لدى نصف الأطفال تقريباً.

واظهر تقرير دولي ان تلوث المياه يسبب أمراض في مقدمتها الفشل الكلوي وسرطان المعدة، لكنه يشير إلى أن الخطر الأبرز هو فيما أظهرته الدراسة الألمانية من خطر على الأطفال الرضع نتيجة ارتفاع مادة النيترات في مياه الشرب.

النترات والسرطان

وتعد المياه المحلاة في قطاع غزة احد اسباب انتشار مرض السرطان وامراض اخرى كما تؤكد العديد من الدراسات العلمية والمختصين.

وتقول الطبيبة انهار الدحدوح تتم عملية تحلية وفلترة المياه في قطاع غزة وفق عملية التناطح العكسي والتي تتطلب ان كانت نسبة الملوحة والنترات والكلورايد عالية في المياه استبدال الفلاتر بشكل مستمر كل عام على الاقل، ولكن جمعية حماية الغذاء والمياه الالمانية اكدت في دراستها بانه يتم استبدال الفلاتر في غزة كل عامين او اكثر مما يزيد من سوء المياه.

وتشير الدحدوح الى انه وبناء على دراسة اجراها الاتحاد السوفيتي على ايون النترات خرجت النتائج بان ايون النترات يتحد مع خلايا الجسم ويوجد له فائدة، ولكن اذا زادت النترات عن 50 ملغم باللتر، وبلغت 100 ملغم باللتر الواحد، واستمر الفرد بتناول تلك المياه التي تحتوي على نسبة نترات عالية يكون عرضة للسرطان خلال فترة تتراوح حول من 6-8 اعوام ولكن ان زادت نسبة النترات عن ذلك تكون فترة الاصابة بالسرطان اقل من ذلك .

وتستخدم تقنية التناضح العكسي Reverse Osmosis في تحلية مياه البحر والمياه قليلة الملوحة وكذلك في تحلية مياه الصرف الصحي وتخليصها من معظم أنواع البكتيريا والفيروسات والمواد الضارة الأخرى.

ويقول استاذ مساعد الكيمياء في جامعة الازهر د حسن طموس النترات عبارة عن ايونات مضرة اذا زادت عن حد معين بجسم الانسان، ويضيف يوجد حد معين لتواجد ايون النترات (الاملاح) في المياه لكي تناسب جسم الانسان وتقدر حسب منظمة الصحة العالمية 50 ملغم باللتر وان زادت عن ذلك تضر بجسم الانسان وتسبب مرض السرطان.

ويؤكد تقرير أعده الباحث الحقوقي د. علاء مطر وأصدره مركز الميزان لحقوق الإنسان عن واقع محطات التحلية بقطاع غزة ارتفاع تركيز النترات في معظم آبار القطاع ووصولها إلى أكثر من 400 ملجم/لتر، في بعضها، فيما تصل أقصى نسبة مسموح بها وفق معايير منظمة الصحة العالمية إلى 50 ملجم/لتر، هذا بالإضافة للملوثات الأخرى من الكلوروفورم والفلوريدات والملوثات البكتروبيولوجية.

ويؤكد المدير العام لمصلحة مياه بلديات الساحل م. منذر شبلاق ان النترات من أكثر العناصر خطورة على صحة الانسان وتؤدي لتلوث المياه، ويقول لقد حددت منظمة الصحة العالمية بأن لا تتجاوز نسبة النترات 50 ملغم للتر، ولكن نسبة النترات بمياه غزة تصل الى 400-500 ملغم في اللتر، ويرجع ذلك الى تسرب مياه الصرف الصحي الى الخزان الجوفي والاكثار من استخدام المبيدات الحشرية والكيميائية الزراعية.

ويشير الى ان اختلاط النترات مع المواد الكيميائية يشكل عاملاً لانتشار امراض السرطان الموت المفاجئ للمواليد بعد تناولهم للمياه عبر تحضيرها مع الحليب او خلافها.

ويؤكد رئيس قسم البيئة وعلوم الأرض في الجامعة الاسلامية د. زياد أبو هين ان واقع المياه في قطاع غزة في تدهور من حيث الكم والنوع بسبب تراجع مستوى وكميات المياه الهاطلة على القطاع ، ويشير الى أن 95% من المياه في قطاع غزة لا تتطابق مع المعايير العالمية لمواصفات المياه الصالحة للشرب كما جاء بالتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة والتي اكدت انها أصبحت تؤدي الى ظهور أمراض لم تتواجد من قبل.

ويظهر تقرير لمركز الميزان لحقوق الإنسان صدر في أيلول/ سبتمبر 2012 أن عدد مرضى السرطان بلغ في قطاع غزة 10780 مريضا ما بين عامي 1995 حتى 2010..

فيما شهدت الأعوام الأخيرة إرتفاعات متتالية في نسب وفيات الفلسطينيين نتيجة السرطان، ففي 2012 وصلت إلى ما نسبته 13.7% من مجموع الوفيات، بعد أن كانت في العام 2011 (12.4%)، بينما بلغت في العام 2010 (%10.8) حسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وبدورها تؤكد وزارة الصحة الفلسطينية أن مرض السرطان هو من أخطر الأمراض التي يعاني منها المجتمع، وكان المسبب الثاني للوفيات في فلسطين في العامين 2011 و2012، بعد أمراض القلب والأوعية الدموية.

ويقول مدير مختبر المياه في مصلحة بلدية الساحل فرع خانيونس م. محمد أبو شمالة ارتفاع نسبة النترات ادى لظهور مرض الأطفال الزرق فهو يعمل على حرق الاكسجين في الدم ويوجد احتمالية الوفاة لدى الطفل، وأما بالنسبة للكبار فتتحد النترات مع الأمنيات الأولية في الجسم وتكون مركب نيتروز أمين وهو يصنف بأنه مادة مسرطنة.

ويقول مدير جودة المياه في سلطة جودة البيئة د. تامر الصليبي لقد أصبحت المياه المستهلكة من الخزان الجوفي سنويا 130 مليون لتر مكعب، بينما ما يغذي الخزان الجوفي في احسن احواله السنوية لا يتجاوز 100 مليون، وأصبح منسوب المياه الجوفية منخفض الى اكثر من 15 متر اسفل مستوى منسوب البحر مما ادى لتداخل مياه البحر مع مياه الخزان الجوفي.

ويضيف وصلت نسبة الكلورايد في المياه الى 1500-2000 ملغم في اللتر مقارنة بالحد الأقصى المسموح به وهو 250 ملغم، وكذلك النترات وصلت الى 500 ملغم للتر وحدها الأقصى 50 ملغم، ويؤكد وجود تخوف بأن تصبح المياه غير صالحة للاستخدام الزراعي وليس الآدمي بسبب سقوط متفجرات على القطاع في العدوان الأخير بكميات هائلة واحتوائها على مواد ثقيلة يصعب التخلص منها بأي شكل كان وهي تعتبر مواد مسرطنة.

محطات التحلية

ويبلغ عدد محطات تحلية المياه في قطاع غزة 79 محطة حسب تقرير أعده الباحث الحقوقي د. علاء مطر وأصدره مركز الميزان لحقوق الإنسان اكثر من نصفها محطات غير مرخصة مع امكانية وجود اعداد اخرى من المحطات غير المرخصة التي لا تخضع لأي نوع من الرقابة الرسمية.

ويقر اصحاب محطات تحلية المياه في قطاع غزة بعدم التزامهم بالمعايير الدولية لعملية التحلية والتي تقدر حسب منظمة الصحة العالمية 50 ملغم باللتر وان زادت عن ذلك تضر بجسم الانسان وتسبب مرض السرطان.

 ويؤكد صاحب محطة مكة للمياه المحلاة فهد مكة ان محطته من المحطات المرخصة من سلطة المياه الفلسطينية، وتعمل بشكل دوري على نظام التعقيم والكلورة وذلك بهدف عدم فساد المياه في حالة تخزينها في الخزانات لدى المواطنين، ويقول ونحرص على نظافة الخزانات وكذلك عملية النقل من المحطة الى عربة النقل.

وبدوره يؤكد صاحب شركة الحلبي للمياه الصحية محمود الحلبي وجود استغلال للمواطنين في عملية بيع المياه المحلاة، وعدم وجود جهات رقابية تعمل على المتابعة والتفتيش على الضرائب واسعار البيع وجودة المياه، مشيراً الى قيام معظم محطات تحلية المياه في قطاع غزة بنزع الكلور بشكل اشبه بالكلي وذلك تلبية لرغبة المواطنين، الامر الذي ينذر بتزايد انتقال الميكروبات داخل المياه.

ويشير الى انه اجرى قبل عامين فحص مخبري لقياس نسبة الأملاح الذائبة في البئر فكانت 1100 ملغم للتر، ارتفعت عام 2014 الى 1600 ملغم للتر.

ويوضح ان عملية التحلية اذا تمت بشكل صحيح تتطلب اعدام 350 لتر مياه من كل 1000 لتر للوصول مياه محلاة خالية من الاملاح الى أقل من 100 ملغم باللتر.

ويقول صاحب أكبر محطة تحلية خاصة في غزة عبدالسلام ياسين تتم عملية تحلية المياه في قطاع غزة وفق طريقة التناطح العكسي RO ومن خلالها يتم عملية نزع الأملاح الى نسبة أقل من 100 ملغم باللتر ولكن من المتعارف عليه في منظمة الصحة العالمية بأنه يجب أن تكون اقل من50 ملغم باللتر، وان يتم نزع الشوائب المتواجدة في المياه مثل الرمال والشوائب الأخرى ونزع البكتيريا والطفيليات في عملية التحلية في الفلاتر.

ويضيف أقوم باضافة الكلور بعد عملية التحلية لأن عربات النقل التي تأخذ المياه من المحطة لا يوجد أحد منهم يتخذ أساليب السلامة من أجل الحفاظ على جودة المياه، ويتم اضافة مادة الكلور بدافع منع تكاثر البكتيريا داخل المياه، ويشير الى وجود عملية غش واحتيال أثناء نقل المياه من المحطة حيث يقوم أصحاب العربات بوضع مادة تسمى مزيل الكلور من المياه لتصبح غير معقمة.

ويقول لقد اقترحت استخدام طرق جديدة في عملية الفلترة، يتم خلالها وضع وعاء بلاستيكي يحتوي بداخله على كلور معقم لا يحمل طعم ولا لون ولا رائحة ويقوم على تعقيم المياه بشكل سليم 100%، وبالمقابل يلبي رغبات المواطنين بعدم شرب مياه بها طعم كلور.

ويؤكد مركز الميزان لحقوق الانسان ان مياه الشرب تحتوي على ملوثات ميكروبيولجية "بكتيريا، طفيليات، وغيرها من الميكروبات الأخرى"، مشيرا الى ان نتائج العينات التي فحصتها وزارة الصحة الفلسطينية لعام 2010 اكدت وجود تلوث كبير في المياه المحلاة بما يفوق المسموح به وفقاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية وهو ألا تزيد نسبة التلوث من حجم العينات المفحوصة عن 4-5%، ولكن النتائج تشير الى ارتفاع نسبة الملوثات

ويشير المركز الى ان السبب الرئيسي للتلوث الميكروبيولجي المرتفع في المياه المحلاة المنتجة من محطات التحلية يعود إلى التقصير في إتباع الإرشادات السليمة في عملية الإنتاج والتخزين والتوزيع للمياه المحلاة.

مصدر العينات


ويقول رئيس قسم مراقبه المياه في وزارة الصحة خالد الطيبي تعتبر عملية الكلورة هى اساس من اساسيات التحلية ، ولكن من المؤسف المحطات لا تقوم بعملية الكلورة.

محطات التحلية واستنزاف المياه الجوفية

وتعتمد جميع محطات التحلية على المياه المستخرجة من أبار المياه الجوفية، حيث يقوم صاحب المحطة بحفر البئر في موقع المحطة بعمق يتراوح من 20-50 متراً، وتتراوح كميات المياه العادمة المركزة الناتجة عن عملية التحلية في المحطة من ضعف إلى ضعفي المياه المحلاة، وهو أمر يندرج في إطار إهدار المياه الجوفية.

وتتراوح كفاءة المحطات من 40-60 % فقط، الأمر الذي يعد هدراً للمياه الجوفية حسب مركز الميزان لحقوق الانسان، مؤكداً ان تحلية مياه البحر هي الحل الأنجع لضمان عدم استنزاف الخزان الجوفي، وتوفير حاجة المواطنين من المياه الصالحة للشرب.

ويؤكد المدير العام لمصلحة مياه بلديات الساحل م. منذر شبلاق وجود تدهور واضح وسريع في نوعية المياه بسبب اختلاطها بمياه الصرف الصحي والتلوثات المختلفة، ويقول تم طرح عدة مشاريع لإنقاذ قطاع المياه، ومع تغير المعالم الجغرافية لقطاع غزة نتيجة حالة الانقسام تراجعت المؤسسات المانحة وبات من الصعب انقاذ الخزان الجوفي.

قلق وريبة

ويضطر المواطنون لشراء المياه المحلاة التي تباع عبر ناقلات متنقلة نظراً لملوحة المياه الجوفية والبلدية، وعدم وجود توعية بمخاطرها على الصحة من قبل الجهات المختصة، ويقول المواطن يوسف الشيخ أحمد 37 عاما من حي الشجاعية "المياه التي نقوم بشراءها من المحلات التجارية أو عربات النقل حلوة الطعم وجيدة المذاق، وعندما نجد طعم كلور فيها نرفض شراؤها لأن طعمها لا يطاق.

ويتسائل الشيخ احمد هل تخلو المياه المحلاة من الأمراض؟!

ويشكو المحاضر بجامعة الازهر د. كمال الشيخ عيد كل يوم نشتري مياه بطعم ورائحة مختلفة، وأصبحنا ا لا نعرف ماذا نشرب؟ وماذا يباع لنا؟ أي مياه الصحية واي مياه المضرة مؤكدا أن هذا يعود الى عدم وجود جهات رقابية تقوم بعملها لمراقبة جودة المياه.

ويقول المياه من أخطر المواضيع التي تهدد حياة المواطنين ورغم وجود عدد كافي من الموظفين العاملين في قسم المتابعة في وزارة الصحة، ولكن يوجد قصور في الرقابة الصحية.

اسرائيل وقرصنة مياهنا

ويعاني قطاع المياه الفلسطيني منذ العام 1967 من الممارسات الاسرائيلية التي ادت الى ظهور ازمة مياه الشرب في قطاع غزة وتلوثها وملوحتها، فقد عمدت اسرائيل على حفر أكثر من 26 بئراً على طول خط الهدنة الفاصل بين القطاع ودولة الاحتلال الإسرائيلي لمنع وتقليص كميات المياه المنسابة طبيعياً إلى خزان قطاع غزة الجوفي.

ويذكر مركز الميزان ان سلطات الاحتلال اقامت سدوداً صغيرة لحجز المياه السطحية التي تنساب عبر الأودية إلى قطاع غزة وخاصة وادي غزة، بالإضافة الى تعمدها تدمير البنية التحتية لقطاع المياه في قطاع غزة، باستهداف الآبار، وخزانات وبرك المياه، وخطوط التغذية الرئيسة، وشبكات الري، خلال الاجتياحات والاعتداءات الحربية المتواصلة.

ويحتاج قطاع غزة سنوياً إلى 130 مليون متر مكعب من المياه تعمل الابار الجوفية على اخذها من الخزان الجوفي، في مقابل 80 مليونا هي كمية مياه التغذية السنوية، ويصل نصيب الفرد من المياه في قطاع غزة إلى حوالي 80 لتراً وهو رقم أقل بكثير مما هو موصى به من قبل منظمة الصحة العالمية والبالغ 150 لتراً.

ولم تفلح الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل من إحقاق الحقوق المائية للفلسطينيين، سيما وأن قضية المياه مؤجلة ضمن قضايا الوضع النهائي التي فشلت المفاوضات حولها بعد 20 عاماً من انطلاقها.

ويؤكد رئيس قسم مراقبه المياه في وزارة الصحة خالد الطيبي تلوث مياه الابار كيمائيا لتصل الى ما يزيد عن 95% بسبب بناء الجانب الاسرائيلي المصائد المائية لتجميع المياه المتدفقة من جبال الخليل مما ادى الى استنزاف الخزان الخوفي وعدم وجود توعيه لدي المواطنين باستخدام المياه فاصبح الخزان الخوفي بتناقص مستمر بشكل او باخر، ويشير الى وجود مخاوف كبيرة خلال الفترة المقبلة من وصول نسبة التلوث في المياه الى 100% لتصبح كل مياه غزة غير صالحة للاستخدام.

وتعد المياه الجوفية المصدر الرئيسي لمياه الشرب والاستخدام المنزلي في قطاع غزة. ويتعرض هذا المصدر للاستنزاف الشديد ما أدى إلى تدهور نوعية المياه.

ويؤكد مركز الميزان ان حوالي 95% من مياه الشرب في القطاع لا تتطابق مع معايير منظمة الصحة العالمية التي وضعتها لمعدلات الشرب، مشيرا الى ان الممارسات الإسرائيلية تسهم في تعزيز مشكلة نقص وتلوث المياه

ويؤكد ان حصة الفلسطينيين من مياه الحوض الساحلي في قطاع غزة بلغت 18% فقط، بينما بلغت حصة الإسرائيليين 82%.

وتقدّر كمية المياه النقية (المتجددة) المتوفرة في الأراضي الفلسطينية بنحو 2.4 مليار متر مكعب سنوياً، حيث تقوم إسرائيل باستغلال نحو 90% من هذه الكمية مقابل 10% فقط للفلسطينيين.

ويدعو مركز الميزان المجتمع الدولي والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف لتحمل مسؤولياتهم والضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإحقاق الحقوق المائية للشعب الفلسطيني.

ويقول مدير قسم المياه والتربة في وزارة الزارعة المهندس نزار الوحيدي لقد دمرت قوات الاحتلال الاسرائيلي نحو 1000 بئر مياه زراعي.

تعدد الجهات الرقابية .. وغياب الطاسة

 ورغم تعدد الجهات المشرفة على قطاع المياه في قطاع غزة والمتمثلة في سلطة المياه وسلطة البيئة ووزارة الصحة والبلديات ومصلحة مياه الساحل وغيرها، الا انها اضحت جهات ورقية لا فائدة منها سوى ابعاد المسؤولية عن نفسها او اختلاق المبررات للهروب من مسؤولياتها.

ويؤكد المدير العام لمصلحة مياه بلديات الساحل م. منذر شبلاق وجود قصور وعجز في الية الرقابة على محطات تحلية المياه، مكتفياً بلوم الاخرين دون الاقرار بمسؤولية مصلحته عن الرقابة الفعلية على قطاع المياه.

ويقول ترجع مسؤولية الرقابة على محطات تحلية المياه الى وزارة الصحة وسلطة المياه والجهات الرقابية الأخرى، ويضيف يوجد عجز وسوء رقابة، فهناك تقارير صادرة عن مؤسسات أهلية ودولية تؤكد وجود تلوث بالمياه المحلاة ويعود ذلك لسوء الجهة الرقابية وسوء اجراءات النقل والتعبئة والتفريغ، ويقول يجب أن تكون هناك جهة رقابية محددة المعالم لتأدية مهامها.

ويقول مدير جودة المياه في سلطة جودة البيئة د. تامر الصليبي منذ 20 عاما كانت الجهات المعنية تصرخ بأن غزة سوف تمر بأزمة مائية وتصبح المياه غير صالحة للشرب

ويضيف لقد أصبحت الكارثة بعملية تحلية المياه ونقلها وتعبئتها من المحطة الى المواطن، ويشير الى وجود محطات تحلية في غير مكانها لأن مياهها قريبة للمواصفات المحددة.

ويقول مدير مختبر المياه في مصلحة بلدية الساحل فرع خانيونس م. محمد أبو شمالة يوجد غياب شديد في عملية التكامل المهني من أجل انقاذ قطاع المياه وايصال مياه جيدة للشرب للمواطنين، وذلك بسبب ان كل هيئة او مؤسسة حكومية تعمل بشكل مستقل ولا يوجد أي نوع من التكافل ما بين المؤسسات.

ويؤكد وجود خلل في عملية الرقابة على محطات تحلية المياه، وغياب مشروع الصرف الصحي الجيد وانتشار الحفر الامتصاصية وهو ملوث للمياه الجوفية وناقل للملوث البيولوجي للمياه المحلاة، ويقول هناك مصيبة كبرى وهي وضع شبكات المياه المحلاة الخارجة من بعض المحطات في مدينة خانيونس داخل خطوط الصرف الصحي.

ويشير الى ان عملية تلوث المياه لا تحدث في عملية التحلية ولكن في عملية النقل والتعبئة وذلك لأنه لا يوجد جهة معنية ومهتمة تختص في رقابة وضبط عملية سير النقل للمياه من المحطة الى المواطن.

ويقر رئيس قسم مراقبه المياه في وزارة الصحة خالد الطيبي بوجود معيقات في عملية مراقبة ومعاقبة اصحاب محطات التحلية غير الملتزمة بالمعايير واهمها عند اصدار مخالفة او قرار اغلاق محطة او وقف عمل سيارة نقل او خلاف ذلك، فانه يمضي على الامر اشهر حتى يصل الكتاب لمكتب الوزير لاعتماده.

ويقول مستشار سلطة المياه الفلسطينية والخبير في علوم الأرض والمياه أحمد اليعقوبي لقد أصبحت المياه في قطاع غزة سيئة لدرجة عدم صلاحيتها لأي استخدام.

ويؤكد غياب الجهات الرقابية القائمة على المتابعة والتقييم للمياه السليمة، ويقول من المؤسف عدم وجود أي تنسيق بين تلك جهات الاختصاص، مشيرا الى وجود قصور واضح من قبل وزارة الصحة والبلديات في عملية الرقابة السليمة على كيفية استهلاك المياه في القطاع، واستخراج مياه محلاة قائمة على أسس سليمة وتحسين طرق نقلها للمواطنين.

وفي ظل تعدد جهات الرقابة الى متى سيبقى المواطن ضحية غياب التنسيق والقيام بالمسؤوليات؟!!

الحياة الجديدة .. تم التحقيق بدعم الائتلاف من النزاهة والمسائلة  "امان"

التعليقات