مسرح الحرية في مخيم جنين يختتم عرض مسرحية توانة بمسافر يطا في الخليل

مسرح الحرية في مخيم جنين يختتم عرض مسرحية توانة بمسافر يطا في الخليل
رام الله - دنيا الوطن
اسبوعان متواصلان بـ 11 عرض في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، انطلق العمل الفني "مسرحية توانة"، والذي اختتم في قرية توانة بمسافر يطا في جبال الخليل، حيث اطلق مسرح الحرية عروضه بعرض افتتاحي في سينما جنين لتبدأ جولة شملت قرية جبع في جنين والجفتلك في الاغوار الاردنية ووصلت لرام الله بعرض في النبي صالح ونعلين، ومرت ببيت لحم بـ3 عروض في مخيم عايدة والولجة والمعصرة، وانتهى بها المطاف في الخليل بعرض في مخيم العروب وعرضين في توانة شرق يطا، حيث شهدت العروض الشعبية لمسرح الشارع حضوراً جماهيرياً لافتاً، والذي اتسم بالإيجابية، وناقشوا تفاصيل المسرحية مع فريق العمل الفني، وما حمله من رسائل وطنية، حيث أعطى هذا العرض نموذجاً تربوياً في معنى ان نتخذ موقف وندافع عنه خاصة للناشئة والشباب.

وهذا العمل من اخراج الفنان فيصل ابو الهيجاء، ضمن انتاج مسرح الحرية و بدعم من وكالة سيدا والمفوضية الاوروبية ضمن برنامج شبكة الفنون الادائية بتمويل من الاتحاد الاوروبي وبالتعاون مع افاق والمجلس الثقافي البريطاني، وهي من تمثيل طلبة مدرسة المسرح في مسرح الحرية علياء الروسان، وسماح محمود، وإيهاب التلاحمة، وأمير ابو الرب، وإسماعيل العالول، وأسامة العزة، وإبراهيم مقبل، وبمرافقة الفنان الموسيقي سامر أبو هنطش.

ففي فعالية ثقافية جماهيرية حول المقاومة الشعبية كان العرض الختامي لمسرحية توانة على مدار يومين في القرية وبحضور الشخصيات الحقيقية من مسافر يطا؛ آمنة العدرا ومحمود حسين، وبمشاركة واسعة من أهالي جبال الخليل، حيث عبر السكان الاصليين هناك عن فخرهم بسبب مواجهتهم للاحتلال وعدم قبولها باجراءاته، واستمرارهم في النضال دفاعاً عن الارض والوجود المهدد من الاستيطان، كما وجه اهالي توانة شكرهم لمسرح الحرية كونه وضع اسم القرية على خارطة المواقع المقاومة للاستيطان، مع التأكيد الى أهمية العمل الثقافي في إيصال مباشر لرسالة واعية حول دور الأهالي والسكان في المواقع المهمشة، حيث ان نصوص مسرحية توانة وقصصها مستوحاة من واقع أهالي توانة ومسافر يطا فقد تم إجراء البحوث
الميدانية والتي نفذها فريق فني من المسرح، فهي تعتبر تسجيلاً توثيقياً حياً على المقاومة الشعبية والنضال ضد الاحتلال وذلك من خلال شهادات حية ومقابلات تم انجازها مع سكان توانة الاصليين في النقطة الواقعة أقصى جنوب الخليل تقع قرية "توانه" شرق مدينة يطا تحيط بها أربع مستوطنات وهي "فتح سدرو وماعون وكرمئيل وأم العرايس"، وتقطنها عائلات "العمور وحمامدة والهريني" وبعض الأفراد من عائلات أخرى، ويبلغ عدد سكانها حوالي 400 نسمة، ففي هذه المسرحية يكشف مسرح الحرية كيف أنشأت إسرائيل في هذه القرية نظام تمييز عنصري حيث تحرم الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم ومصادر المياه، فضلا عن الخدمات الأساسية مثل السكن والرعاية الصحية والتعليم لأبنائهم، في الوقت الذي يواجه فيه اهل القرية مضايقات مستمرة من قبل المستوطنين الإسرائيليين من المستوطنات غير الشرعية في الأماكن القريبة، خاصة بحق النساء اللواتي يلعبن دورا مركزيا في حركة النضال في التوانة.

منسق اللجنة الشعبية للمقاومة الشعبية في جبال الخليل حافظ هرينه، شكر مسرح الحرية وطاقم العمل الفني على جهودهم في دعم صمود أهالي توانة وتعميم نموذج المقاومة الشعبية الذي يواجه خطر التهجير من قبل الاحتلال الاسرائيلي ومستوطنيه في مسافر يطا، داعياً المؤسسات الرسمية والأهلية لتكثيف جهودهم في تظهير قضاياهم للرأي العام العالمي، وبهذا جاءت مسرحية توانة لتكون معبراً عنمقاومة أهالي بلدة توانة وما يعانيه سكانها الاصليين هناك من غطرسة الاستيطان، وبذلك يأتي هذا العمل الفني كربط اجزاء الوطن والمشاركة في خلق هوية مقاومة
شعبية واضحة المعالم نعلمها لأطفالنا وننقلها من جيل الى جيل.

ناجي تميمي منسق المقاومة الشعبية الفلسطينية في النبي صالح اعتبر مسرحية "توانة" عمل مقاوم وهي جزء من حضارة الشعب الذي يجي ان يعبر عن ثقافته، مضيفاً الى أن عملية تثقيف الجمهور وبناء الوعي نقطة بداية في المقاومة الشعبية وهذا الدور يقوم به مسرح الحرية من خلال القدرة العالية على الاتصال بالجمهور وهو يعمل على توجيه الجمهور الى القيم الانسانية العليا ومبادئ التحرر من الاحتلال الاسرائيلي.

فيما أكد الدكتور عبد الفتاح أبو سرور من مخيم عايدة على أهمية عرض مثل هذه الاعمال الهادفة التي تبين مقاومة شعبنا الفلسطيني رغم ما يعانيه أبناء هذا الشعب من ممارسات قمعية ومن استهداف لوجوده من الاحتلال والمستوطنين، حيث يعد
عرض مسرحية "توانة" رسالة واضحة تؤكد لحمة الشعب الفلسطيني في مقاومته في كل الارض الفلسطينية ضد قبح الإحتلال وعنفه.

من جهته يرى الدكتور ايمن يوسف استاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الامريكية بجنين اهمية تسليط الضوء على بقعة جغرافية مستمرة في المقاومة رغم الظروف الصعبة مؤكداً على ان العمل المسرحي عمل على نقل الجمهور المشاهد الى توانة بشكل افتراضي وحسي وحمل هذا الجمهور التقدير والاعجاب بتجربة توانة الفريدة، مضيفاً الى ان جمال العمل نبع من بساطته وابتعاده عن التعقيد، كما انه تناول تجربة جديدة في المقاومة الشعبية ليضيف تجربة جديدة الى جانب المناطق التقليدية والبعيدة عن المركز "رام الله"، وهو عمل يستحق التقدير حيث قام بادائه ممثلين شباب من الناشطين في مجال العمل المجتمعي.

الفنان فيصل ابو الهيجاء مخرج مسرحية توانة عبر عن ارتياحه لعرض العمل في جولته بالضفة الغربية، وعن تقديره لاداء ممثلي العمل الفني وهم طلاب سنة اولى في مدرسة المسرح في مسرح الحرية، ويضيف ان هذا العرض يصل للناس أينما كانوا
دون الحاجة الى خشبات مخصصة للعروض المسرحية، وان الهدف يكمن في إيصال ثقافة المسرح للجميع، مشيراً إلى أن توانة نموذجًا للمقاومة الشعبية، حيث ارتأى مسرح الحرية عبر الفن أن يعمم النموذج من خلال الأعمال الدرامية، فيما اعتمدت
المسرحية على قصص واقعية وأشخاص حقيقيين، وجمعت مقابلات ولقاءات عديدة وبحوث مكثفة تم صياغتها بشكل مسرحي بهدف تعميم المقاومة الشعبية، وتم تحديد جوهر هذا
المجتمع المستند إلى 3 عناصر أساسية؛ تتمثل بالإنسانية، والمقاومة، والتنظيم، فالمسرحية تهدف الى إعادة تسليط الضوء على الحياة التي يعيشها سكان تلال جنوب الخليل، والتي تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة، حيث تقيم دولة الاحتلال في تلك المنطقة نظام تمييز عنصري في خرق للقانون الدولي الانساني.

ويكمل ابو الهيجاء ان "توانة" هي قصة من النضال الشعبي الفلسطيني الذي لا يغطى بعدسات الكاميرات ولا يحظى باهتمام اعلامي، فهي نقل لواقع الناس الذين يعيشون في المناطق المهمشة ورغم ذلك فهم يشكلون نماذج ابداعية في النضال ضد الاحتلال،وبهذا كانت توانة بوابة لمعرفة حقيقية لفهم كيفية نجاح حركة النضال الشعبي حيث جرى تطوير مفاهيمي لمعاني المعاناة والصمود في المجتمعات الفلسطينية التي تشارك في المقاومة المدنية ضد الممارسات الإسرائيلية المتمثلة في مصادرة
الأراضي، والتطهير العرقي والتمييز العنصري، من خلال بناءلمقاومة ثقافية تخلق الوعي والادراك حول اهمية تحول الفن لاداة تعبر عن الشارع، فتأتي توانة كممارسة مثالية للمقاومة الثقافية.

وكان مسرح الحرية قد اختتم جولته بزيارة تضامنية لخربة ام الخير في مسافر يطا بالخليل، والتي تتعرض لسلسلة اعتداءات من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي(I.O.F) والتي كان اخرها هدم طابون الخربة ... فهل سيكون هناك عمل فني جديد لمسرح الحرية يحمل اسم "طابون ام الخير"؟







التعليقات