مجلس الإفتاء الأعلى يصدر قراراً فقهيّاً حول قيام مراكز بإجراء بحوث لطلاب تنسب لهم

مجلس الإفتاء الأعلى يصدر قراراً فقهيّاً حول قيام مراكز بإجراء بحوث لطلاب تنسب لهم
رام الله - دنيا الوطن
أصدر مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين بناء على سؤال ورد إليه حول قيام مراكز بإجراء بحوث لصالح طلاب ونسبة هذه البحوث لهم وتقديمها على أنها من إعدادهم، وجاء نص القرار على النحو الآتي:

     الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

قال الله تعالى:﴿ وتعاونوا على البِرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ﴾ [المائدة : 2 ]. فقد حثّ الإسلام على مساعدة المحتاج، والتعاون معه فيما يحتاجه، وثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال:«من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» [البخاري، كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه]. وهذا كلّه في جانب احتياجات الدنيا، والجوانب المادية والإنسانية، فما بالنا في الجانب العلمي؟ فإنّ كاتم العلم يُلجم بلجام من نار، وعلى هذه الأدلة يتنزل أمر المساعدة أو الحضّ عليها، والحث على فعل الخيرات تجاه الناس بشكل عام، وتشجيع الشارع الحكيم على أعمال خيّرة من هذا القبيل. وأما ما يحصل في بعض المراكز البحثية أو الطلابية، فينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: يقوم المركز بتجهيز بحوث للطلبة تحت عناوين تهمّ مساقا ًمحددا ًعن طريق الإنترنت أو غيره، دون معرفة بميزاته أو محتوياته، فيأتي الطالب يريد بحثا ً تحت عنوان ما لهذا المساق الذي كُلّف به من قبل جامعته أو غيرها، فيشتريه من المركز دون أن يبذل جهدا ًفي تحصيل المادة العلمية، وهدف المركز في هذه الحالة هو المردود المادي فقط.

والتعاون على صورة هذا القسم لا يجوز، لا من المركز بداية؛ لأنه خيانة، وتعاون على الإثم والعدوان، لما فيه من سرقة للمعلومات التي بذل أصحابها في تحصيلها أو تأليفها أعمارهم، ولا من المكلف بالبحث؛ لأنه سوف يقوم بتقديم هذا البحث باسمه، وهو كذب وتزوير وغش، كما ويترك أثرا ًسلبيا ًعلى الطالب؛ لأن الغاية من طلب البحث منه لم تتحقق، وهي تدريبه على الرجوع إلى المصادر، واستخراج المعلومة، واختبار قدراته ونحو ذلك.

    قال الله تعالى:﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ ولهم عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران : 188]. وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«المُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطَ كلابِسِ ثَوْبَي زُورٍ» [البخاري، كتاب النكاح، باب المتشبع بما لم ينل]. فلو أن طالبا ًاعتمد في أبحاثه - من ألفها إلى يائها - على غيره، ونال بذلك أعلى الدرجات والشهادات، فإنها تكون شهادات مزوّرة وباطلة، وينطبق عليه حديث النبي السابق " المتشبّع بما لم يُعط كلابس ثوبي زور"، ويُعتبر غاشا ً مدلّسا ًعلى الناس، وسيُكشف أمره عاجلا ًأم آجلاً، إضافة ً إلى أن راتبه يكون حراماً، والعياذ بالله.

    أما القسم الثاني: إذا كان دور المركز إرشاديا ً وتوجيهيا ً للباحثين لا غير، أي أن يقوم المركز بإرشاد الطالب إلى كيفية عمل البحوث، وكيفية استخراج المعلومة ومساعدته في استقاء مراجع أو عناوين يرجع إليها، أو القيام بطباعة البحث، بحيث يقوم الطالب بصياغة المعلومة المقدمة بجهده، ومن ثم تقديمها باسمه، فلا مانع من ذلك ولو بأجر.

التعليقات