الذكرى التاسعة عشر لرحيل العميد / نعمان مشرف نعمان القدوة (صلاح أبو المشرف )

الذكرى التاسعة عشر لرحيل	  العميد / نعمان مشرف نعمان القدوة (صلاح أبو المشرف )
الذكرى التاسعة عشر لرحيل

العميد / نعمان مشرف نعمان القدوة
(صلاح أبو المشرف )

بقلم لواء ركن / عرابي كلوب 
تمر علينا الذكرى التاسعة عشر لرحيل العميد / صلاح القدوة حيث حين نتذكر من كانوا سباقون للإلتحاق في صفوف حركة فتح فأن من الصعب أن ننسى المرحوم / صلاح القدوة ( أبو المشرف ) مرفوع الهامة دائماً , وعندما نتذكر ماقام به من عمل إرتكازي في منطقة خانيونس مشاركاً كل من الاخوة عبد المعطي السبعاوي , وهاني الدبيكي , ,وسمير الودية , عمران سنينو , محمد أبو الليل , هناك الكثير من الاخوة الآخرين ضمن مجموعتهم حيث كان الأخ زهير الوزير مسؤولاً تنظيمياً عنهم .

صلاح القدوة من مواليد مدينة خان يونس بتاريخ 1/1/1949م حيث كانت تقيم أسرته , هناك درس في مدارسها المرحلة الإبتدائية والإعدادية والثانوية حتى العام 1967م , وتوفي والده في شهر مايو عام 1958م وكان هو الأخ الأكبر لأشقائه الأولاد حيث قامت والدته الفاضلة بتربيتهم أحسن تربية وكانت لهم بمثابة الآب والأم في نفس الوقت .

تم تنظيم صلاح القدوة في حركة فتح عام 1966م على يد أبن عمه موسى عرفات ( أبو منهل ) الذي كان من قدماء حركة فتح في قطاع غزة .

عندما هزمت الدول العربية في حزيران عام 1967م , تمكن صلاح مع أخوانه أبناء تنظيم حركة فتح من جمع ماتبقى من أسلحة التي تركت خلف الجيش المصري وجيش التحرير الفلسطيني في كل من غزة وسيناء , وكان صلاح يقوم بتخزين هذه الأسلحة في مدينة خان يونس , وعندما بدأت الإنطلاقة الثانية لحركة فتح بعد شهرين من الهزيمة طلب منه نقل هذه الأسلحة إلى مدينة الخليل , فقام مع صديق عمره / عبد المعطي السبعاوي بنقل كمية من هذه الأسلحة إلى مدينة الخليل ومنها تم توصيل قسم إلى مدينة القدس .

كان صلاح القدوة يقوم بتدريب الأخوة المنتسبين في التنظيم على الأسلحة في منزله .

ذهب صلاح القدوة إلى نابلس حيث التقى للمرة الأولى بالأخ أبو عمار الذي كان اسمه في ذلك الوقت ( أبو محمد ) حيث اعطي تعليمات حملها معه إلى غزة إلى الاخوة في التنظيم وذلك لنقل كمية من الأسلحة والذخيرة إلى الخليل , حيث تولى صلاح تلك المهمة ونفذ الأمر فوراً وقد شاركه في تلك المهمة كل من الاخوة عبد المعطي السبعاوي , وهاني الدبيكي اللذين شاركوا في بناء الخلايا السرية وتدريب الأسلحة .

كان صلاح القدوة اليافع المتدفق حيوياً ونشاطاً , المتميز بالجرأة والشجاعة , المندفع بحكمة وعقلانية , صلاح كان أبن الخلية الفتحاوية والذي ساهم في بواكير العمل العسكري في الأرض المحتلة والذي كان ينتقل بين غزة والخليل يبني وينظم ويقاتل .

بقى صلاح القدوة في غزة حتى أصبح مطارداً لقوات الإحتلال الإسرائيلي وفي نهاية العام 1967م تمكن من المغادرة إلى الأردن حيث التحق بقواعد الثورة هناك .

التحق صلاح عام 1969م بالكلية الحربية في الخرطوم ضمن أول دورة للضباط في السودان وعددها عشرون فرداً , حيث تخرج منها برتبة الملازم في تموز عام 1970م , عاد صلاح إلى الأردن وواصل عمله ونضاله ضمن القطاع الشمالي للحركة .

أعتقل صلاح القدوة في الأردن بعد أحداث أيلول الأسود عام1970م وأودع بسجن الجفر الصحراوي وبقى فيه عدة أشهر حيث ذاق فيها التعذيب من قبل سجانيه , تم الأفراج عنه مع بعض الأخوة بعد تدخل اللجنة العربية التى حضرت بعد أحداث أيلول إلى الأردن .

غادر صلاح القدوة الأردن إلى سوريا حيث الحق بجهاز الخدمة الخاصة التابع لقيادة قوات العاصفة آنذاك ,هذا الجهاز كان يضم كوادر نوعية ومختلفة ويقوم بمهام خاصة حيث كان على رأس هذا الجهاز المرحوم القائد اللواء/ مجيد الأغا .

كلف صلاح القدوة في جهاز الخدمة الخاصة بشؤون الأمن وبالذات مكافحة التجسس , حيث كان له قدرة عجيبة للعمل المتواصل ليل نهار , وله أسلوبه الحضاري بالتحقيق مع المشتبه بهم في التعامل مع أجهزة المخابرات المعادية ,ونجح كثيراً في هذا المجال , كما أستطاع أن يصلح كثيراً من الأشخاص الذين غرر بهم واعادتهم إلى جادة الصواب .

عام 1972م تعرض تنظيم حركة فتح في مخيم تل الزعتر لهزة أفقدته تماسكه وحصلت شردمة كادت تؤدي إلى تفتيته , فبدأت القيادة تدرس معالجة الأمر ورأب الصدع فما كان منها إلاَ أن وقع أختيارها على كادر صلب لموقع صعب , ليتصدى للواقع المؤلم , وهذا الكادر كان صلاح القدوة , لقد شمر عن ساعديه وبدأ العمل ليل نهار بشجاعة وأقدام المناضلين , وسار في طريق البناء , وبجرأة لا تضاهيها جرأة أعلن حل التنظيم وبدأت خطوات البناء من جديد , شكل لجنة لقيادة العمل وبدأت مسيرة البناء وأستبعد العناصر الهدامة , وأستقطب العناصر الجيدة , و بعد أن أطمئن إلى سلامة العمل الصحيح عاد إلى جهاز الخدمة الخاصة حيث تم تكليف الجهاز بتشكيل مجموعات إنتحارية للعمل داخل الأرض المحتلة , وكان لصلاح القدوة دوراً مميزاً في تعبئة أفراد متطوعين وتلقينهم تدريباً تنظيماً وأمنياً وسياسياً , بعدها صدر قرار بنقله للعمل في جهاز القطاع الغربي (الأرض المحتلة ) عام 1974م حيث عمل تحت أمرة الشهيد اللواء / سعد صايل في دمشق قبل أن ينتقل إلى بيروت .

سافر صلاح القدوة مع الشهيد القائد / أبو عمار إلى الأمم المتحدة عام 1974م عمل صلاح القدوة تحت أمرة القائد الشهيد / أبو جهاد في بيروت لحين الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982م حيث غادر إلى القاهرة مع أسرته للإستقرار فيها .

كان صلاح دائم الحضور إلى تونس للقاء الشهيد القائد / أبو جهاد الذي كان يكلفه بعمل خاص للداخل من خلال تواجده على الساحة المصرية .
عمل صلاح أبو المشرف ضمن اللجنة التي أشرفت على الأنتفاضة الأولى بقطاع غزة وكان أحد الأعضاء الفاعلين والأساسين فيها حيث زاد عمله وأخوانه من خلال الأتصال والتواصل مع الفعاليات والقوى الوطنية والشبيبة وتنظيم حركة فتح والمؤسسات الأهلية لزيادة المشاركة الشعبية في الأنتفاضة حيث كان يتابع أحداث الأنتفاضة أول بأول .

بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993م عين العقيد/ صلاح القدوة بتاريخ 30/10/1993م عضواً في لجنة الداخل للأمن والشرطة .

وبعد عودة قوات منظمة التحرير الفلسطينية والقيادة الفلسطينية إلى قطاع غزة وأريحا في شهر مايو1994م كلف الأخ/صلاح أبو المشرف بأمانه سر اللجنة الحركية العليا في قطاع غزة حيث كان يمارس العمل التنظيمي ليل نهار وبقي في هذا الموقع حتى وفاته بعد أن داهمه المرض اللعين .

لقد عانى أبو المشرف من المرض فترة طويلة ورغم ذلك كان يتابع كل مايجري في الحركة من صغيرة وكبيرة .

أنتقل أبو المشرف إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 27/10/1996م ودفن في مدينة غزة .

صلاح القدوة طيب القلب , دمث الخلق ,عفيف اللسان الصبور , كان يربط الليل بالنهار من أجل مصلحة الحركة , عاش زاهداً في الحياة , الرجل البشوش الصارم المنتمي إلى حركته فتح بشكل حديدي , يعتز بفلسطينيته , المثقف , الواعي .
صلاح الكادر الباحث عن المعرفة والتطور ليزيد من عطائه ويزيد من قدرته .

صلاح القائد واضح الأنتماء , كريم النفس , عالي الهمة , لا يعرف الكلل ولا الملل , مصدر تفاؤل ونبع عطاء .

لقد غادرنا الصديق والحبيب / صلاح أبو المشرف صاحب التاريخ الطويل في الحركة , وهو في قمة عطائه الثوري والحركي , كان يقدس حركته إلى درجة التعصب .
رحمك الله ياأبا المشرف وأسكنك فسيح جنانه

التعليقات