حق أبناء الأردنيات في جنسية أمهاتهم ثابت في الدستور الأردني

حق أبناء الأردنيات في جنسية أمهاتهم ثابت في الدستور الأردني
رام الله - دنيا الوطن

قال المحامي إسلام الحرحشي المحامي المتخصص في القضايا الدستورية في دراسة قانونية أعدها في الموضوع القديم الجديد وهو حق أبناء الأردنيات في جنسية أمهاتهم حيث بيّن أن هذا الحق هو حق ثابت في الدستور الأردني، وأن الفقرة (3) من المادة (3) من قانون الجنسية الأردنية مخالفة لأحكام الدستور ويجب إبطالها لأنها تميّز بين الأردنيين في حقهم في الجنسية التي تعتبر واحدة من أهم الحقوق السياسية والمدنية للمواطنين الأردنيين.

وهذا نص الدراسة كما ورد:

دراسة قانونية في حق أبناء الأردنيات في جنسية أمهاتهم وثبوت الحق في الدستور الأردني.

ما زال موضوع حق أبناء الاردنيات في اكتساب جنسية أمهاتهم يثير جدلاً في الشارع الأردني ولدى أصحاب القرار، فتارة يعلو صوت المنادين بهذا الحق وتارة يخبو، وتارة نسمع وعوداً من أصحاب القرار بإنصاف أبناء الأردنيات بمنحهم بعض حقوقهم المدنية دون حقهم في الجنسية، ولكن سرعان ما نكتشف أن هذه الوعود تندرج تحت بند تخدير الرأي العام، ولعل من المهم أن نعلم، هل لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين الحق في اكتساب جنسية أمهاتهم الأردنيات؟؟ وهل تحمي التشريعات الأردنية هذا الحق؟؟ وكيف السبيل لإثبات هذا الحق؟؟ هذه أسئلة مشروعة يجب طرحها ويجب أن نجيب عليها بشفافية، فهي حق للرأي العام لاطلاع عليها ولا سيما أصحاب الحقوق من أبناء الأردنيات.

أولاً: تنص المادة (3) من قانون الجنسية الاردنية وتعديلاته رقم 6 لعام 1954 على ما يلي:
يعتبر أردني الجنسية:
1. كل من حصل على الجنسية الاردنية او جواز سفر أردني بمقتضى قانون الجنسية الاردنية لسنة 1928 وتعديلاته والقانون رقم 6 لسنة 1954 وهذا القانون.
2. كل من كان يحمل الجنسية الفلسطينية من غير اليهود قبل تاريخ 15/ 5/ 1948 ويقيم عادة في المملكة الاردنية الهاشمية خلال المدة الواقعة ما بين 20/ 12/ 1949 لغاية 16/ 2/ 1954.
3. من ولد لاب متمتع بالجنسية الاردنية.
4. من ولد في المملكة الاردنية الهاشمية من ام تحمل الجنسية الاردنية واب مجهول الجنسية او لا جنسية له او لم تثبت نسبته الى ابيه قانونا.
5. من ولد في المملكة الاردنية الهاشمية من والدين مجهولين ويعتبر اللقيط في المملكة مولودا فيها ما لم يثبت العكس.
6. جميع افراد عشائر بدو الشمال الواردة في الفقرة (ي) من المادة 25 من قانون الانتخاب المؤقت رقم 24 لسنة 1960 والذين كانوا يقيمون اقامة فعلية في الاراضي التي ضمت الى المملكة سنة 1930.

ثانياً: بموجب نص المادة (3) هذا يعتبر أردني الجنسية من ولد لاب متمتع بالجنسية الأردنية ولا يعتبر أردني الجنسية من ولد لام متمتعة بالجنسية الأردنية؛ فهذا النص يمنح أبناء الرجال من الأردنيين الحق في اكتساب الجنسية الأردنية دون النساء منهم، وهو نص يحرم أبناء النساء من الأردنيين من حقهم في اكتساب جنسية أمهاتهم، ولكن،،، ما مدى مشروعية هذا النص في ظل القواعد الدستورية الآمرة التي تسمو على النصوص القانونية العادية؟؟؟ وهل هذا النص القانون يتفق مع أحكام الدستور الأردني أم يخالفه؟؟

ثالثاً: تنص الفقرة (1) من المادة (6) من الدستور على ما يلي:
"الاردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين"

رابعاً: يقضي هذا النص الدستوري بأن الاردنيين متساوون أمام القانون ولا يجوز التمييز بينهم في الحقوق والواجبات بشكل عام، ولكن ما يثير الاشكال الموهوم عند البعض هو عبارة (وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين)، فذهب البعض إلى القول بأن هذا النص لا يجيز التمييز بين الأردنيين في الحقوق والواجبات على أساس الاختلاف في العرق أو اللغة أو الدين فقط، ولكنه يجيز التمييز بين الأردنيين في الحقوق والواجبات على أسس أخرى مثل الجنس أو لون البشرة أو العينين أو مذاهبهم وآرائهم الفكرية ومعتقداتهم أو غير ذلك.
ولكن الحقيقة، أن دلالة النص الدستوري وفق قواعد التفسير تقضي بأن ما أورده المشرع من أسس لا يجوز التمييز بين الأردنيين على أساسها وهي (العرق أو اللغة أو الدين) وردت على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، كما تقضي قواعد التفسير بأن دلالة النص الدستوري يفهم منها بالضرورة أن هذا النص الدستوري لا يجيز التمييز بين الأردنيين في الحقوق والواجبات على أسس أخرى مثل الجنس أو لون البشرة أو العينين أو مذاهبهم وآرائهم الفكرية ومعتقداتهم أو غير ذلك، ولهذا لا يستقيم قول القائلين بأن هذا النص الدستوري يجيز التمييز بين الأردنيين على أساس الجنس، فالتمييز بين الأردنيين في الحقوق والواجبات غير مشروع وغير دستوري بمقتضى المفهوم الضمني لنص الفقرة (1) من المادة (6) من الدستور.

خامساً: تنص الفقرة (1) من المادة (128) من الدستور على ما يلي:
"لا يجوز ان تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق او تمس اساسياتها."
وتنص المادة (5) من الدستور
"الجنسية الاردنية تحدد بقانون."

سادساً: إن الجنسية الأردنية هي أحد أهم حقوق الأردنيين السياسية والمدنية، ولا يجوز بموجب النصوص الدستورية الواردة في المادة (5) والمادة (6 / 1) والمادة (128 / 1) من الدستور التمييز بين أبناء الأردنيين في حقهم اكتساب الجنسية الأردنية على أساس جنس آبائهم ذكوراً أو إناثاً، فيمنح هذا الحق بموجب قانون الجنسية للأبناء الذين يتمتع آبائهم بالجنسية الأردنية فقط، وفي المقابل يحرم من هذا الحق الأبناء الذين تتمتع أمهاتهم بالجنسية الأردنية، لأن النصوص الدستورية يجب أن تفسر بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً، ولا يصح تفسير أي نص منها وحده بمعزل عن النصوص الأخرى، بل يجب أن يكون تفسيره متسانداً معها بفهم مدلوله بما يقيم بينها التوافق والنأي بها عن التعارض، فالأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذي يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوَم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ، أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الواقعي والاجتماعي.

سابعاً: بناءاً على ما تقدم يصبح واضحاً لكل منصف ولكل من ينشد تطبيق العدالة والمشروعية أن حق أبناء الأردنيات في جنسية أمهاتهم المتمتعات بالجنسية الأردنية هو حق ثابت دستورياً، ويصبح واضحاً أن ما تضمنته المادة (3) من قانون الجنسية من نص يقصر حق الجنسية لمن يتمتع آبائهم بالجنسية الأردنية فحسب هو نص يخالف أحكام الدستور مخالفة صريحة وواضحة.

ثامناً: إن المرأة الأردنية هي مواطنة لها حق المواطنة الكاملة بموجب الدستور الأردني، والمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وأي تشريع قانوني ينتقص من هذه المواطنة يعد تشريعاّ مخالفاً للدستور ولهذه المواثيق ويجب إبطاله، ولا يعتد بتحفظات الدولة على بعض بنود هذه المواثيق الدولية.

تاسعاً: إن ثبوت الحق لأبناء الأردنيات في جنسية أمهاتهم المتمتعات بالجنسية الأردنية دستورياً يحتاج من المواطنين المتضررين ومن مؤسسات المجتمع المدني على اختلاف مسمياتها التي تدعي أو تعمل على تطبيق هذا الحق وإنفاذه في الواقع يحتاج منهم أن يجتهدوا وأن يحسنوا في إدارة مطالبتهم بهذا الحق وأن يستشيروا وأن يستعينوا بأهل الاختصاص من القانونيين والحقوقيين كي يتجاوزا اخفاقاتهم بنيل هذا الحق المشروع والثابت.

التعليقات