غزة بين الحصار والإعمار

غزة بين الحصار والإعمار
بقلم : جمال ربيع أبو نحل 

الاحتلال, الفصل العنصرى , التهويد ,المجازر, القتل , الاستيطان , الحصار , العقاب الجماعي , قتل الأطفال و النساء , قصف المدنيين بالطائرات الحربية والدبابات و مدافع الميدان ...الخ

كلها صفات وأسماء تعنى بالقاموس , الاحتلال الإسرائيلي و الذي بدأ بمجازر العصابات الصهيونية و باقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه عام الـ48 , و لم تنتهِ حتى تاريخه, بينما شهد قطاع غزة أبشع ممارسات الاحتلال فاشية و سادية .

لقد تتالى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال خمس سنوات لثلاث مرات وكان أكثرها دموية عدوان تموز العام الجاري و الذي استمر لقرابة الشهرين و خلف أكثر من ٢٢٠٠ شهيداً وأكثر من عشرة آلاف جريح , آلاف منهم أصيبوا بإعاقات دائمة و دمار هائل لعشرات ألاف المنازل , وتدمير العديد من دور العبادة ومئات المصانع و الورش والمراكز الطبية و المدارس .

وعلى إثر سقوط العدد الهائل من الشهداء و الجرحى والدمار الغير مسبوق و الذي أحدثته آلة الحرب الإسرائيلية المجنونة في القطاع , تعالت الأصوات في شتى بقاع الأرض لتأمين بيوت لعشرات آلاف من الأسر الفلسطينية و التي وجدت ذاتها بين عشية و ضحاها في الشارع .

وتم عقد مؤتمر إعادة الإعمار , حيث أجمع المتبرعون على ضرورة البدء الفوري بالاعمار , و اقترح السيد روبرت سيرى خطة للرقابة على دخول مواد البناء تحت الرقابة الدولية , و لم تتطرق خطة سيرى لأي آلية رقابة على دولة الاحتلال باعتبار إسرائيل دوماً فوق القانون .. و فوق البشرية جمعاء ؟؟!!

فلم نرَ حكومات هذا العالم المتحضر والمؤمن بقيم العدالة و الديمقراطية و حقوق الإنسان يتطرقون للمفاعل النووي الإسرائيلي و المخاطر التي يسببها على حياة الملايين من سكان المنطقة من تهديد للصحة العامة و نشره للعديد من الأمراض وخاصة السرطان بسبب التلوث النووي بعدما تجاوز المفاعل عمره الافتراضي بسنوات .

لم تتطرق خطة " سيرى " لاستخدام إسرائيل للمواد و الأسلحة القتالية الحربية سيما و أن غالبيتها محظور استخدامه دوليا ، و ضرورة حظر تصديرها إلى إسرائيل و إخضاع ما يمتلكه جيش الاحتلال الإسرائيلي لرقابة دولية بذات المعايير و المواصفات التي ستخضع لها مستودعات اﻻسمنت و مواد البناء في غزة بتركيب كاميرات مراقبة تحت إشراف دولي  .

ولم تتناول الخطة الأممية نشر مراقبين دوليين في القدس الشرقية و الضفة الغربية المحتلين لرصد انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي و عصابات المستوطنين و ضرورة تركيب كاميرات مراقبة لرصد و توثيق تلك الاعتداءات والتي تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان ، كما يجري العمل على تطبيقه في قطاع غزة المحاصر منذ سبع سنوات و المحتل منذ سبعة وثلاثين عاماً .

فالعديد من حكومات العالم ممن تتتشدق بالمساواة و العدل تصمت عندما يأتي ذكر اسم فلسطين و يصمتون أكثر و أكثر عندما يجرى الحديث عن حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والخلاص من نير الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على صدورهم ، كل ذلك فقط ﻷنها إسرائيل اﻹبن المدلل لهم ... كل ذلك فقط ﻷنها إسرائيل اليد القذرة لقوى الاستعمار في المنطقة .

وكعادة الاحتلال الإسرائيلي و حلفائه في العالم ، يتذرعون بمبررات واهية لتقييد إعادة إعمار قطاع غزة ، و كأن القدس و الضفة تعيشان بلا احتلال و بلا استيطان و بلا قتل يومي للأطفال الفلسطينيين على أيدي قوات الاحتلال و مافيات المستوطنين الإرهابية !!

فإسرائيل كقوة احتلال لم تتوقف يوماً عن مصادرة الأراضي و بناء المستوطنات في الضفة المحتلة و سرق منازل المقدسيين وهدم البيوت على رؤوس قاطنيها وتهويد و عزل القدس .إسرائيل لم تتوقف يوماً عن شق الطرق للمستوطنين في الضفة و تمنع المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض الشرعيين من التنقل على تلك الطرق .

إسرائيل لم تتوقف يوماً عن مصادرة منازل وأراضي المواطنين الفلسطينيين في المدن و القرى و البلدات العربية في اﻻراضى المحتلة عام 48 في حيفا و يافا و عكا و الناصرة و المثلث و النقب و تعمل ليل نهار لتغيير طابعها العربي ولتطمس التاريخ الممتد لآﻻف السنين .

إسرائيل لم تتوقف يوماً عن ممارسة سياسية الفصل العنصري و التطهير العرقي ضد المواطنين الفلسطينيين منذ عام 1948 و لو للحظة واحدة  ، وكأن المطلوب في أو من غزة اﻷن هو إعادة تنظيم و إنتاج الحصار ،،، ولكن أخطر ما في ذلك هو أن يتم بمباركة و إجماع دولي واستمرار حصار قطاع غزة وفصله عن القدس و المضي قدما في ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي في الضفة وإلغاء الصبغة العربية اﻻسلامية والمسيحية للقدس والإسراع في تنفذ مخططات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك .

التعليقات