الشتاء.. ضيف ثقيل على غزة هذه السنة

الشتاء.. ضيف ثقيل على غزة هذه السنة
رام الله - دنيا الوطن
يمسك فهد العكلوك قطعة من القماش محاولًا سد ثغرات أحدثتها القذائف الإسرائيلية في منزله بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، بينما تتساقط فوق رأسه قطرات المطر المنهمرة من السماء.

واضطرت عائلة العكلوك، وعائلات أخرى تضررت منازلها جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع للعودة إلى ما تبقى من منازلهم وقضاء فصل الشتاء فيه بعد انقطاع السبل بهم، وتعذر الحصول على مأوى مناسب.

وعلى يمين منزل العكلوك ركام بيتٍ من خمسة طوابق يسد مدخل الشارع، وعلى يساره بيتٌ قاوم قذائف الدبابات وبقي قائمًا فوق أساسات ضعيفة، وعلى مد البصر لا ترى بيتاً إلا وترك العدوان علامة فيه حتى لو بالشيء القليل.

ضيق الحال


ورغم ذلك، يحاول أصحاب البيوت المتضررة جزئيًا الرجوع إلى حياتهم الطبيعية في ما تبقى من بيوتهم، متحدين بذلك صعوبات الحياة، وعازمين على العيش في أحلك الظروف.

ويقول العكلوك لوكالة "صفا": "إن ضيق الحال وصعوبة الوضع المادي جعلني أغلق الشبابيك والأبواب المكسرة بالنايلون، والجدران المتشققة بقطع القماش، حتى أستطيع العيش داخل بيتي والاحتماء من البرد والأمطار".

وينتظر المواطن الفلسطيني- الذي كان يجلس على كرسي أمام منزله- البدء بتنفيذ الوعود الدولية بإعادة إعمار القطاع، لكنه ينبه إلى أن أوضاع المتضررين مأساوية ولا تحتمل التأجيل.

ولا يختلف الحال كثيرًا بالنسبة لجاره أحمد هنية الذي دمر الاحتلال منزله المكون من سبعة طوابق جزئيًا، ويقول لوكالة "صفا" إن القصف المباشر لمنزله أدى لتعطيل شبكة الكهرباء والمياه بداخله، وتحطيم زجاج النوافذ وتدمير الجدران.

وأضاف- بينما كان يرقب أطفاله يلعبون بصحبة أقرانهم- "لدي أطفال صغار لا يتحملون البرد والرياح في فصل الشتاء، ولذلك أقوم بإصلاح بعض المرافق في المنزل على نفقتي الخاصة لأتمكن من حمايتهم".

مخاطرة بالحياة


ويخاطر بعض المواطنين بحياتهم من أجل البحث عن حياة كريمة بعد تقطع السبل بهم، ويقول المواطن نعيم أمن إن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) نصحه بترك منزله الآيل للسقوط بفعل القذائف الإسرائيلية لكنه لم يفعل ذلك لانعدام البديل.

ويشير- في حديثه لوكالة "صفا"- إلى لجوئه لسند أعمدة بيته المتضررة بـ"دعامات حديدية" خوفًا من سقوطه، وحفاظًا على حياة من فيه، كما أنه وضع النايلون وقطع القماش على الشبابيك والجدران.

ويطالب أمن المجتمع الدولي والعربي والجهات المسئولة بضرورة التعجيل في إعادة إعمار بيوت المتضررين، وإرسال الأموال إلى القطاع وإدخال مواد البناء بأسرع وقت.

وتعاني نحو 60 ألف عائلة في القطاع من التشرد بسبب تدمير منازلهم كليًا أو جزئيًا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، بينما تتوفر فقط ثلاثة آلاف شقة صالحة للاستئجار، وفق تقارير محلية.

بدائل عاجلة


ويقول عضو لجنة الإيواء بوزارة الأشغال العامة والإسكان حاتم النبريص إن لجنة الإيواء بوزارته بحثت عن بدائل لإيواء تلك العائلات، ووزعت نحو 500 "كرفان" صنعت محليًا على منطقتي خزاعة جنوب القطاع وبيت حانون شماله، في ظل وعود خارجية بتوفير المزيد منهم.

ويشير- في حديثه لـصفا"- إلى أن توزيع الكرفانات جاء بناءً على توزيع استبيان على كافة المناطق المتضررة لتخيير المتضررين بين العيش بكرفان أو استلام مبلغ بدل إيجار.

وأوضح النبريص أن الوزارة وزعت ثلاثة آلاف دولار على أصحاب البيوت المهدمة كليًا و1500 دولار على أصحاب البيوت المتضررة جزئيًا كإغاثة عاجلة.

وبرزت على السطح أخيرًا شكاوى من أصحاب الكرفانات تفيد بتسرب مياه الأمطار إلى داخلها وعدم قدرتها على مقاومة ظروف فصل الشتاء، لكن النبريص يقول إنها صنعت بمواصفات تمكنها من التصدي للأعراض البيئية الخارجية.

ويرجع المسئول بوزارة الأشغال حدوث تسرب مياه ببعض الكرفانات إلى "الإضافات والتعديلات التي أجراها البعض على الكرفانات"، لافتًا لاستجابة وزارته لبعض الشكاوى وإصلاح الأعطال.

وتعهد المشاركون في مؤتمر إعادة إعمار القطاع الذي عقد في القاهرة بـ12 أكتوبر الجاري بجمع 5.4 مليار دولار، على أن يخصص نصف المبلغ لصالح متطلبات إعادة الإعمار.

وتعرض القطاع لعدوان إسرائيلي مدمر استمر 51 يومًا (7 يوليو-26 أغسطس 2014) ما أدى لاستشهاد نحو 2180 مواطنًا وإصابة نحو 11 ألف آخرين، فيما تضرر قرابة 80 ألف منزل بشكل كلي وجزئي.

التعليقات