لبنان يرفض ضغوط تركيا عليه لإعطاء امتيازات للنازحين السوريين

لبنان يرفض ضغوط تركيا عليه لإعطاء امتيازات للنازحين السوريين
رام الله - دنيا الوطن
رفض لبنان ضغوطًا دولية قادتها تركيا لجعله يوقع- خلال مشاركته في مؤتمر برلين بشأن أزمة النازحين السوريين المقرر عقده في 28 أكتوبر الجاري- على اتفاقية جنيف المتعلقة باللاجئين، أو تقييده بمضامينها، مما يجعله "بلد لجوء وما يعنيه ذلك من إلزامه بإبقاء النازحين السوريين فيه لسنوات طويلة ومنحهم خدمات وامتيازات، تفوق قدرته على التحمل. 

وقال وزير الشئون الاجتماعية اللبناني رشيد درباس لصحيفة السفير اللبنانية إن لبنان يرفض أن يكون جزءًا من "اتفاقية اللجوء" لأنها ترتّب عليه تبعات وأعباء، تفوق قدرته على التحمل، ومن شأنها أن تترك آثارًا داخلية خطيرة، منبهًا إلى أنه يراد من ضمّنا إلى هذه الاتفاقية، أن نتكيف مع واقع النزوح ونتقبله وأن نلقّن النازحين المهن وندمجهم في المحيط اللبناني، في مقابل بعض الدعم والمساعدات. 

وأكد أن الصيغة المعروضة مرفوضة، وقال: قرارنا ألا نتكيف وألا تصبح أزمة النزوح أمرًا واقعًا طويل المدى، وهذه نقطة إجماع بين كل اللبنانيين. 

وأضاف: لبنان هو بلد جوار لسوريا، احتضن النازحين من منطلق إنساني وأخوي، وإذا كان قد تصدّى لكارثة حدثت برغم أنه لا دخل له فيها، فهذا لا يعني أن يدفع ثمنها. 

وذكرت السفير أنه قبل أيام قليلة من المؤتمر الذي تستضيفه برلين، حول وضع "اللاجئين السوريين" في مقر وزارة الخارجية الألمانية، برئاسة وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير وبحضور رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام على رأس وفد وزاري لبناني، تكشّفت محاولات للضغط على لبنان من أجل دفعه إلى التوقيع على اتفاقية جنيف المتعلقة باللاجئين، أو تقييده بمضامينها. 

وأوضحت الصحيفة أن سلام ووزير الخارجية اللبناني جبران باسيل ووزير الشئون الاجتماعية رشيد درباس عملوا على إفشال هذا المسعى، وتعطيل مسودة الوثيقة التي كان يراد إلزام لبنان الرسمي بها، بكل ما تتضمنه من طلبات تشمل تحديد كيفية معاملة النازحين، ومنحهم حق اللجوء، وتأمين الحماية اللازمة لهم، والعمل لتحقيق اندماجهم وانصهارهم في المجتمع اللبناني. 

وعلمت "السفير" أن السيناريو الذي كان يُعد للبنان في مؤتمر برلين يتضمن إصدار وثيقة ملزمة دوليًا، على أن تصدر لاحقًا ببيان رئاسي عن مجلس الأمن الدولي. 

وقالت الصحيفة إن الأتراك هم الذين وقفوا خلف تضمين مسودة الوثيقة بندًا يتعلق بالطلب من لبنان التوقيع على اتفاقية اللاجئين الصادرة العام 1951. 

وقد رفضت وزارة الخارجية اللبنانية كليًا هذه المسودة، وهددت بمقاطعة مؤتمر برلين. 

وتردد أن مشاركة الوفد اللبناني بمجمله كادت تصبح مهددة، لو لم تتجاوب الدولة المنظِّمة، أي ألمانيا، مع الطرح اللبناني المضاد والذي لا يزال يحتاج إلى تسويق لدى قرابة 30 دولة تشارك في المؤتمر، على قاعدة أن لبنان يذهب لتلقي العون في مواجهة النازحين وليس لتلقي إملاءات. 

ووفق المعلومات، استهل لبنان المشروع البديل بـ"التأكيد على أن لبنان لم ولن يوقّع على اتفاقية اللاجئين، ولا يعنيه كل ما يمكن أن يرد في الوثيقة المطروحة من أمور لا يوافق عليها في ما خصَّ موضوع النازحين". 

وفي إطار معالجة الهواجس اللبنانية، أوفدت الحكومة الألمانية على وجه السرعة، أمس، نائب مدير دائرة لبنان وسوريا في وزارة الخارجية الألمانية كليمنس هاخ حيث أجرى مباحثات مكوكية مع خلية ديبلوماسية في وزارة الخارجية بالتنسيق مع رئاسة الحكومة، بعد ملاحظات عدّة وضعها لبنان على مسودّة البيان الختامي، وانتهت الى تفاهم معه على مراعاة الخصوصية اللبنانية في المؤتمر. 

ومن المقرر أن يتم طرح هذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء اليوم، حيث ستناقش "السياسة الرسمية" للحكومة حيال ملف النازحين السوريين والتي تمت صياغة مبادئها ويفترض أن يجري إقرار هذه السياسة خلال الجلسة لتصبح مرجعية لبنان في التعامل مع هذا الملف. 

وحذر وزير الخارجية اللبناني بعد اجتماع عقدته لجنة الشئون الخارجية النيابية أمس، من محاولات تحويل لبنان إلى بلد لجوء عبر "إملاءات دولية ليوقّع على اتفاقية جنيف المتعلقة باللاجئين"، لافتًا الانتباه إلى أن "لبنان لم يوقّع على هذه الاتفاقية سنة 1951، وكل ما يقوم به يفعله نتيجة مراعاته الإنسانية والأخوية للنازحين السوريين، لكن لا يجوز أن تُفرض عليه إملاءات دولية في هذا الشأن"، منبهًا إلى أن النزوح السوري، يهدد الوطن والكيان، ونحن أصبحنا على حافة الانفجار، ليس الأمني فقط، بل الاقتصادي والاجتماعي. 

وقال مصدر دبلوماسي غربي لـ "السفير" إن هناك هدفين أساسيين يريد الألمان والمجتمع الدولي تحقيقهما من مؤتمر برلين، أولهما "تشجيع دول الجوار السّوري ومنها لبنان على الانخراط (السياسي والعسكري) في الحلّ في سوريا عبر الانضواء ضمن الائتلاف الدولي ضدّ "داعش" وليس الاكتفاء بالتباكي على أوضاع اللاجئين". 

ويتمحور الهدف الثاني، وفق المصدر نفسه، حول "التباحث في مسألة إعادة توطين النازحين السوريين في بلدان أخرى، بمعنى أنّ ألمانيا ستشجع الدول الحاضرة على اتباع ما اتبعته من إعادة توطين لعدد من النّازحين السّوريين". 

التعليقات