البرد القارس يلتهم أجساد المشردين في مراكز الإيواء

البرد القارس يلتهم أجساد المشردين في مراكز الإيواء
غزة - دنيا الوطن - محمد عطا الله
بيديه المتشققتين، حاول الستيني النازح أحمد الغولة ربط أكياس من النايلون على شبابيك غرفته في إحدى مدارس الأونروا التي نزح اليها، بعد أن هدم الاحتلال (الإسرائيلي) بيته المكون من طابقين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، أثناء العدوان.

النازح الغولة الذي يقيم مع تسعة أفراد من أسرته، يشتكي سوء الظروف التي يمرون بها، خاصة مع دخول منخفض جوي بداية هذا الأسبوع. ويقول: "وضعنا مأساوي في أول أيام المنخفض.. غرقت الغرفة التي نقيم فيها، وأكل البرد القارص أجساد أطفالي".

ويضيف الغولة لـ"الرسالة": "لا يوجد لدينا الا بعض الفرشات، والقليل من البطانيات التي نفترشها على الأرض لتخفف عنا شدة البرد، وقد خرجنا من بيوتنا دون أن نأخذ معنا أي شيء".

ظروف صعبة

ظروف "الغولة" لم تختلف كثيرا عن النازح أسعد جندية، الذي أبدى امتعاضه الشديد من تأخر الإعمار "والوعودات الكاذبة"، على حد تعبيره.

جندية الذي لجأ الي مدرسة البحرين التابعة للأونروا في منطقة تل الهوا جنوبي مدينة غزة، ذكر أن فصل الشتاء المقبل سيكون الأسوأ عليه، خاصة أن منزله دمّر بالكامل وتشرّد جميع أفراد عائلته، بعد أن كان يجمعهم منزل واحد.

ويأمل جندية البدء في عملية الإعمار بأسرع وقت، خاصة أنه لا يقدر على استئجار منزل؛ بسبب ارتفاع الأسعار، وقلة المنازل المستأجرة، وصعوبة أوضاعه المادية.

ويختم حديثه لـ"الرسالة" بتأكيد أنه يعجز عن تحمّل استمرار العيش داخل مدرسة تفتقد كل ما يحتاجه وأطفاله.

ولايزال العديد من النازحين الفلسطينيين يسكنون 14 مدرسة تابعة لوكالة الغوث "الأونروا" بسبب عدم قدرتهم على دفع إيجارات للشقق السكنية، وقلة الشقق للإيجار في غزة.

نار الانتظار

لكن الحال لدى السبعيني سليمان شمالي بدت مختلفة تماما، فقد سارع إلى نصب خيمة صغيرة بجانب منزله المدمر في حي الشجاعية منذ اليوم الاول لانتهاء العدوان، رافضًا فكرة اللجوء الى مراكز الإيواء.

وبينما توزعت نظرات المواطن شمالي على بقايا منزله الذي يتناثر حوله الركام، قال: "أرجو أن تتم إزالة هذا الركام، وأناشد البلدية كي تساعدنا، فلا يمكن الانتظار أكثر من ذلك".

وينتظر شمالي إعمار منزله على نار، حرارتها أشد من حرارة النار التي يوقدها ليدفئ بها جسده من شدة البرد.

وعن سبب رفضه اللجوء الي مراكز الإيواء أو استئجار منزل، أجاب شمالي: "معظم أبنائي وأحفادي استأجروا منازل، لكني أرفض فكرة التشرد وترك منزلي والعيش تحت رحمة مراكز الإيواء، وأفضل الجلوس بجانب منزلي كي أتنفس رائحته".

المواطن شمالي خلال حديثه لمراسل "الرسالة" راح يسترجع ذكرياته الجميلة، ويقلّب بعض الصور التي جمعها من تحت ركام منزله، لكن سرعان ما فرّ الدمع من عينيه المجعدتين عند مروره على صور أحد أبنائه الأربعة الذين فقدهم في العدوان.

وكان قطاع غزة قد تعرض لعدوان (إسرائيلي) لمدة 51 يوماً أدى إلى تدمير عشرات آلاف المنازل.

حلول مؤقتة

عدنان أبو حسنة المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) قال إن الأونروا أسرعت في دفع بدل إيجار لأصحاب البيوت المدمرة قبل دخول فصل الشتاء. وأضاف: "عوضنا أصحاب المنازل المتضررة بشكل بسيط ليتمكنوا من إصلاحها والسكن فيها".

وأوضح أبو حسنة لـ"الرسالة" أن الأونروا لا تستطيع القيام بعملية الإعمار في الوقت الحالي لعدم توفر مواد البناء، وعدم وصول الأموال التي تعهدت بها الدول المانحة حتى اللحظة.

وأشار إلى أن الأونروا ستستمر في تقديم الخدمات للنازحين، وقال إنهم ناشدوا المجتمع الدولي أمس الأول الثلاثاء، بضرورة تحويل أموال المانحين من أجل الشروع في الإعمار.

التعليقات