غضب واسع من تقرير "الديلي ميل" .. أثريون مصريون: توت عنخ أمون لم يولد إثر "زنا محارم"

غضب واسع من تقرير "الديلي ميل" .. أثريون مصريون: توت عنخ أمون لم يولد إثر "زنا محارم"
رام الله - دنيا الوطن
أثار تقرير نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية، حول تمتع الملك توت عنخ أمون ببنية أنثوية نتيجة ولادته بعد علاقة "زنا محارم"، جمعت بين والده وشقيقته، حالة من الغضب الواسع في الأوساط الأثرية والباحثين المصريين، الذين طالبوا بوضع حد لما وصفوه بالعبث الذي تتعرض له مومياوات ملوك وملكات الفراعنة، والخروج بتقارير تهدف لضرب الحضارة الفرعونية.

وجدد الأثريون المطالب بإطلاق مشروع وطني مصري، لدراسة مومياوات الفراعنة، يكون مقره في متحف التحنيط بمدينة الأقصر التاريخية، بصعيد مصر.

وشكك عالم المومياوات المصري أحمد صالح عبد الله اليوم الثلاثاء، في صحة ما نشرته الصحيفة عن أن الملك توت عنخ آمون، كان لديه بعض العيوب الوراثية التي أثرت عليه، ومنها امتلاكه ساق أنثى، وتمتعه ببنية أنثوية.

ورفض عالم المومياوات المصري ما أعلنه مدير معهد المومياوات في إيطاليا ألبرت زنك عبر صفحات ديلي ميل بأن توت عنخ أمون ولد بعد علاقة والده اخناتون بشقيقته، وأكد صالح أن اخناتون لم يكن أخاً لنفرتيتي التي لم تكن من الأسرة المالكة، ولم تكن محظية أخناتون وأن محظيته كان اسمها "كيا"، وهي التي من الممكن أن تكون أماً لتوت عنخ أمون، وهي أيضاً لم تكن أختا لأخناتون ولا تنتمي لعائلته.

وأشار إلى أنه من المعروف أنه لم يتم العثور على أجساد غالبية عائلة اخناتون، ولم يعثر إلا على توت عنخ أمون وبناته، وجسد صاحب المقبرة رقم 55، ولذا من الصعب قبول الرأي الذي يشير إلى أنه تنوع أنثروبولوجي.

وأضاف أن الدراسات الأثرية والتاريخية تتفق على أن الملك توت عنخ أمون، وجد نفسه فجأة مطالباً بالجلوس على العرش، بعد أن مات سلفه الملك سمنخكارع، وحكم هذا الملك الصغير ما بين تسع إلى عشر سنوات، ولكن تلك البحوث والدراسات لم تلق الضوء حول شكل وسمات وخصائص الملك توت عنخ أمون، وظهر الملك في أغلب المناظر على جدران مقبرته وعلى آثاره بشكل كلاسيكي يشبه أي ملك في مصر القديمة، برغم أن الفن في عهده لايزال يحمل سمات الفن الأتوني الذي ابتكر في عصر الملك أخناتون، من حيث الجمجمة المستطيلة والخصر الكبير.

وأشار إلى ملاحظة هامة وهي ظهور الملك متكئاً على عصا السير، في أكثر من منظر.

مراجع
وبحسب المراجع التاريخية فقد عثر المستكشف البريطاني هيوارد كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ أمون على أكثر من 130 عصاً وعكازاً، وبقايا عصي متنوعة الأشكال والزخارف، واعتقد كارتر أن الملك كان مولعا بجمع العصي، ووجد كارتر دلائل عدة على استخدام الملك هذه العصي أثناء حياته.

وكشف صالح عن أن صور الأشعة السينية لظهر الملك، تشير إلى أن هناك تقوساً غريباً في الظهر نتيجة لالتواء العمود الفقري للملك، ورأى أطباء بريطانيون قاموا بفحص المومياء أن هذا الالتواء تسبب في حدوث صعوبة في تحركات الملك.

وأظهرت فحوص أخرى أن الحالة الصحية للملك توت عنخ أمون كانت جيدة، ولم يشر الجسد بإصابة الملك توت عنخ أمون بأية أمراض، ولكن البعض اعتقد أن الملك كان مصاباً بداء السل، إلا أنه ليست هناك دلائل قوية تؤيد هذا الاعتقاد، ولاسيما وأن صاحب هذا الاعتقاد لم يحصل على عينة من رئة الملك ليقوم بدراستها، كما أن الأشعة المقطعية التي قام بها أعضاء فحص الجمعية الجغرافية، أثبتت أن توت عنخ أمون كان يتمتع بصحة جيدة ولم يكن يعاني من سوء تغذية أو أي أمراض.

سمات الملك
وامتلك توت عنخ أمون أسناناً جيدة وناصعة البياض، ولكن ضرس العقل الثالث الأيمن تآكل قليلاً وأصابه التسوس، وكان ضرس الملك العلوي الأيسر مدفوناً لحد ما في اللثة، ويوجد سمك خفيف للفراغ التجويفي أعلى هذا الضرس، ولكن ذلك لم يسبب خطراً على الحياة، واتسمت أسنان الملك السفلية بعدم التناسق الخفيف، وكانت أسنان القواطع الأمامية كبيرة وهي إحدى سمات شكل الأسنان لملوك الأسرة الثامنة عشر.

وكانت أذن الملك صغيرة الحجم، ويبدو أنه كان يرتدي حلقاناً في أذنيه أثناء حياته، وثقبت الأذن اليسرى بثقب قطره 7.5 مللم، وربما ثقبت الأذن اليمنى التي يبدو أنها ضاعت أثناء نزع اللفائف عند اكتشاف المقبرة، وأظهرت الأشعة السينية أن جمجمة الملك مستطيلة الشكل، وهي تشبه الجماجم التي ظهرت في الفن الآتوني، وسميت بـ "الجمجمة الآتونية".

ومن المعروف أن هذا النوع من الجماجم قد شاع في مناظر ونقوش عصر العمارنة، وصورت رأس الملك اخناتون على شاكلة هذا النوع من الجماجم، وصورت أيضاً جماجم أغلب الناس في عصر هذا الملك بنفس الجمجمة، وحين خضعت صور الأشعة السينية للدراسة وجد أن جمجمة الملك توت عنخ أمون واسعة ومسطحة القمة، ووجد تطابقاً كبيراً بين شكل رأس توت عنخ أمون ورأس صاحب المقبرة رقم 55، بوادي الملوك غرب مدينة الأقصر.

ورجح باحثون أستراليون أن يكون سبب استطالة الرأس عند صاحب المقبرة رقم 55، المرجح أن يكون صاحبها سمنخكارع أو اخناتون، هو إصابته بمرض استسقاء الرأس، وسببه هو تجمع سائل النخاع الشوكي داخل المخ، ما يعني أن استطالة الرأس هي حالة مرضية.

واختلف باحثون بريطانيون مع هذا الرأي، واعتبروا أن استطالة رأس صاحب المقبرة رقم 55، هو أمر عادي لأنه سبق العثور على أمثلة أقدم ترجع إلى عصر الدولة القديمة، ولم يكن السبب في ذلك أي مرض.

واتفق فريق فحص الأشعة المقطعية لمومياء توت عنخ أمون، عام 2005 مع رأي البريطانيين، وأكدوا أن استطالة جمجمة توت عنخ أمون يرجع إلى تنوع أنثروبولوجي طبيعي، وليس حالة مرضية.

وتتفق معظم الآراء على أن الجمجمة الأتونية هي حالة وراثية ورثها أفراد عائلة الملك اخناتون، ومن المعروف أنه لم يتم العثور على أجساد غالبية عائلة اخناتون ولم يعثر إلا على توت عنخ أمون وبناته وجسد صاحب المقبرة رقم 55، ولذا من الصعب قبول الرأي الذي يشير إلى أنه تنوع أنثروبولوجي.

إلى ذلك اتفق باحثون مصريون بمركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، بينهم الأثرية المصرية منى فتحي والدكتورة خديجة فيصل فهمي والباحثة نجلاء عبد العال عبد الصادق، على ضرورة وجود مشروع وطني مصري لدراسة مومياوات الفراعنة والرد على ما يثار بشأن التاريخ المصري القديم، وتعمد بعض المراكز البحثية في بلدان الغرب تشويه الحضارة المصرية القديمة، عبر الإعلان عن نتائج دراسات مغلوطة من قبل بعض المراكز البحثية الأجنبية.

واقترح الباحثون المصريون أن يقام المشروع المصري لدراسة مومياوات الفراعنة في متحف التحنيط بمدينة الأقصر، والذي يعد المتحف الأول من نوعه لمومياوات الفراعنة وفنون التحنيط المصري القديم في العالم.

التعليقات