الدعوة الى إدراج موضوع الرقابة ضمن مساقات تعليم الاعلام في الجامعات

الدعوة الى إدراج موضوع الرقابة ضمن مساقات تعليم الاعلام في الجامعات
رام الله - دنيا الوطن
 أكد إعلاميون وباحثون في شؤون الإعلام على ضرورة العمل على توفير بيئة قانونية تحمي الصحفيين من الملاحقات ارتباطا بعملهم المهني، وإدراج موضوع الرقابة ضمن مساقات تعليم الاعلام في الجامعات والعمل على إيجاد آليات من شأنها النهوض بواقع  الإعلام الفلسطيني ودعم مسيرته ، حيث ناقش المشاركون من الصحفيين في لقاء مفتوح نظمه المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى" في  فندق الروتس بمدينة غزة بعنوان "الرقابة الذاتية هل من سبيل للتخلص منها؟"، أثر الرقابة الذاتية على حرية التعبير والأداء الإعلامي، بتمويل من مؤسسات المجتمع المفتوح.

وقال منسق مركز "مدى" د.أحمد حماد إن  عقد مثل هذا اللقاءات يهدف الى خلق حالة  من الوعى بدور الاعلام ومدى تأثره بالبيئة المحيطة خاصة في ضل الظروف التي يعيشها شعبنا الفلسطيني وصولا إلى نتائج وتوصيات تسهم بالنهوض الفعلي بواقع الإعلام الفلسطيني وتحسين أداء الإعلاميين.

 وذكر حماد أن الرقابة الذاتية تعتبر اخطر أشكال الرقابة، موضحا أن جذورها تعود إلى سنوات الاحتلال التي سبقت قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، حين كانت الرقابة المباشرة شديدة خلال  القيام بالعمل الصحفي.

وأشار منسق مدى من خلال استعراضه لنتائج دراسة اعدها المركز إلى أن إسرائيل عقب احتلالها  للأراضي الفلسطينية سعت إلى فرض قيود مشددة على حرية التعبير، وذلك من خلال القوانين و الأوامر العسكرية التي تُحكم السيطرة على حياة الفلسطينيين وتقيد حرياتهم، واعتمدت إسرائيل في رقابتها على وسائل الإعلام الفلسطينية على جملة من التشريعات المختلفة، فإلى جانب قوانينها وأوامرها العسكرية ، استندت إلى القانون الأردني، وقانون المطبوعات، والقوانين العثمانية، فضلاً عن قانون الدفاع ( الطوارئ) البريطاني لعام 1945.

واشارت الدراسة التي اصدرها المركز مؤخرا تحت عنوان "الاعلام الفلسطيني الرسمي وحرية التعبير" وتناولت في احد اقسامها موضوع الرقابة والرقابة الذاتية الى ان 80% من الصحافيين الذين شملهم استطلاع اجري لصالح هذه الدراسة يمارسون الرقابة الذاتية على بعض او معظم اعمالهم وانتاجهم الصحفي مقابل 19% فقط قالوا بانهم لا يمارسون اي شكل من اشكال الرقابة الذاتية على اعمالهم.  وحسب ذات الدراسة فان 68% من الصحافيين قالوا بانه تم منع نشر مواد لهم او لزملاء لهم اكثر من مرة لاسباب يعتقدون انها متصلة بحرية الصحافة.

وأضاف  حماد أن الرقابة الذاتية تؤثر بشكل بالغ السلبية على حرية التعبير والمستوى المهني للصحافة الفلسطينية، مشيرا إلى أن الرقابة المجتمعية أيضا تعزز الرقابة الذاتية.

واستعرض عدد من الصحفيين جوانب من تجاربهم وخبراتهم العملية ارتباطا بموضوع الرقابة الذاتية وأسبابها وحدود انتشارها وابرز مظاهرها وانعكاساتها السلبية على نوعية المادة الإعلامية التي تقدم للجمهور.

 وأكدوا من خلال استعراض خبراتهم السابقة التي تم عرض بعضها على أن السعي لامتلاك المعلومة والمعالجات المهنية كفيلة بالتغلب على العديد من أسباب الرقابة الذاتية وتخليص الصحفي منها، مشيرين إلى أهمية تناغم وتكامل عمل المؤسسات الإعلامية وتعاضدها بما يشجع على المعالجات الجريئة لمختلف المواضيع ويخفض سقف الخوف والرقابة الذاتية. وشددوا على ضرورة إدراج موضوع الرقابة الذاتية ضمن مساقات تعليم الإعلام في الجامعات.

من جهته، قال الإعلامي تامر المسحال ، إن بناء دولة ديمقراطية وعصرية لا يمكن أن يتم دون وجود إعلام قوي، وهذا الإعلام بحاجة لوجود مساحة واسعة من حرية العمل الصحفي، شرط أن تكون مصانة تشريعيا. مؤكدا على اهمية احترام المواريث الثقافية والمجتمعية في داخل البلد او خارجها عند عمل الصحفي في مهمات عمل خارجية.

وأكد حرص المؤسسات الاعلامية الدولية على وجود إعلام حر وقوي، خاصة أننا  كفلسطينيين في مرحلة بناء دولة حديثة ديمقراطية، تتمتع بوجود مثل هكذا إعلام يضمن ثلاثا من أعمدة الحكم الصالح، وهي: كيفية الحصول على المعلومة، والمساءلة، والشفافية.

وأشار المسحال من خلال مداخلته إلى أن شيوع الرقابة الذاتية لم ينتج عن ممارسات مرتبطة بالجهات أو المؤسسات التي يعمل الصحفي الفلسطيني فيها  فقط، بل إنه نتائج مخاوف مصدرها قد يكون المجتمع أو المعلن أو غيرها من الجهات التي تدفع بعض الصحافيين ووسائل الإعلام لتجنب تناول بعض المواضيع أو اجتزائها عند معالجتها.

وتناول الإعلامي عماد الإفرنجي واقع الحريات  الاعلامية في فلسطين وخاصة الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بشكل رئيسي، والأثر الذي خلفه الانقسام في الحد من حرية الرأي والتعبير.

وبين  الافرنجى أن الاعتداءات  المختلفة على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، أدت إلى استمرار الكثير منهم في ممارسة الرقابة الذاتية، التي تحد من حرية التعبير والوصول إلى المعلومة.

وناقش الصحفي الافرنجى ، مسؤوليات الإعلام المهنية تجاه الجمهور، ومسؤولية الجمهور تجاه الإعلاميين والمواد الإعلامية التي يتعرض لها بشكل لحظي، إضافة إلى ضرورة امتثال الصحفيين للمسؤوليات المهنية ولأدوار الصحافة تجاه المجتمع، من شرح للاتجاهات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفحص الدقيق لعمل أجهزة الحكومة والقضاء والشركات، لتسليط الضوء على حالات الفشل والنجاح.

وأكد  الإفرنجي على اهمية دور الاعلام في اجتثاث الفساد وإساءة استغلال السلطة، والكشف عن الإهمال وانعدام الكفاءة، وتفسير القضايا المعقدة التي تؤثر على أسلوب حياتنا، والترفيه عن القارئ بطريقة تتسم بالمسؤولية، مشددا على ضرورة التحلي والعمل ضمن أخلاق العمل الصحفي، بهدف تحقيق معناه ودوره ومغزاه.

وبين  الإعلامي فادى عبيد ، أهمية  اللقاء الذي يعد الاول من نوعه والذى يناقش مثل هذه القضايا الهامة للإعلامي الفلسطيني والذى يسعى من خلال رفع المستوى المهني والبحث في تشريعات مساندة للإعلام الوطني، في تحسين أداء إعلامنا ومحاولة ملائمة مخرجات كليات ومعاهد الإعلام في جامعاتنا المحلية مع الحاجة الحقيقية للنهوض بقطاع الإعلام.

وشدد على أن إعلامنا يعاني من مشاكل تتمثل في الاحتلال  الإسرائيلي والغزو الإعلامي، الذي يعطل الحركة الطبيعية للإعلاميين، و"يقزم" قدرة الإعلام المستقل على التطور، إضافة إلى الإعلام الممول من دول عربية أو أجنبية، والذي يصعب للإعلام المحلي التنافس معه، مما يسرق من إعلامنا المحلي جمهوره الطبيعي.

وأكد عبيد ضرورة إيجاد استراتيجية واضحة للنهوض بالإعلام المحلي ، تكمن في إيجاد   تشريعات إعلامية عصرية، وخلق بيئة إعلامية مؤثرة والوصول بالإعلاميين إلى مستوى عال من المهنية والجرأة، للخروج من حالة الفوضى والضعف وغياب الثقة.

واكد  عبيد أن اشكال الرقابة على القطاع الإعلامي تعددت لتأخذ أشكالاً مختلفة، واخطرها يتمثل في الرقابة الذاتية التي تمارسها المؤسسة الإعلامية أو الصحفي نفسه على ذاته، مشيرة إلى أن وسائل الإعلام تعرضت إلى تضييق كبير، ما أدى إلى تراجع في عدد هذه الوسائل، وجودة مخرجاتها.

من جهته اكد الصحفي يوسف أبو كويك  أن الانتهاكات بحق الصحفيين والمواطنين لمجرّد تعبيرهم عن آرائهم يؤدي إلى تعزيز الرقابة الذاتية، الأمر الذي يتنافى مع فكرة وجود  محطات او مواقع تسهّل للمواطنين والصحفيين عملية التعبير عن آرائهم.

واوضح ابو كويك  بأن الانقسام الداخلي استحوذ على اهتمام الكثير منها، حيث طغى أسلوب الاتهامات والشتم والتجريح والتخوين والتكفير على الكثير من النقاشات، الأمر الذي أضاع على تلك المجموعات فرصة الحوار الهادئ لمناقشة الكثير من القضايا المجتمعية، ومحاولة تعزيز السلم الاهلي

واضاف انطلاقاً من هذا المبدأ علينا مطالبة جميع السلطات المعنية بوقف الرقابة وعدم التعدّي على حق الصحفيين والمواطنين في التعبير عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي او وسائل الاعلام، ووقف انتهاك خصوصياتهم عبر ممارسة الضغط عليهم وباحترام حرية الرأي والتعبير المكفولة في القانون الأساس الفلسطيني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

بدوره تحدث الإعلامي اياد القرا حول دور الإعلامي الفلسطيني في حماية الجبهة الداخلية فترة الحرب على غزة وأشار إلى اهمية حرية الإعلام والضمانات الدولية، باعتبارها حق من حقوق الإنسان الأساسية، وهي المعيار التي تقاس به الحرية، موضحا أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكد أن حرية الإعلام وحرية الرأي لا ينفصلان عن بعضهما.

 كما تطرق الى مشاكل الإعلام في  فلسطين وخاصة بعد الانقسام خاصة في ظل انتشار تكنولوجيا المعلومات. والسرعة في نقل الخبر والحدث بالصوت والصورة. 

وأوضح القرا ، أن القانون الأساسي الفلسطيني تحدث عن أساس حرية الرأي والتعبير، وشدد على أهمية إنشاء الصحف ووسائل الإعلام، وأكد على أهمية حماية الحريات.

يشار ان هذا اللقاء يمثل جزءا من سلسلة أنشطة سينفذها  مركز "مدى" للحد من الرقابة الذاتية وتعزيز حرية الصحافة والتعبير، في الضفة الغربية وقطاع غزة داعيا الصحفيين والمؤسسات الإعلامية للإسهام في هذا الجهد. 



التعليقات