بالصور ..ظروف الحياة الصعبة بغزة تجبر مصاب بشلل رباعي على العمل
غزة -خاص دنيا الوطن أسامة الكحلوت
بين أزقة شوارع مخيم المغازى ، وفى زقاق ضيق يقودك من الموقف الرسمي للسيارات وسط المغازى باتجاه الشمال ، تصل لشارع ضيق يتسع لشخص واحد ليسير باتجاه واحد بدون عودة ، يصادفك محل بقالة صغير بمواد تموينية قليلة بداخله ، لتنصدم بعد ذلك برؤية شاب يجلس وحيدا بداخله ، ولكن بوضع يختلف عن كل محلات البقالة في قطاع غزة .
داخل البقالة التي لا يتجاوز مساحتها ثمانية أمتار يجلس الشاب فادى القرعة " 27 عاما " ، ممددا على كرسي متحرك لا يحرك اى من أطرافه ليقود بقالته ، محاولا التغلب على حالة الفقر واليأس التي سيطرت عليه بعد إصابته قبل عدة سنوات ، لانتشال أسرته من الوضع السيئ ليصطدم بعد ذلك بوضع أسوأ .
ابتسم حينما شاهدنا ندخل بقالته لندرة الأشخاص الذين يدخلونها للسؤال عن أحواله ، بدأت حكايته تنسخ خيوطها مطلع الانتفاضة الحالية عام 2003 ، بعد إصابته بعيار ناري في الرأس خلال المواجهات التي كانت تدور مع قوات الاحتلال الاسرائيلى شرق مخيم المخيم بالقرب من السلك الفاصل مع أراضينا المحتلة ، لينتقل من المراهقة إلى مرحلة الإعاقة الدائمة بعد الإصابة بشلل رباعي نتيجة استقرار العيار الناري برأسه وإصابة خلايا أفقدته القدرة على الحركة نهائيا .
بابتسامة خفيفة تخفى خلفها أهات سنوات مضت دمرت حياة فادى ، بدأ حديثه عن مرحلة الإصابة قائلا " بعد اصابتى بالعيار النار مكثت في مستشفى الشفاء بالعناية المركزة مدة شهرين ، ومن ثم نقلوني إلى مستشفى الوفاء شرق مدينة غزة للعلاج الطبيعي ، واستمريت هناك مدة عام تقريبا تحت العلاج ، وبعد عودتي للمنزل لم يتابعني احد نهائيا للعلاج الطبيعي ، فزادت حالتي سوءا حيث كنت امشي قليلا على قدماي بعد الخروج من المستشفى ، لكن عدم الاهتمام بعد ذلك افقدني القدرة على كل شئ ولم أتمكن من تحريك اى من اطرافى "
توفى فيما بعد والد فادى ليعيش برفقة زوجة أبيه مع أبنائها الأربعة بعد وفاة والدته أيضا ، حاملا جميع مراحل اليأس من الحياة نتيجة عدم المتابعة والاهتمام من احد لمتابعة علاجه وتحسين ظروف الصحية .
وبعد زيارة بعض المؤسسات المحلية لفادى داخل منزله ، شعروا بحجم الإحباط ووضعه النفسي السيئ والعصبية الدائمة فطرحوا عليه افتتاح بقالة خاصة له على الشارع العام بمنطقة المغازى لإشغال وقته ، حيث ستقوم المؤسسة بفتح البقالة ودفع أجرة المحل لمدة ستة شهور وتزويده بالمواد التموينية ، ومن ثم يتابع فادى حياته بنجاح ، فوافق فادى على أمل تحسين ظروف حياته وتوفير مصاريف علاجه والنهوض بأسرته .
لكن القدر كان اقوي من أحلامه بعد افتتاح بقالته على الشارع العام ، لم يتمكن من دفع أجرة المحل بعد الأشهر الأولى ، فقرر العودة لبيته وفتح باب لغرفته الخاصة على الشارع الضيق ، محاولا نجاحها مرة ثانية بين الزقاق من زبائنه وجيرانه .
فعلى كرسيه المتحرك يجلس منذ الصباح ويغادر بقالته بعد العشاء ليدخل من باب أخر لمنزله بعد إغلاق المحل ، وخلال عمله يستقبل زبائنه وبنظراته وحديثه معهم يأخذ الزبائن ما يرغبون بشرائه من البقالة ، ويضعون الأموال في علبة خاصة بجانب فادى ويأخذون ما تبقى من أموالهم لوحدهم ، بإشراف كامل من فادى بنظراته ومراقبته لكل حركة في المكان وبدون تحريك اى من أطرافه .
وأضاف فادى " حاولت جاهدا النجاح في بقالتى إلا اننى بدأت اشعر باليأس والإحباط نظرا لعدم الإقبال عليها وقلة الزبائن بعدما كنت ابني أحلاما للنجاح منها بالعلاج ومساعدة اسرتى ، ومنذ عدة سنوات أفكر في بيعها كاملا إلا اننى تراجعت لاننى أصبحت اجلس هنا من باب التسلية وإضاعة الوقت بدلا من اقامتى داخل منزلي في عزلة "
ثم تساقطت دموع فادى التي حاول إخفائها وكتمها ليقول " يحاول بعض الناس استغلال عدم قدرتي على ملاحقتهم ومجادلتهم والقيام عن الكرسي المتحرك ، لاجبارى على القبول باستدانتهم من البقالة بمبالغ كبيرة ، وعدم قدرتي فيما بعد الحصول على مستحقاتي منهم ، ممكن دفعني لإجهاد نفسي بمغادرة المنزل والبقالة والتوجه للشرطة أملا في استعادة بعض مستحقاتي التي أسعى لعلاج نفسي منها "
أناس كثيرون فقدوا الرحمة من قلوبهم ليستغلوا إعاقته للاستدانة منه بدون تسليمه اى حقوق في الأيام الطويلة التي مضت على استدانتهم ، ولعلهم يأخذون البضاعة ليعيشوا في رفاهية وترف مع أبنائهم ، في حين يمنعها فادى وأسرته عن أنفسهم وهى أمامهم وملكهم داخل البقالة ، للتغلب على الوضع الصعب الذي يعيشونه والاستفادة من العائد المادي بعد بيعها .
واثني فادى خلال حديثه على الخدمات والمساعدة التي تقدمها له زوجة أبيه التي يعيش برفقتها داخل المنزل شاكرا لها حسن معاملته ، ومراعاته وتلبية احتياجاته دون كلل أو ملل ، مما جعله في راحة نفسية داخل بيته وأسرته .
وتتلقى أسرة فادى مساعدة من الشؤون الاجتماعية مرة كل ثلاثة أشهر مبلغ " 1000 شيكل " ما يقارب " 250 دولار امريكى " ، اى ما يعادل 330 شيكل مصروف للشهر كاملا للأفراد الخمسة المتواجدين داخل المنزل برفقة خالته .
حياة نسجت خيوطها الظروف الصعبة في قطاع غزة والفقر والحصار ، ليحصد فادى ضريبة الدفاع عن الوطن بشهادة شلل رباعي وإعاقة دائمة تلزمه البقاء طوال حياته على الكرسي المتحرك .
وانهي فادى حديثه قائلا " كنت سابقا أسعى لمحاولة السفر للعلاج في الخارج ، ولكن أيقنت أن جميع الوعود كاذبة من الأشخاص الذين أتابع معهم ، وأناشد ألان الجميع بمساعدتي على توفير طاقة كهربائية أو بطاريات في منزلي على مدار الساعة لتمكيني من البقاء في البقالة حتى ساعة متأخرة من الليل وإنارة المنزل ، ومساعدتي على العلاج الطبيعي لمحاولة استعادة نشاطي وبعض قدرتى على الحركة "
هي الأغرب من بين قصص الحياة بغزة أن يحاول معاق النجاح من بين أكوام الفشل ، ولكن الفشل يبقى صامتا ليساعدك الآخرون على الوصول إليه ، ولكن الأمل ما زال ينبض في قلب فادى متيقنا بان هناك قلوبا رحيمة بين البشر .
بين أزقة شوارع مخيم المغازى ، وفى زقاق ضيق يقودك من الموقف الرسمي للسيارات وسط المغازى باتجاه الشمال ، تصل لشارع ضيق يتسع لشخص واحد ليسير باتجاه واحد بدون عودة ، يصادفك محل بقالة صغير بمواد تموينية قليلة بداخله ، لتنصدم بعد ذلك برؤية شاب يجلس وحيدا بداخله ، ولكن بوضع يختلف عن كل محلات البقالة في قطاع غزة .
داخل البقالة التي لا يتجاوز مساحتها ثمانية أمتار يجلس الشاب فادى القرعة " 27 عاما " ، ممددا على كرسي متحرك لا يحرك اى من أطرافه ليقود بقالته ، محاولا التغلب على حالة الفقر واليأس التي سيطرت عليه بعد إصابته قبل عدة سنوات ، لانتشال أسرته من الوضع السيئ ليصطدم بعد ذلك بوضع أسوأ .
ابتسم حينما شاهدنا ندخل بقالته لندرة الأشخاص الذين يدخلونها للسؤال عن أحواله ، بدأت حكايته تنسخ خيوطها مطلع الانتفاضة الحالية عام 2003 ، بعد إصابته بعيار ناري في الرأس خلال المواجهات التي كانت تدور مع قوات الاحتلال الاسرائيلى شرق مخيم المخيم بالقرب من السلك الفاصل مع أراضينا المحتلة ، لينتقل من المراهقة إلى مرحلة الإعاقة الدائمة بعد الإصابة بشلل رباعي نتيجة استقرار العيار الناري برأسه وإصابة خلايا أفقدته القدرة على الحركة نهائيا .
بابتسامة خفيفة تخفى خلفها أهات سنوات مضت دمرت حياة فادى ، بدأ حديثه عن مرحلة الإصابة قائلا " بعد اصابتى بالعيار النار مكثت في مستشفى الشفاء بالعناية المركزة مدة شهرين ، ومن ثم نقلوني إلى مستشفى الوفاء شرق مدينة غزة للعلاج الطبيعي ، واستمريت هناك مدة عام تقريبا تحت العلاج ، وبعد عودتي للمنزل لم يتابعني احد نهائيا للعلاج الطبيعي ، فزادت حالتي سوءا حيث كنت امشي قليلا على قدماي بعد الخروج من المستشفى ، لكن عدم الاهتمام بعد ذلك افقدني القدرة على كل شئ ولم أتمكن من تحريك اى من اطرافى "
توفى فيما بعد والد فادى ليعيش برفقة زوجة أبيه مع أبنائها الأربعة بعد وفاة والدته أيضا ، حاملا جميع مراحل اليأس من الحياة نتيجة عدم المتابعة والاهتمام من احد لمتابعة علاجه وتحسين ظروف الصحية .
وبعد زيارة بعض المؤسسات المحلية لفادى داخل منزله ، شعروا بحجم الإحباط ووضعه النفسي السيئ والعصبية الدائمة فطرحوا عليه افتتاح بقالة خاصة له على الشارع العام بمنطقة المغازى لإشغال وقته ، حيث ستقوم المؤسسة بفتح البقالة ودفع أجرة المحل لمدة ستة شهور وتزويده بالمواد التموينية ، ومن ثم يتابع فادى حياته بنجاح ، فوافق فادى على أمل تحسين ظروف حياته وتوفير مصاريف علاجه والنهوض بأسرته .
لكن القدر كان اقوي من أحلامه بعد افتتاح بقالته على الشارع العام ، لم يتمكن من دفع أجرة المحل بعد الأشهر الأولى ، فقرر العودة لبيته وفتح باب لغرفته الخاصة على الشارع الضيق ، محاولا نجاحها مرة ثانية بين الزقاق من زبائنه وجيرانه .
فعلى كرسيه المتحرك يجلس منذ الصباح ويغادر بقالته بعد العشاء ليدخل من باب أخر لمنزله بعد إغلاق المحل ، وخلال عمله يستقبل زبائنه وبنظراته وحديثه معهم يأخذ الزبائن ما يرغبون بشرائه من البقالة ، ويضعون الأموال في علبة خاصة بجانب فادى ويأخذون ما تبقى من أموالهم لوحدهم ، بإشراف كامل من فادى بنظراته ومراقبته لكل حركة في المكان وبدون تحريك اى من أطرافه .
وأضاف فادى " حاولت جاهدا النجاح في بقالتى إلا اننى بدأت اشعر باليأس والإحباط نظرا لعدم الإقبال عليها وقلة الزبائن بعدما كنت ابني أحلاما للنجاح منها بالعلاج ومساعدة اسرتى ، ومنذ عدة سنوات أفكر في بيعها كاملا إلا اننى تراجعت لاننى أصبحت اجلس هنا من باب التسلية وإضاعة الوقت بدلا من اقامتى داخل منزلي في عزلة "
ثم تساقطت دموع فادى التي حاول إخفائها وكتمها ليقول " يحاول بعض الناس استغلال عدم قدرتي على ملاحقتهم ومجادلتهم والقيام عن الكرسي المتحرك ، لاجبارى على القبول باستدانتهم من البقالة بمبالغ كبيرة ، وعدم قدرتي فيما بعد الحصول على مستحقاتي منهم ، ممكن دفعني لإجهاد نفسي بمغادرة المنزل والبقالة والتوجه للشرطة أملا في استعادة بعض مستحقاتي التي أسعى لعلاج نفسي منها "
أناس كثيرون فقدوا الرحمة من قلوبهم ليستغلوا إعاقته للاستدانة منه بدون تسليمه اى حقوق في الأيام الطويلة التي مضت على استدانتهم ، ولعلهم يأخذون البضاعة ليعيشوا في رفاهية وترف مع أبنائهم ، في حين يمنعها فادى وأسرته عن أنفسهم وهى أمامهم وملكهم داخل البقالة ، للتغلب على الوضع الصعب الذي يعيشونه والاستفادة من العائد المادي بعد بيعها .
واثني فادى خلال حديثه على الخدمات والمساعدة التي تقدمها له زوجة أبيه التي يعيش برفقتها داخل المنزل شاكرا لها حسن معاملته ، ومراعاته وتلبية احتياجاته دون كلل أو ملل ، مما جعله في راحة نفسية داخل بيته وأسرته .
وتتلقى أسرة فادى مساعدة من الشؤون الاجتماعية مرة كل ثلاثة أشهر مبلغ " 1000 شيكل " ما يقارب " 250 دولار امريكى " ، اى ما يعادل 330 شيكل مصروف للشهر كاملا للأفراد الخمسة المتواجدين داخل المنزل برفقة خالته .
حياة نسجت خيوطها الظروف الصعبة في قطاع غزة والفقر والحصار ، ليحصد فادى ضريبة الدفاع عن الوطن بشهادة شلل رباعي وإعاقة دائمة تلزمه البقاء طوال حياته على الكرسي المتحرك .
وانهي فادى حديثه قائلا " كنت سابقا أسعى لمحاولة السفر للعلاج في الخارج ، ولكن أيقنت أن جميع الوعود كاذبة من الأشخاص الذين أتابع معهم ، وأناشد ألان الجميع بمساعدتي على توفير طاقة كهربائية أو بطاريات في منزلي على مدار الساعة لتمكيني من البقاء في البقالة حتى ساعة متأخرة من الليل وإنارة المنزل ، ومساعدتي على العلاج الطبيعي لمحاولة استعادة نشاطي وبعض قدرتى على الحركة "
هي الأغرب من بين قصص الحياة بغزة أن يحاول معاق النجاح من بين أكوام الفشل ، ولكن الفشل يبقى صامتا ليساعدك الآخرون على الوصول إليه ، ولكن الأمل ما زال ينبض في قلب فادى متيقنا بان هناك قلوبا رحيمة بين البشر .
التعليقات