صحيفة: مؤتمر المساعدات لغزة كان تمثيلية في معظمه

صحيفة: مؤتمر المساعدات لغزة كان تمثيلية في معظمه
القدس - دنيا الوطن

في فندق JW ماريوت الخمس نجوم في الضواحي الرملية للقاهرة، وحيث تكلف الغرفة ما بين 210 دولار إلى 600 دولار في الليلة، كان بهو الفندق ممتلئا بالناس، لدرجة أنه لم يكن مستغرباً أن تجد نفسك فجأةً واقفاً وجهاً لوجه أمام توني بلير أو بان كي مون.

وكان المؤتمر، والذي حضره بعض من الأشخاص الأكثر نفوذا في العالم، قد عقد في هذا الفندق مطلع الأسبوع الماضي من آجل إعادة إعمار غزة. واعتبر جميع الحضور أن الحدث قد حقق نجاحاً كبيراً عندما أعلن وزير الخارجية النرويجي، "بورج بريند"، مساء الأحد، عن أن دول العالم قد جمعت 5.4 مليار دولار لإعادة بناء قطاع غزة المدمر بعد الهجوم الإسرائيلي الذي استمر سبعة أسابيع عليه خلال شهري يوليو وأغسطس.

وكانت الحكومة الفلسطينية طالبت بمبلغ 4 مليار دولار أمريكي فقط، وذلك على الرغم من أن التقديرات السابقة كانت تقول بأن التكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار قد تتجاوز الـ 8 مليارات دولار. ولذلك فقد أثار جمع ما هو أكبر من المبلغ الذي طلبته الحكومة الفلسطينية أمراً مثيراً للسعادة الكبيرة. أمناء مجالس الوزراء الأجانب بدأوا بمصافحة بعضهم البعض، وبطبيعة الحال، قام المضيف لهذا الحدث، وهو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بشكرهم بحرارة على كرمهم.

ولكن هذه الأرقام كانت خدعة في الحقيقة. وهذا المؤتمر، كغيره من المؤتمرات من نفس النوع، كان إلى حد كبير تمثيلية فقط. وعندما نلقي نظرة فاحصة على الأرقام، فإنه من الواضح أنه قد تم استخدام بعض العمليات الحسابية الإبداعية من آجل إعطاء الانطباع بأن المهمة قد أنجزت بصورة جيدة.

الكثير من هذا المبلغ لم يخصص في الواقع لإعادة إعمار غزة. حيث إن العديد من البلدان أدرجت في مساهماتها الأموال التي كانت قد خصصتها بالفعل لفلسطين، بما فيها الضفة الغربية، منذ بداية السنة تحت برامج المعونة العادية.

وقال "تور وينيسلاند"، وهو سفير النرويج لدى مصر: "عليك أن تقرأ عنوان [المؤتمر] بعناية فائقة"، وكان يشير هنا إلى أن عنوان المؤتمر الفضفاض، وهو: "مؤتمر القاهرة من آجل فلسطين: إعادة بناء غزة"، جعل من المعقول تماماً أن يتم تضمين الأموال المخصصة بالفعل لبقية الأراضي الفلسطينية ضمن المساهمات المقدمة من المانحين.

وبعبارة أخرى، فإن كمية لا بأس بها من المساعدات ليست أموالاً جديدة مخصصة حصرياً لإعادة إعمار غزة. معظم الأموال التي تم الإعلان عنها في المؤتمر يوم الأحد هي أموال أعطيت بالفعل لفلسطين. ومن أصل الـ 5.4 مليار دولار التي أعلن عنها "بريند"، هناك فقط ما بين 2.4 إلى 2.7 مليار دولار سيجري إعادة إعمار غزة من خلال استخدامها، وما يزال من غير الواضح أيضاً كم من هذا المبلغ المتبقي أموال جديدة، وكم منه أموال تم إنفاقها سلفاً.

وعلى سبيل المثال، أعلنت الولايات المتحدة عن تقديم 414 مليون دولار كمساعدات للفلسطينيين. ولكن من هذا المبلغ، ما لا يقل عن 118 مليون دولار قد تم استخدامها بالفعل منذ هجوم الصيف، والمساعدات الأمريكية الجديدة لإعادة إعمار غزة هي 75 مليون دولار فقط.

وهذه هي الممارسة المعتادة خلال مؤتمرات من هذا النوع. وحتى عندما يتم التوقيع على الشيكات، يبقى الحصول على الأموال الموعودة محنة بحد ذاته في الواقع، حيث يبدو أن هناك ممارسة شائعة أخرى بين الدول المانحة، وهي التراجع عن التزاماتها!.

وعلى سبيل المثال، وبعد ستة أشهر من الزلزال الذي دمر هايتي في عام 2010، تم صرف 2٪ فقط من الـ 5.3 مليار التي وُعدت بها البلاد. ونشأت حالة مماثلة بعد مؤتمر للمانحين من آجل سوريا في 2013.

بعد أربعة أشهر من تعهدها بمنح سوريا 100 مليون دولار، كانت قطر قد أعطت السوريين 2.7 مليون دولار فقط، وفقاً لتحقيق أجرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية يوم الأحد. وخلال نفس الفترة، قدمت المملكة العربية السعودية 21.6 مليون دولار من أصل الـ 78 مليون التي التزمت بها.

والحاجة للمساعدة في إعادة بناء غزة واضحة، ولكن من المستفيد حقا من الجعجعة المحيطة بهذه المؤتمرات؟.

بطبيعة الحال، لا أحد يرغب في أن يبدو مؤتمر إعادة الإعمار فاشلاً، ولا أحد يريد أن يبدو بخيلاً وعديم الشعور، خاصةً بعد صيف غزت العالم فيه صور معاناة أطفال غزة الجرحى والآباء الثكالى.

الولايات المتحدة مستفيدة من أن ينظر إليها على أنها صاحبة مصلحة في إعادة بناء ما تم تدميره؛ حيث إنها توفر لـ"إسرائيل" بما معدله حوالي 3 مليارات دولار سنوياً، في شكل مساعدات دفاع من أسلحة ومعدات أمنية أخرى. وزودت الولايات المتحدة "إسرائيل" أيضاً بشكل مباشر بقذائف المورتر، والقنابل التي استخدمت خلال الهجوم الذي شنته الأخيرة هذا الصيف على غزة.

المصدر: صحيفة التقرير الكندية

التعليقات