يا فقراء الوطن لكم الله!!!

يا فقراء الوطن لكم الله!!!
يا فقراء الوطن لكم الله!!!

بقلم/ رامي الغف*

منذ عودة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أرض الوطن، وتشكيل الحكومات تلو الحكومات، ولحد الآن لم يتغير شيء بالنسبة للفقراء والمسحوقين في الوطن الفلسطيني، ولا نظن أن هناك تغييرا حصل في تحسين أوضاع كل الشعب الفلسطيني بشكل عام والفقراء بشكل خاص، والتغيير الوحيد الذي حصل هو يخص فقط بعض المسئولون والمتنفذون في الوطن، وثرائهم الفاحش الذي تجاوز كل الخطوط الحمر والتخمة وصلت بهم إلى البلعوم، ولكنهم لا يزالون مستمرون في جمع الأملاك والأموال وشراء أفضل وأرقى الأراضي والشقق والسيارات وأغلاها، والمتنفذون المساكين يشرعون قوانين وميزانيات من مئات الملايين الدولارية لكسوة خدمهم وحشمهم حسب ما يقول الأخ حسن خريشة.

إن الفقراء في وطننا، لا يزالون يئنون ويصرخون من شدة فاقتهم والسياسيين والقادة وأصحاب القرار يترنحون ويمرحون ويزايدون على آلام الجماهير ودمائهم فهم ليسوا في عجلة من أمرهم في سن القوانين التي تخدم الوطن، لأنهم يتصورون إنهم قد حصلوا على ما يريدون من مناصب وثروات وهذا هو مبتغاهم ومطلبهم الوحيد أما الفقير والمسكين عليه أن يصبر على جراحه وآلامه وأوجاعه التي تنزف حرقة وألما من شدة الجوع والإهمال والفاقة من قبل مسئولون ومتنفذون يدعون إنهم مع العدالة والديمقراطية، ولا نعلم أي نوع من الديمقراطية التي يتغنون بها هؤلاء من بروجهم وقصورهم العالية والمزخرفة فهل هي عدالة وديمقراطية الجوع والفقر، أم عدالة وديمقراطية الدم والقتل الذي يتوزع بالتساوي على فقراء الوطن.

إن كل شيء أصبح يوحي لنا بالفوضى واللامبالاة من قبل المؤسسات الوطنية بالجماهير بشكل عام والفقراء بشكل خاص الذي يعانون ويتألمون في كل عيد ومناسبة فرح بسبب عدم قدرته على تلبية حاجاته وعائلته من مأكل وملبس له ولأطفاله وأسرته، وكم من فقير اليوم وهو لا يجد بين يديه مالا ليشتري دواء لأطفاله، وكم من فقير الآن وهو يبكي لفاقته وعوزه واحتياجه، وكم من فقير يتمنى لو لم تلده أمه لكي لا يصل إلى هذه الحالة التعيسة!!! فأين مؤسسات ووزارات الوطن والهبات والتبرعات والمنح التي تصل لأياديهم من كل هذا؟

حدثني احد الإخوة عن حالة والله تبكي الحجر وليس البشر أن احد معارفه رجلا فقيرا عفيف النفس ولم يمد يده لغير الله وما يكسبه من عمله البسيط والشاق، وكان هذا الشخص لديه أربعة أطفال وزوجته مصابة بمرض مزمن وهي طريحة الفراش وأكثر ما يحصل عليه يذهب للدواء، والذي حدثني يعرفه ويعرف حاله وكان يجود عليه بما يستطيع فيقول في احد الأيام تذكرته وذهبت إليه لأطمأن على حاله، فوجدته هاربا من البيت وهو يأخذ الشارع طولا وعرضا وكأنه يبحث عن شيء عزيز فقده ويعتصره الألم والحزن، فسألته من فوري يا أبو فلان "خير شو مالك" يقول كأني نزلت عليه من السماء فصرخ وبكى وقال لي يا أخي أنت تعلم حالي والله لقد طلب مني احد أطفالي نوع فاكهة وطفل أخر طلب مني بأن أوفر له بنطلون جديد وإني وعدتهم باني ذاهب لأجلب لهم ما يريدون، وأنا لا املك شيكل واحدا هذا اليوم وبعد أن وعدتهم لا اعرف هل أعود لهم أم اهرب ولا أعود أم انهي حياتي ولكن الله يقف حائلا بيني وبين ذلك فقل لي ماذا افعل وأنت تعلم حالي؟ فيقول صاحبي الذي حدثني هونت عليه الأمر وقلت له انك لست الوحيد على هذه الحال واتقي ربك في اهلك واذهب معي لنشتري لهم ما يريدون، وهكذا استطاع محدثي من التخفيف عن صاحبه، ولنا أن نسال كم فقير مثل صاحبنا تمر عليه أيام، وهو لا يستطيع تلبية حاجات أهله وعياله ولم يجد من يسأل عنه؟

الله اكبر لماذا إذا لا يفكرون مسئولونا ومن يحكمون هذا الشعب بكسوة الفقير واليتيم والأرملة والجريح والمصاب والمعاق وهم ما أكثرهم في وطن خرب ودمر وحتى سلب من القيم الإنسانية النبيلة وأصبح البعض منهم قدوة سيئة ومخزية، يفكرون بكسوة أبنائهم من أغلى المحال، ولا يفكرون بكسوة فقير أو محتاج من أبناء هذا الشعب المنهوب، فتبا لهم ولضمائرهم الميتة كم هم فاشلون وصغار. آما آن لهم أن ينصتوا لأنين الفقراء والغلابة والمسحوقين، وآما آن لهم ان يكفوا آذان الجماهير من وعودهم ليملوا عيونهم بتحقيقها، وآما لهم أن يلتفتوا لآهات وهموم الفقراء والمساكين وتقديم العون والمساعدة لهم، بدلا من الانشغال بالصراعات السياسية، والى تحقيق الوعود التي أطلقت من خلال الخطب الرنانة والأحاديث التي كانت تعد بإنهاء معاناة الجماهير الفلسطينية.

نعم اليوم صار الفقير اشد فقرا والمسحوق أكثر سحقا والغلبان أصبح اشد غلبا، بل باتت الهوة الساحقة التي تفصل بين الطبقات الوسطى وبين أثرياء العهد الجديد وفي أسفل القائمة هناك معدمون مسحوقون ينتظرون الفرج الذي لم يأتي وفي أعينهم بصيص من الأمل فرجاءنا أن يتحلى المسوؤلون بالشجاعة والإنصاف الكافي لتخصيص جزء من أموال الشعب إلى تلك الفئات التي اقل حظا والأكثر فقرا نعم هناك معدومون وفقراء لا يعلم بهم إلا الله بهم، فهم أولى بالعناية من غيرهم فالدنيا فانية وكلنا غدا مسئولون ومتسائلون فمن هرب من مساءلة القانون سوف لن يجد مهربا من الحساب يوم الحساب.

الإعلامي والباحث السياسي

 

التعليقات