مسرح الحرية يطلق جولة العروض المسرحية للعمل الفني "توانة" في الضفة الغربية

مسرح الحرية يطلق جولة العروض المسرحية للعمل الفني "توانة" في الضفة الغربية
رام الله - دنيا الوطن
افتتح مسرح الحرية في مخيم جنين العروض المسرحية لـ "توانة" على ساحة سينما جنين والتي ستستمر في جولتها حتى نهاية الشهر الحالي بعرض ختامي في قرية توانة جنوب الخليل، وهذا العمل من اخراج الفنان فيصل ابو الهيجاء، ضمن انتاج مسرح الحرية و بدعم من وكالة سيدا والمفوضية الاوروبية ضمن برنامج شبكة الفنون الادائية بتمويل من الاتحاد الاوروبي وبالتعاون مع افاق والمجلس الثقافي البريطاني، وهي من تمثيل طلبة مدرسة المسرح في مسرح الحرية علياء الروسان، وسماح محمود، وإيهاب التلاحمة، وأمير ابو الرب، وإسماعيل العالول، وأسامة العزة، وإبراهيم مقبل، وبمرافقة الفنان الموسيقي سامر أبو هنطش، وقد انطلقت عروضها في مدينة جنين وبلدة جبع وستتواصل حتى نهاية الشهر الحالي بعرض ختامي في توانة بالخليل في عروض جوالة متواصلة تشمل اغلب مناطق الضفة الغربية في فلسطين المحتلة.

توانة عمل مسرحي جديد يضاف الى سلسلة الاعمال الفنية التي ينتجها مسرح الحرية، قدمها المخرج فيصل ابو الهيجاء على شاكلة نقل قصص حقيقية ووقائع ما يعيشه سكان قرية توانة واختار اسم القرية ليكون عنواناً لمسرحيته، فعلى ساحة السينما الصيفية لسينما جنين دارت احداث المسرحية التي تأتي كمحاكاة للحياة اليومية للفلسطينيين في المناطق الاكثر التحاماً بقوات الاحتلال ومستوطنيه، لتكون مسرحية توانة إعادة لتسليط الضوء على الحياة التي يعيشها سكان تلال جنوب الخليل، والتي تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة، حيث تقيم دولة الاحتلال في تلك المنطقة نظام تمييز عنصري في خرق للقانون الدولي الانساني.

حيث يقول المخرج فيصل ابو الهيجاء ان "توانة" هي قصة من النضال الشعبي الفلسطيني الذي لا يغطى بعدسات الكاميرات ولا يحظى باهتمام اعلامي، فهي نقل لواقع الناس الذين يعيشون في المناطق المهمشة ورغم ذلك فهم يشكلون نماذج ابداعية في النضال ضد الاحتلال، ويضيف ابو الهيجاء ان هذا العمل جاء بعد اجراء مجموعة من اللقاءات المسجلة شفوياً مع اهالي توانة الى جانب البحث الميداني حول واقع تلك المنطقة وما تتعرض له من انتهاكات، حيث تم تحديد جوهر هذا المجتمع المستند الى 3 عناصر اساسية هي؛ الإنسانية، المقاومة، والتنظيم.

نبيل الراعي المدير الفني لمسرح الحرية يشير الى اهمية العمل وانه يأتي ضمن سياق عمل المسرح في تناول قضايا المجتمع ففي توانة الناس محرومون من الوصول الى اراضيهم ومن مصادر المياه، اضافة الى حرمانهم من الخدمات الاساسية كالسكن والرعاية الصحية، الى جانب ذلك كله فيتعرض ابناء القرية الى قمع منظم من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي ومن مستوطني المستوطنات الغير شرعية المقامة على اراضي الفلسطينين، لذا هدفت مسرحية توانة الى معرفة كيفية نجاح حركة النضال الشعبي حيث جرى تطوير مفاهيمي لمعاني المعاناة والصمود في المجتمعات الفلسطينية التي تشارك في المقاومة المدنية ضد الممارسات الإسرائيلية المتمثلة في مصادرة الأراضي، والتطهير العرقي والتمييز العنصري، من خلال بناء لمقاومة ثقافية تخلق الوعي والادراك حول اهمية تحول الفن لاداة تعبر عن الشارع، فتأتي توانة كممارسة مثالية للمقاومة الثقافية.

أحداث المسرحية

وتدور احداث المسرحية حول جملة التحديات التي يعاني منها السكان في منطقة توانة وحول ما تفرضه قوات الاحتلال عليهم من غرامات وما تمارسه من ضغوط حتى يخرجوا من تلك المنطقة الحدودية وذلك لصالح المستوطنين هناك، فتبرز شخصية ابو اشرف المتحدي والذي يدافع عن حقوق القرويين هناك الى جانب شخصية ام اشرف التي تمثل المرأة الفلسطينية المثابرة والتي لا تتخلى عن دورها في المجابهة وعدم الخضوع، وتروي لنا الطالبة رندا والتي تروي كيف يتحرك الطلاب من مدارسهم من خلال طرق يحددها الاحتلال وفي احيان كثيرة يمنع الطلبة من الوصول الى اماكن تعليمهم، ووسط كل ذلك تظهر شخصية فضل المتخاذل والذي يحمل نفساً ضعيفة ومترددة ويحاول دائماً ثني المجتمع عن الوصول الى مرحلة من الترابط في مواجهة الاحتلال، ورغم كل العقبات فيتحد سكان القرية ولا يتراجعون عن حقوقهم وسط صمود ومقاومة شعبية

اراء من جمهور مسرحية توانة في جنين وجبع

المسرحية في عرضها الافتتاحي في جنين والعرض الثاني في جبع لاقت استحسان الحضور والذين سجلوا اعجابهم وتقديرهم بفريق العمل، حيث اشاروا الى اهمية تبادل القصص النضالية على شاكلة عمل فني ليكون المسرح مكاناً لنقل المعلومة والمعرفة ويشكل حلقة من تسجيل قصة نجاح فلسطينية، فيشير الدكتور ايمن يوسف استاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الامريكية الى اهمية العمل كونه يسلط الضوء على بقعة جغرافية مستمرة في المقاومة رغم الظروف الصعبة مؤكداً على ان العمل المسرحي عمل على نقل الجمهور المشاهد الى توانة بشكل افتراضي وحسي وحمل هذا  الجمهور التقدير والاعجاب بتجربة توانة الفريدة.

الباحثة ايمان نزال من طاقم شؤون المرأة فقد اعتبرت ان مسرحية توانة كانت عمل رائع ومعبر ويستحق المشاهدة فهو يحمل قيم وطنية ملتزمة، ففيه مشاهد من نماذج المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، ويعبر عن صرخة نضال حقيقية ضد التفريط والتنازل ويدعو للتشبث بالحق وعدم الخضوع والإذعان.

الاستاذ إبراهيم شواهنة تحدث عن مسرحية توانة انطلاقاً من خبرته في العمل المسرحي فقد اشاد بالمسرحية وقدم ملاحظات غنية حول اداء الممثلين والنص حيث يشير الى اهمية الاقناع الذي حمله الممثلين كونه اظهر واقعية الاحداث، كما سلط الضوء على دور المرأة الفلسطينية القوية بعزيميتها ورجاحة عقلها ودورها في مواكبة الرجل في الدفاع عن الارض، مشيداً بالمخرج فيصل ابو الهيجاء، وكذلك في النص المسرحي حيث هناك توارد الافكار بتسلسل منطقي جعلت منه وحدة المترابطة لم يكتنفها الغموض.

فيما وجه ماجد فاخوري شكره لمسرح الحرية بأسم مؤسسات بلدة جبع  حيث اعتبر ان مسرحية توانة عمل هادف يبين ما يعانيه ابناء شعبنا من ممارسات قمعية ومن استهداف لوجوده.

قرية توانة

وتوانة هي قرية فلسطينية صغيرة تقع إلى الجنوب من مدينة يطا (جنوب جبل الخليل) من محافظة الخليل، والعديد من سكان القرية يعيشون في الكهوف حيث أن الاحتلال الإسرائيلي يقوم بهدم البيوت بشكل مستمر، وهي قريبة من مستوطنة ماعون الإسرائيلية (التي شيدت في عام 1981) والبؤرة الاستيطانية حفات ماعون او هيل 833 المقامة على تل ابو جندية (والتي اقيمت سنة 2001)، وتحدث نزاعات متكررة بين سكان توانة والمستوطنين العنيفين على الأراضي والطرق والموارد المائية، وهذه قرية مقامة على انقاض خربة تاريخية تعود نشأتها الى العصر البيزنطي حيث وجد اثار لفخار من ذلك العصر، كما وجد آثار لكنيسة تعود الى العصور الوسطى.





التعليقات