المرتشي الصغير والحرامي الكبير

المرتشي الصغير والحرامي الكبير
بقلم : عبدالله عيسى

رئيس التحرير

هنالك تساؤلات سبق وان طرحتها بمقالاتي حول أولوية المحاسبة هل هي للمرتشي الصغير ام للحرامي الكبير وكلاهما فاسدان وخطرهما على الشعب والدولة متداخلا لا فصل بينهما ولكن عادة نتعامل بتحامل شديد على الفاسد الكبير وتأخذنا الرأفة بالفاسد الصغير ونوجد له الأعذار بل ان دولا عربية سمحت للفاسد الصغير شفويا بالرشوة كما هو الحال بمصر وسوريا .

وفي السلطة الفلسطينية واجهنا هذه المشكلة من جانب بعض اللصوص الكبار والذين لم يخضعوا لمحاسبة حتى الآن وجرى التستر عليهم بدعوى أولويات التحرير وإقامة الدولة وان محاسبتهم اتية لاريب فيها بعد قيام الساعة.. اما من عارضهم أو استضعفوه حاسبوه حسابا عسيرا اشد من حساب الملائكة يوم لا يضيع الحساب .

لنبدأ بالسلطة الفلسطينية التي واجهت مشكلة كبيرة بعد إقامتها فقد انتشرت مقولة لبعض المناضلين وليس كلهم والحق يقال :"ناضلت كذا سنة في فصيل كذا او فتح او في الانتفاضة ولم اخذ شيئا ".

مقولة غريبة انتشرت بين بعض المناضلين واكرر ليس كلهم وانما قلة فاسدة أصلا "وإما ان تعطوني ما اطلبه او أصبح لصا محترفا"  فلم يعطهم ابو عمار فأصبحوا لصوصا معروفين ولو أعطاهم ابو عمار لاصبحوا لصوصا أيضا لانهم أناس فاجرون.

وهل كنتم تناضلون والآن جئتم الى السلطة كي تأخذوا المستحقات ونهاية خدمة النضال؟؟!!

كل موظفي السلطة من مناضلين أو غيرهم لهم حقوق مشروعة لم ينكرها احد وحصلوا عليها جميعهم وانا اكثر انسان دافعت عن حقوقهم بل قاتلت من اجلهم حتى حصلوا على حقوقهم ومن من كان يحاسب ابو عمار بالدولار على وجوده معه في بيروت او ليبيا او العراق او من ضرب حجرا في الانتفاضة ..وعاملها الاخ تسعيرة .. فهذا مبدأ رفضه ابو عمار والكل رفضه لانهم ادعياء نضال وكذابون فجرة ومنافقون والمنافق اذا خاصم فجر .

هذه القلة سرقت وطغت وتجبرت وأحلت كل المحرمات على مرأى ومسمع من موظفيهم ومرافقيهم فعملوا وسطاء للسمسرة والعمولات ولم يكتفوا بذلك بل عرضوا خدماتهم على إسرائيل وابلغهم بعضها انه مستعد لتقديم خدماته لإسرائيل وقام وزير في السلطة بإبلاغ ابو عمار ببعض رسائل هؤلاء لإسرائيل مقابل حصولهم على بطاقة في أي بي!!

أي على طريقة الفنان المصري فؤاد خليل في فيلم الذل :" مش عايزين خدامين ؟؟".

الموظف الصغير او الفاسد الصغير بدوره احل لنفسه ما لايحل فاخذ يقضي وقته يبحث عن صاحب حاجة ليأخذ سمسرة حتى المساعدات الرئاسية في عهد ابو عمار سمسروا عليها للمحتاجين بأخذ نسبة من المساعدة التي كان ابو عمار يقوعها للمحتاجين ممن تصله عن طريقة شبكة من الفاسدين الصغار باستغفال موظفي مكتب الرئيس على حساب المحتاجين الحقيقيين.

وعندما جاءت هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية توقعنا منها الكثير وللأسف كان انجازها ضعيفا مقارنة بمن يستحق المحاسبة ومع هذا سنبقى ندعم هذه الهيئة مهما كان نواقص عملها وعدم شمولها كل اللصوص الصغار والكبار فان نضيء شمعة مكافحة الفساد أفضل من لعن الهيئة وتدميرها .

إذا اللصوص الكبار اوجدوا في محيطهم ثقافة إحلال الفساد واستقووا بالاحتلال الإسرائيلي ضد السلطة حتى لا تستطيع السلطة محاسبتهم وأصبح بعض ضعاف النفوس من موظفي السلطة يضعون مثلهم الاعلي الحرامي يقتدون به ولا يقتدون بالمناضلين الحقيقيين وبالشرفاء .

القصة لها بعدها الامني أيضا فالمسالة لم تتوقف عند الفاسد الصغير او الكبير بنهب المال العام وانما بالتأمر السياسي والأمني على السلطة واجهزتها وإحداث اختراقات أحيانا خطيرة وكشف ظهر الأجهزة الأمنية لجهات معادية ولتنظيمات تكفيرية ايضا .

المسالة بحاجة الى إعادة نظر من هيئة مكافحة الفساد ولتبدأ بحملة على الفاسدين الصغار ثم تنتهي بالكبار على الأقل ينظف جزء من العفن .

اللصوص الكبار دائما تؤجل السلطة محاسبتهم لأنها لاتريد ان تتعرض لمزيد من الضغوط الإسرائيلية بسببهم وتقول ان معركة الدولة أهم الان .. وابو عمار كان يردد انها مرحلة وهؤلاء اللصوص مجموعة جزم سأخلعها عن انتهاء المرحلة .. هذا ليس مبررا قويا المحاسبة الشاملة ستقوي السلطة ولا تضعفها حتى في مواجهة الضغوط الإسرائيلية لان السلطة أمر واقع لانقاش فيه وإسرائيل ستجد نفسها مضطرة للتعامل مع السلطة ومحاربة الفساد شان فلسطيني داخلي .

هنالك دليل ساطع على الضغوط الإسرائيلية على السلطة عندما هددت إسرائيل قبل بضعة أشهر باقتحام رام الله لاخراج حرامي سيارات كبير اعتقلته مكافحة الفساد واضطر الارتباط الفلسطيني إلى تسليمه لإسرائيل.

 


التعليقات