جلسة طاولة مستديرة في (ماس) لتعديلات الأخيرة على قانون تشجيع الاستثمار

رام الله - دنيا الوطن
 

عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) في مقره برام الله أمس جلسة طاولة مستديرة حول التعديلات الأخيرة على قانون تشجيع الاستثمار في فلسطين. وتركّز النقاش في الجلسة على مبررات إجراء التعديلات، ومدى قدرتها على تحسين المناخ الاستثماري، والحد من تكاليف الاستثمار ومخاطره  في فلسطين.

 

أكد المشاركون في الجلسة على ضرورة الإسراع بإقرار النظام واللوائح التنفيذية المفسرة لتعديلات القانون، فمن شأن ذلك توضيح العديد من المسائل الغامضة وغير الواردة في التعديلات، وطمأنة المستثمرين بكفاءة المنظومة القانونية في فلسطين. واقترح البعض ضرورة تضمين القانون آليات ملاءمة لفض النزاعات الناشئة عن تطبيق القانون، وأهمية انسجام التعديلات الأخيرة مع القوانين الفلسطينية الأخرى وخصوصاً قانون ضريبة الدخل، والمدن الصناعية. وطالب البعض بتخفيض الحد الأدنى لرأس المال للمشاريع المستفيدة من القانون لتعزيز فرص المشاريع الصغيرة من الاستفادة من الحوافز والإعفاءات التي نص عليها القانون، وتحفيز المنشآت العاملة في القطاع غير المنظم إلى التسجيل والاستفادة من تلك الحوافز. كما أكدوا على ضرورة إقرار رزمة من القوانين أو تعديلها لضمان تلاؤمها مع قانون تشجيع الاستثمار وأهمها قانون المنافسة ومنح الامتياز وتملك الأجانب للعقارات في فلسطين. وأشار الحضور إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص والخبراء القانونيين والاقتصاديين في اللجان الاستشارية الفنية التي ستشكل بموجب القانون. ونوه المشاركون إلى غياب جهات مهمة عن مجلس الإدارة مثل سلطة النقد والتي يقع ضمن اختصاصها مراقبة حركة رؤوس الأموال من وإلى فلسطين، إضافة إلى غياب هيئة الشؤون المدنية وما تلعبه من دور باستصدار تصاريح الزيارة والإقامة في فلسطين للمستثمرين الأجانب وفلسطينيي الشتات. وتساءل بعض المشاركين عن أسباب تجاهل التعديلات والقانون الأصلي للبعد الاجتماعي والإنساني، وأكدوا على ضرورة استفادة المشاريع الريادية وذوي الاحتياجات الخاصة من الحوافز التي يمنحها القانون. وفي نفس السياق، طالب البعض بإيلاء أهمية خاصة للحقوق العمالية وتوفير الحماية الاجتماعية للعاملين في المشاريع المستفيدة كشرط للحصول على الحوافز والإعفاءات.

 

تحدث خلال الجلسة كل من: السيد هيثم الوحيدي القائم بأعمال رئيس هيئة تشجيع الاستثمار، والسيد عودة شحادة، الأمين العام لاتحاد الصناعات الفلسطينية ممثلاً عن القطاع الخاص. كما شارك في الجلسة نخبة من الرسميين والخبراء والقانونيين وممثلي المؤسسات العامة والأهلية والقطاع الخاص. أدار الجلسة مدير البحوث في "ماس"، د. سمير عبد الله، وأكد في تقديمه على أهمية قانون تشجيع الاستثمار، ودوره في الحد من مخاطر الاستثمار وجذب أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في فلسطين. كما أثار جملة من التساؤلات المتعلقة بالتزام التعديلات الأخيرة بمبادئ الحوكمة والعلاقة بين الجهة الإشرافية والجهات التنفيذية المكلفة بتطبيق القانون، ومستوى الوضوح بمواد القانون. وفتح المجال لممثلي القطاع الخاص وهيئة تشجيع الاستثمار لعرض موقفهم من التعديلات الأخيرة، والاستماع لأسئلة ومداخلات المشاركين في الجلسة.

استهل السيد هيثم الوحيدي مداخلته بعرض السياق والظروف الذي رافقت إجراء التعديلات على القانون. وبيّن أن من بين الأسباب التي دفعت لإجراء التعديلات على القانون تعطل مجلس إدارة الهيئة وعدم قدرته على البت في الطلبات المقدمة له من المستثمرين للاستفادة من الحوافز، إضافة إلى تجميد العمل بالحوافز الواردة في القانون الأصلي منذ نهاية العام السابق. ووفقاً للوحيدي، أصبح إقرار التعديلات على القانون حاجة ملحة ومتطلب أساسي للبيئة الاستثمارية في فلسطين. واستعرض الوحيدي التعديلات التي أجريت على القانون، وبيّن أن كافة القضايا التي لم يعالجها القانون تم إحالتها إلى نظام خاص سيصدر قريباً ويتناول بالتفصيل المعايير والأسس التي ستمنح بموجبها الحوافز والإعفاءات. وأكد الوحيدي بأن تحديد القطاعات الاقتصادية المستهدفة في التعديلات الأخيرة ينسجم مع أولويات وخطط التنمية التي أقرتها السلطة الفلسطينية، وأن التعديلات اشتملت على رزمة من الحوافز للقطاعات الريادية والمناطق التنموية والمهمشة والمشاريع التي تتضمن أفكاراً إبداعية أو تقود إلى إنتاج أصناف جديدة لتعويض المنتجات المستوردة. كما أوضح أنه لم يطرأ تغيير على نسبة تمثيل القطاع الخاص في مجلس الإدارة رغم تقليص عدد الممثلين. وأشار في ختام مداخلته إلى أن النظام المتوقع إقراره في القريب العاجل، سيسهم في إزالة الغموض والجدل المتعلق بالتعديلات الأخيرة على القانون.

 

من جهته، أشار السيد عودة شحادة إلى أن مشاركة القطاع الخاص في إعداد التعديلات الأخيرة بدأت عقب انتهاء جولات الحوار الاقتصادي بين الحكومة والقطاع الخاص مطلع العام السابق. وأنه رغم التوافق على عدد كبير من القضايا التي تم إدخال التعديلات بشأنها، إلا أن القطاع الخاص تفاجأ بصدور القانون بصيغته الحالية. وذكر من بين القضايا محل الخلاف تخفيض تمثيل القطاع الخاص في عضوية مجلس إدارة الهيئة، تشكيل اللجان الفنية والاستشارية بدون وجود أعضاء من القطاع الخاص، عدم الإشارة للحد الأدنى لرأس المال للاستفادة من الحوافز والإعفاءات الواردة في القانون وإحالتها للنظام واللوائح التنفيذية، وأسس العلاقة بين الإدارة التنفيذية للهيئة ومجلس الإدارة. وأكد على أن التعديلات لم تستجب لعدد كبير من مطالب القطاع الخاص والمتعلقة بضرورة تخفيض المعايير المفروضة للاستفادة من الحوافز مثل عدد العمال ورأس المال وشرائح الإعفاءات ونسبة الصادرات والمكون المحلي في الإنتاج. وطالب السيد عودة بضرورة الإسراع بإقرار النظام لمعالجة القضايا المثيرة للجدل في تعديلات القانون. وركز على أهمية استفادة شركات القطاع الخاص العاملة في قطاع غزة من الحوافز والإعفاءات الواردة في القانون.

 

تخلل الجلسة مداخلات لعدد من المشاركين ركزت بشكل أساسي على طبيعة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ودور القطاع الخاص في صياغة السياسات والقرارات الاقتصادية. وأشار البعض إلى وجود خطوات حكومية لحث المنشآت العاملة في القطاع غير المنظم على الانضمام للقطاع المنظم، وإعطائها ضمانات وحوافز واعفاءات من ضريبة الدخل لثلاث الى خمس سنوات في حال التزمت بالتسجيل والقوانين الأخرى. وأثار الحضور تساؤلات تتعلق بمغزى التعديل ومبرراته، وتشكيلة مجلس إدارة الهيئة وإضافة قطاعات وجهات محددة للمجلس واستثناء جهات أخرى كسلطة النقد وهيئة الشؤون المدنية ووزارة التخطيط. وبيّن البعض مزايا ترحيل عدد من القضايا إلى النظام وعدم الإشارة لها بنص القانون، مما يعطي مرونة أكبر للجهات التنفيذية للمراجعة والتعديل بما يستجيب للمستجدات والمعطيات الجديدة. في حين أشار آخرون إلى أن التعديلات منحت صلاحيات واسعة للجهات التنفيذية لتحديد المشاريع المستفيدة من الحوافز مما قد يفتح المجال أمام إساءة استخدام تلك الصلاحيات الموسعة. وأشار عدد من الحضور إلى غياب البعد الاجتماعي للقانون من خلال إغفال الحديث عن المسؤولية الاجتماعية وذوي الاحتياجات الخاصة والمبادرات الشبابية، وعدم وجود ضمانات لتطبيق قوانين العمل والحماية الاجتماعية من قبل المشاريع المستفيدة من الحوافز. وأشار البعض إلى وجود إشكاليات كبيرة تحيط بالقانون ربما تشكل عائقاً جدياً أمام نجاح القانون في تحقيق أهدافه، منها التوافق مع القوانين الأخرى وآليات التحكيم وحل النزاعات مع المستثمر والقانون الذي يمكن الاستناد له، ومسألة شروط تملك الأجانب للعقارات والأراضي في فلسطين. ونوه البعض إلى خطورة عدم الثبات التشريعي من خلال كثرة التعديلات وأثره على ثقة المستثمرين بالبيئة القانونية في فلسطين. وحذّر المشاركون من الأعباء الإدارية والمالية الإضافية المترتبة على إحالة العديد من القضايا إلى النظام الخاص المتوقع صدوره قريباً وستكون مسؤولية الهيئة تطبيقه.  

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات