في الذكرى السنوية لهبّة القدس والاقصى – سخنين

في الذكرى السنوية لهبّة القدس والاقصى – سخنين
رام الله - دنيا الوطن
يا جماهير هبّة القدس والأقصى وجماهير يوم الارض، يا مَنْ جِئتم، بإصرارٍ وإرادَة، مِنْ كلِّ رُبوع الوطن، مِنَ الجليل والمثلث والنقب والسّاحل، أهلا وسهلاً بكم في بلدكم سخنين، التي تحتضِن هذه المسيرة المركزية القُطرية في ذكرى يوم القدس والأقصى.. فسخنين كما عَوَّدتكم دائمًا، كما قُرى البطوف الأشَمّ، كانت ومازالت وستبقى قلعةً وطنيةً شامخةً، لا تبخل عليكم في مسيرة البقاء والتطوّر على أرضِ وطنِنا..

وفي هذه المناسبة التي نُحيي خلالها ذكرى شُهدائنا الأبرار، الذين سقطوا ضحايا العدوان البوليسي الدموي على جماهيرنا العربية عام 2000، ونُذَكِّر بمِئات الجرحى والمُصابين، فإننا أيضًا نرفع في هذه المناسبة، الوطنية والكفاحية، ومُوَحَّدين، قضايانا الكبرى والرئيسية في مُواجَهَة التحديات المصيرية التي تواجهنا في مختلَف مَناحي الحياة.. في قضايا الارض والبناء والمَسْكن والتعليم، وفي قضايا الميزانيات والحقوق غير المَشْروطة لهذه الجماهير، لكن القضية المركزية في هذه المعركة كانت ومازالت قضية ماهِيَّة ونوعِيَّة وجود الإنسان العربي الفلسطيني في هذه البلاد، فرديًا وجَماعيًا..فهم يريدون لهذا الإنسان أن يكون فَاقِدًا للهُوية الوطنية وبلا شخصية ومَلامِح، بل يريدونه مَسْخًا هُلاميًا تائِهًا بدون ذاكِرَة ولا بوصَلة وإرادَة..

إنّ المُؤسَّسة الاسرائيلية اعتقدتْ بُعَيْد النكبة الكُبرى، عام 1948، كما هو الحال بُعَيْد يوم الارض عام 76 وبُعَيْد هَبَّة القدس والأقصى عام 2000، أنه سَتَمُر عِدَّة سنوات او بِضْعَة عُقود قليلة، حتى يغيب جيلٌ ويحِلُّ مكانه جيلٌ آخر يخلو من هُوِية وطنية وقومية، يعتز بها ويُناضِل من أجلها، فَصُدِموا بالنتيجة.. فها نحن اليوم نرى، كما رَأينا في مختلف المناسبات والأحداث الأخيرة، جيلاً مُنتَصِبَ القامةِ يمشي، مُتمسِّكًا بِذاكرةٍ وهُويةٍ وطنيةٍ وبوصلةٍ واتجاه، لا يَقِلّ صَلابَة وصُمودًا وعِزَّة ورِفْعَة، ووعيًا وإدراكًا وإصراراً وإرادةً، عن الأجيال السَّابقة في هذا الشعب، هذا الشعب غير المَقطوع مِنْ شَجَرَة كما أرادوا له أن يكون..!؟

إننا نُذَكِّر، المُؤسسة الاسرائيلية، بكل تشعُّباتها ومُسميّاتها، وكلِّ مَنْ يدعمها ويُسانِدها، في الداخل والخارج، أننا نَسْتمِدّ مَشروعية مطالبنا وحقوقنا ومواقفنا، من شرعية وجودنا في وطننا، الذي لا وطن لنا سِواه.. ونريد أن نبقى ونحيا ونتطوّر في وطننا بحرية وكرامة.. نحن لسنا أعداءً لاحدٍ، من شُعوبٍ وأفراد، لكن نحن أعداء الاحتلال والاستيطان والتهويد والتمييز والاضطهاد والعنصرية والفاشية، نُصادِق مَنْ يُصادِقنا ونعادي مَنْ يعادينا.. فنحن جزء حيّ من الشعب العربي الفلسطيني، ومن قضيته العادلة، بل نحن جَذْوَة هذه القضية، التي لا تَحْتكِم لميزان القوى ولا تقادُم الزمن..

وقد ظَنّوا أننا سنصمت إزاء العدوان الدموي الحربي الأخير على شعبنا في قطاع غزة، فخاب ظنهم مرة أُخرى، وصُدِموا لحِراك شبابنا وشابّاتنا خُصوصًا، ضد العدوان والحِصار والمجازر في غزة.. لانه عُدوان على كل الشعب الفلسطيني، وعدوان على قضيته وحقوقه الوطنية العادلة في الحرية والاستقلال والسّيادَة.. وكان من الطبيعي ومن حقِّنا بل من الواجب أن نتحرك ونُؤكد موقفنا..

فقد بَدأ ذلك العدوان في القدس ومن ثمَّ في الضفة الغربية، وفي الجليل والمثلث والنقب والساحل، وانتهى مجازرًا ودَمارًا لكن هَزيمَةً للعدوان في قطاع غَزة، الذي وَاجَه وصَمَد فانتصَرَ، انتصر على الإنقسام والخِلافات والإنشقاق الداخلي، وانتصر على العدوان العسكري والسياسي، وأسَّسَ لمرحلةٍ جديدة، يكون في مِحْوَرِها وعلى اساسها تعزيز وتطوير الوِحْدَة الوطنية الفلسطينية الحقيقية ، كإنطلاقة جديدة ومُتجدِّدَة وبوصَلَةٍ مُتَوَهِّجة نحو صِناعة أمَلٍ حقيقيّ من شَظايا ألَمٍ تاريخيّ..

إننا، اليوم وهنا، نُؤكد أيضًا أن ملفَّ وجُرحَ شهداء هَبَّة القدس والاقصى ما زال مَفْتوحًا ونازِفًا، لا يتقادم بالزمن ولا يَسْقط بالمحاكِم.. وهل يمكِن لشعبٍ حيّ أن يصمتَ على قَتل أبنائه بدمٍ بارد، ومن ثَمَّ يَتِمّ تَبْرِئة المُجْرمين وإغلاق ملفاتهم واتّهام الضَّحايا..؟؟!!

فالمعركة مازالت مفتوحة وطويلة، وتتطلَّب مِنّا أقصى دَرجات الوِحدة الحقيقية والنضال الدَّؤوب والمُنظّم، بعيدًا عن الإرتجالية والعَشْوائية.. كما تدعونا هذه المعركة الى أقصى درجات الحكمة واليقظة والمسؤولية، والى التفكيرِ والسّلوكِ كشعبٍ حيّ، لا كمجموعة أقلّيات وطوائف ومَذاهب وقبائل، كما يحاوِل ويريدنا "الآخرون" أنْ نكون..

نعم نحن عازِمون على صِناعةِ مُستَقبلِنا بأيدينا على ارض وطننا، وسنواصِل إحياء ذكرى شهدائنا الأبرار لاننا نحب الحياة ونريدها حُرَّةً كريمةً..

·      كلمة مازن غنايم، رئيس بلدية سخنين ورئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، في مسيرة يوم القدس والأقصى في سخنين (1.10.2014)..

  

 

التعليقات