"حكايا الميدان".. أبو مالك أفقده العدو ساقه لكن لم يفقده عزيمة الجهاد

"حكايا الميدان".. أبو مالك أفقده العدو ساقه لكن لم يفقده عزيمة الجهاد
رام الله - دنيا الوطن
رغم الألم .. رغم الجرح النازف .. رغم الظلم والاستكبار .. رغم تخلي القريب قبل البعيد عنّا إلا من البعض.. ، ستظل فلسطين بشعبها ومقاومتها عصية على الانكسار، كيف لا ..! ، وفي كل يوم تخرج إلى النور قصة بطولة من تحت الركام تتحدث عن عظمة شعب يحتضن مقاومته، ويفديها بأغلى ما يملك الإنسان (روحه، وقطع من جسده، وأبنائه وماله وبيته...).

إصرار رغم الألم
قصتنا اليوم الحكاية الثانية من حلقات "حكايا الميدان"، تحمل في طياتها كل معاني الصمود والإصرار على مواصلة طريق الجهاد والاستشهاد حتى النصر أو الاستشهاد، إنها قصة مجاهد من سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بترت ساقه اليسرى أثناء تأدية واجبه الجهادي المقدس خلال معركة "البنيان المرصوص"، لكن إعاقته لم تبقيه حبيس الجدران داخل غرفة مُظلمة كما أراد الاحتلال له، بل كانت دافع له على مواصلة الطريق، حيث انه يُصر على الخروج للرباط على الثغور، جنباً إلى جنب مع إخوانه المجاهدين، رغم أن إصابته حديثة وبحاجة إلى مرحلة علاج طويلة.

عدسة الإعلام الحربي في "لواء خان يونس" قامت بزيارة ميدانية إلى ثغور المجاهدين، ورصدت عن قرب المعنويات العالية التي يتمتع بها المجاهد الجريح "أبو مالك" ورفاقه في سرايا القدس.

عزة وشموخ
في البداية التقينا بالمجاهد أبو مالك ورفاق دربه بسرايا القدس في نقطة رباط على الثغور، حيث بدؤوا بالدعاء لله أن يسدد رميهم وينصرهم وينصر شعبهم على العدو ، ثم قام المجاهد "أبو مالك" الذي يقود مجموعة للمرابطين بتوزيع المجاهدين في موقع الرباط كما هو المعتاد، وبعدها قام بتفقد كل مجاهد للاطمئنان على مدى جهوزيته، قبل أن يقف في وسط شجرة زيتون متزنراً بسلاح الطهر والنقاء.

وتحدث أبو مالك الذي يعيل أسرة تتكون من والديه وزوجته وطفله بصوت حمل في نبراته كل معاني الصبر والثبات لـ "الإعلام الحربي" :" الحمدُ لله، تقبلت إصابتي بكل صبر واحتساب منذ اللحظة الأولى، فما أصابني لم يكن ليخطئني، وهذا قدرنا نحن الذين نقف على خط الدفاع الأول عن الأمة الإسلامية جمعاء، ونرفع لواء الجهاد والحق ضد عدو الله والأمة"، مؤكداً أن وجوده وسط إخوانه المرابطين على الثغور يشعره بالعزة والشموخ ويرفع من معنوياته.

وتابع أبو مالك حديثه مستذكراً قصة إصابته قائلاً لـ"الاعلام الحربي": " كنت مع إخواني المجاهدين في احد المناطق التي تم اجتياحها برياً من قبل الاحتلال ، ومكثنا معاً تحت خط النار عدة أيام متواصلة حتى يوم العيد، حيث أعلن تهدئة مؤقتة، فاستغليتها ونزلت للاطمئنان على زوجتي وطفلي الذي لم يتجاوز الشهرين، لكن العدو كعادته كما هو معروف عنه نقده للعهود، افتعل قصة اختراق التهدئة لاستكمال مسلسل إجرامه بحق شعبنا فارتقى في ذلك اليوم عشرات الشهداء والجراحي، وكنت ممن تم استهدافهم في ذلك اليوم".

لا إعاقة إن وجدت الإرادة
ومضى يقول:" كانت لحظة مصيرية قلبت حياتي رأساً على عقب، حين علمت انه بترت ساقِ اليسرى وتحولت فيها من إنسان قادر على الحركة والعمل، إلى إنسان سيظل حبيس عكاز وكرسي متحرك بحاجة لمن يساعده على القيام بأبسط الأمور الحياتية، بعدما استهدفتني طائرات الاستطلاع  الغادرة بصاروخ أثناء ذهابي لأداء صلاة المغرب"، واستدرك قائلاً :" لكنني لم استسلم، واحتسبت ما أصابني في سبيل الله، وأصررت على تجاوز تلك المحنة بالاعتماد على نفسي منذ اللحظة الأولى دون الاستغناء عن دعم ومساندة الزوجة والأهل والرفاق".

وأضاف: "بالفعل في البداية وجدت بعض الصعوبات، ولكن بمساعدة زوجتي وأهلي، وأصدقائي تجاوزت كافة المعوقات، وها أنا اليوم بعد شهر ونصف من إصابتي، أواصل الرباط، وأقوم بكافة أموري الحياتية بنفسي كما أي إنسان"، مشدداً على أن أي إصابة مهما بلغت لا تشكل إعاقة للإنسان المصاب إذا وجدت الإرادة الصلبة والعزيمة والإصرار على تجاوزها.

وطالب أبو مالك كافة المؤسسات المعنية بالعمل السريع على تخفيف معاناة الجرحى وخاصة الذين فقدوا أطرافهم أو بعض حواسهم كالسمع والبصر، داعياً جميع شرفاء العالم إلى إعادة توجيه بوصلة دعمهم إلى فلسطين بالمال والسلاح والعتاد، التي قدمت ولا زالت تقدم فلذات أكبادها من أجل الدفاع عن مسرى الحبيب المصطفى، وحماية فلسطين والأمة من خطر المشروع الاسرائيلي الكبير.








التعليقات