كتاب أمريكى يطرح 5 سيناريوهات للحرب القادمة بين مصر وإسرائيل

كتاب أمريكى يطرح 5 سيناريوهات للحرب القادمة بين مصر وإسرائيل
رام الله - دنيا الوطن

مصر فى حالة حرب غير تقليدية صحيح.. لكن الحرب التقليدية بالمدافع والرشاشات والطائرات والدبابات، مع العدو التقليدى «إسرائيل» ما زالت أمرا مطروحا، وقويا وقائما.

هذا على الأقل هو ما يقترحه صدور كتاب أمريكى حديثاً، حمل اسم «الحرب المقبلة بين مصر وإسرائيل».

صراحة بلا مواربة ولا تجميل. كتاب حمل توقيع الخبير الاستراتيجى الإسرائيلى «إيهود عيلم»، الذى عمل مستشاراً لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وتخصص فى شئون الأمن القومى الإسرائيلى لأكثر من 20 عاماً. وقرر أن يضع فى ذلك الكتاب تصوراته لشكل الحرب المقبلة بين مصر وإسرائيل باعتبارها أمراً واقعاً، قائماً، قاتماً، لا فائدة ترجى من التحايل على وجوده أو تجاهله، أو التظاهر بأن حالة السلام البارد بين البلدين يمكن أن تقلل من إمكانية اندلاع الحرب بينهما.

وسبق للكاتب ان نشر مقالا احتوى افكار الكتاب فى يوليو 2012 تحت عنوان " سيناريوهات الحرب بين مصر واسرائيل " فلنرى ما جاء فيه لنرصد ما تغير فى مصر ما بين 2012 و2014
----
يوليو 2012

في مقال خطير نشره موقع مجلة الدفاع الاسرائيلية، وضع.إيهود عيليم موفد المجلة بالولايات المتحدة والباحث في الأمن القومي والعسكرية الإسرائيلية سيناريو للحرب بين مصر وإسرائيل يشمل القتال على كافة الجبهات، متوقعاً تحقق هذا السيناريو في حال اندلاع الحرب بين الجانبين.

وقال عيليم إن الثورة المصرية وتزايد القوة السياسية للإخوان المسلمين في مصر قد يؤديان إلى مناوشات بين مصر وإسرائيل، مشيراً إلى أن هناك العديد من الأسباب لذلك، وعلى رأسها نزع السلاح من سيناء والفلسطينيين وحركة حماس التي تربطها علاقات بالإخوان المسلمين- على حد زعمه.

وأضاف عيليم أنه في ظروف خطيرة قد تندلع بين إسرائيل ومصر مواجهة تقليدية، وإن كانت محدودة النطاق، متوقعاً أن تعطي المواجهة المستقبلية بين الدولتين وزناً كبيراً لعناصر من المواجهات السابقة، مشيراً إلى أن ميدان المعركة سيكون في سيناء مرة أخرى.

وأشار الكاتب أنه رغم التطورات التي طرأت في العقود الأخيرة على المجال العسكري بوجه عام وعلى جيشي إسرائيل ومصر على وجه التحديد إلا أن جزء من أنماط القتال في حربي 1948-1973 لازال ذي صلة ولكن بالموائمة مع الواقع الحالي، مؤكداً أن العنصر الرئيسي سيكون السعي لتحقيق التفوق الجوي، والذي برأيه سيدعم كافة القوات البرية والبحرية عن طريق عمليات القصف ونقل الإمدادات وتوفير المعلومات الاستخبارية، مشيراً إلى أن القصف سيكون فعالاً جداً في منطقة مكشوفة مثل سيناء تكون فيها الوحدات البرية سهلة الضرب بواسطة الهجمات الجوية مثلما ثبت في حرب 1967.

ولفت الكاتب إلى أن سلاح الجو المصري قوي جداً، ويشمل أكثر من 200 طائرة من طراز 16- F ، كما أن جيش إسرائيل سيكون منشغلاً أيضاً بجبهات أخرى إيران وحزب الله، وربما تحتدم أيضاً معركة ضد حماس وسوريا، الأمر الذي سيعوقه عن تركيز قواته الجوية لمواجهة مصر.

وأضاف الكاتب أنه في ضوء هذا، ربما لا تتمتع إسرائيل بالسيطرة الجوية الكاملة، على الأقل في المرحلة الأولى من المعركة، مشيراً إلى أن مضادات الطائرات المصرية أيضاً ستعوق عمليات القصف الإسرائيلي، وبناء عليه يرى الكاتب أن إسرائيل لن تتمكن من حسم المعركة في سيناء عن طريق الهجمات الجوية فقط، وبالتالي ستضطر إلى شن هجمات برية، وفي هذه الحالة قد تندلع معركة برية تتضمن مناورات متبادلة.

وتابع الكاتب أن الهدف العملياتي لكل جانب سيكون إبادة قوات العدو والتصدي لها في سيناء، مشيراً إلى أن المواجهة ستشمل عناصر لم يتدرب عليها جيش إسرائيل منذ العام 1982 مثل المعارك ضد المدرعات والتعرض لهجمات جوية، وكذلك المواجهة المباشرة بين الجيشين الإسرائيلي والمصري.

وأضاف الكاتب أنه فضلاً عن ذلك، فإن سلاح البحرية الإسرائيلي، للمرة الأولى منذ 1973، سيدير معارك ضد الأسطول المصري في البحرين الأحمر والمتوسط، مشيراً إلى أنه في مساحة شاسعة مثل سيناء سيكون هناك مجال كبير للمناورات المختلفة، مع معارك ليليلة وصدام مباشر مع العدو، وما يتطلبه ذلك من قيادة ورقابة ومعلومات استخبارية.

وتابع الكاتب أن استخدام الجيشين لآلاف منظومات السلاح الأمريكية المماثلة مثل طائرة 16 – F و113 M، سيزيد من احتمالية النيران الصديقة، مشيراً إلى أن الجيش المصري سيكون أكثر حذراً في تحديد الأماكن في سيناء التي لا يمكن أن تمر فيها المركبات المدرعة بسبب خبرته في هذا المجال التي ترجع للحالات السابقة التي نجح فيها جيش إسرائيل في التسلل إلى صفوف المصريين مثلما حدث في عام 1967، مؤكداً أن الجانبين سيحاولان السيطرة الجوية أو نصب الأكمنة وغلق الطرقات مثلما فعلت القوات الخاصة المصرية في عام 1973.

وزعم الكاتب أنه سيكون من السهل بالنسبة لجيش إسرائيل اختراق عمق سيناء في ظل غياب مناطق محصنة للجيش المصري خلافاً من وضع عامي 1956 و1967، مشيراً إلى أنه في حال قيام الجيش المصري بتحرك سريع ومفاجئ في بداية المواجهة، سيتعين على جيش إسرائيل الاستعداد لتنفيذ هجمات وقائية للتصدي له أو على الأقل تعطيل تقدم القوات المصرية حتى تعبئة الاحتياط، مثلما حدث في بداية حرب يوم الغفران.

وتابع الكاتب أنه من الناحية العسكرية فإن الأفضل للمصريين الاعتماد على خط المعابر أو التقدم نحو الحدود الإسرائيلية والانسحاب في وقت الضرورة مع إدارة دفاع في العمق، الأمر الذي يستلزم قوة مناورة كبيرة، مشيراً إلى أن الجيش المصري لن يتلقى تعليمات بمنع جيش إسرائيل من تحقيق أي إنجاز بري، الأمر الذي سيكلف المصريين ثمناً باهظاً، مثلما حدث في عامي 1956-1967.

وأضاف الكاتب أن الجيش الإسرائيلي سيواجه مشكلة مماثلة إذا اخترق عمق سيناء، حيث أنه إذا استمر القتال سيؤدي التواجد الإسرائيلي في قلب سيناء إلى إقامة بنية تحتية، مثلما حدث في أواخر عقد الستينيات، مشيراً إلى أن الانتقال التدريجي لقواعد جيش إسرائيل إلى النقب التي تدعم التشكيلات الحالية هناك، سيساعد أيضاً في دعم الانتشار الإسرائيلي في سيناء.

وتابع الكاتب أن ثمة خيار آخر أمام جيش إسرائيل وهو تبني الدفاع المتحرك في أنحاء شبه جزيرة سيناء أو البقاء في النقب والإغارة على سيناء لتنفيذ عمليات فقط، أي الاختراق من أجل تحقيق أكبر قدر من التدمير للقوات المصرية ثم الانسحاب والعودة إلى النقب.

ورأى الكاتب أنه في ضوء ذلك، وبسبب التحديات الكبيرة التي تضعها الحرب أمام الجيشين، فإن هناك العديد من الأسباب التي تجعل كلا الجانبين يتراجعان عن الاستفزاز الآن، متوقعاً أن تحتدم المواجهة بين مصر وإسرائيل خلافاً لرغبة الدولتين.

وأكد على ضرورة استعداد إسرائيل للمواجهة المحتملة مع مصر دون إهمال الجبهات الأخرى وعلى رأسها إيران وحزب الله مع التركيز على تنمية قدرات القتال التقليدية لجيش إسرائيل.

لنعد للكتاب 
======
تكمن أهمية الكتاب فى توقيت صدوره، فهو الكتاب الأول الذى يدرس إمكانية نشوب حرب بين مصر وإسرائيل بعد عهد مبارك، وثورتى يناير ويونيو. وهو يأخذ فى اعتباره تلك المستجدات التى طرأت على الساحة السياسية والأمنية المصرية بعد سقوط نظام الإخوان وتوحش الإرهاب فى سيناء.

يحاول الكتاب أن يقرأ خريطة الحرب المستقبلية من جميع زواياها المتاحة أو الممكنة: ما الذى يمكن أن يؤدى لإشعال تلك الحرب؟ هل يمكن أن تلعب التنظيمات الإرهابية فى سيناء دوراً فى إطلاقها؟ هل تخرج مصر منها منتصرة ولو بتعديل معاهدة كامب ديفيد وإعادة نشر قواتها فى سيناء، أم أن إسرائيل هى التى ستجد نفسها أمام «عش دبابير» لا تعرف كيف تحكمه ولا تسيطر عليه؟


كيف يمكن أن تستفيد إيران من إشعال حرب بين البلدين؟ وهل يمكن أن يصل ضغط الأزمات الداخلية فى مصر إلى لحظة تتخذ فيها القاهرة قرار الحرب مع تل أبيب هرباً منها؟ إلى أى مدى يمكن الرهان على توتر العلاقة بين الجيش والشعب المصرى؟ وهل يمكن أن يفكر الشعب فى الهرب من خطر الحرب الأهلية -لو هدده- إلى نار الحرب التقليدية مع إسرائيل؟

كيف يمكن أن يستفيد الإخوان من إشعال الحرب بين البلدين؟ وهل ينجحون فى اختراق صفوف الجيش بحجة التطوع لقتال العدو؟ هل تقف أمريكا ساكنة أمام أى تحرك مصرى ينذر بالحرب، أم أن مصر لا يمكنها أن تواجه إسرائيل أبداً طالما ظلت علاقاتها متوترة مع «واشنطن»؟

كلها أسئلة يحاول الكتاب الرد عليها، بما يكشف على الأقل طريقة التفكير الإسرائيلى وتخيلاته لهذه الحرب. تكشف أن هذه الحرب احتمال يتعامل معه الخبراء العسكريون الإسرائيليون على أنه أمر واقع وقائم، وربما قريب.

يبدأ الكتاب رصده للعلاقات القائمة بين إسرائيل ومصر منذ حكم الرئيس مبارك، يقول: «خلال حكم الرئيس مبارك، كانت إسرائيل تنظر إلى علاقتها بمصر على أنها نوع من السلام البارد، كانت إسرائيل حتى نهاية السبعينات تنظر إلى الجيش المصرى باعتباره يشكل أكبر تهديد عليها، لكن على مدى العقود الثلاثة الأخيرة تغيرت النظرة الإسرائيلية لمصر، أصبحت العلاقات بينهما هى العلاقات الطبيعية والمتوقعة بين إسرائيل وبين دولة عربية كبرى لا يغيب عنها استمرار الصراع العربى الإسرائيلى».

ويتابع: «كان هناك أيضاً نوع ما من التفاهم المشترك بين البلدين حول بعض القضايا الاستراتيجية المهمة، منها مثلاً، النظر إلى إيران على أنها تمثل تهديداً لمصالحهم، وأهمية تجنب المواجهة بين إسرائيل والدول العربية أو التنظيمات المسلحة مثل حركة حماس. كل من إسرائيل ومصر كانت تعرف جيداً مدى فداحة الثمن الذى يمكن أن تدفعه جراء المواجهة الإسرائيلية العربية، وهو ما ساعد على صمود اتفاقية السلام فى وجه العديد من الضغوط، بل ولعبت مصر حتى فى كثير من الأحيان دور الوسيط فى المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بما قلل من فرص التصعيد بين الجانبين، كما أنه من المعروف أن هناك شكلاً من أشكال التعاون بين البلدين فى مجالات الزراعة والتجارة والغاز الطبيعى».

يقول إيهود عيلم: «فى منتصف يناير 2012، عقب إجراء المناورة المصرية «ناصر -6» فى سيناء، قال الفريق محمود حجازى، رئيس أركان الجيش المصرى الثانى الميدانى وقتها، إن هذه المناورة جاهزة للتنفيذ فى حالة حدوث هجوم من إسرائيل على قناة السويس. وفى أكتوبر 2012 قال الفريق أول «عبدالفتاح السيسى»، الذى كان قائداً للجيش وقتها، بعد تدريب للجيش فى سيناء، إنه أثبت استعداد وجاهزية القوات المسلحة للتعامل مع أى تهديد يواجه سيناء أو أى جزء فى مصر. كان واضحاً أنه يشير إلى إسرائيل ضمن من يتحدث عنهم. ويتابع: «فى المقابل، قال العميد الإسرائيلى المتقاعد عوديد طيرة، فى أواخر أبريل 2012، إن مصر عدو محتمل، لكن الواقع أن كلا الطرفين أدرك أن عليه أن يبتعد عن أى تصريحات أو أفعال تمس هذه المنطقة الشائكة والملتهبة، حتى لا يفاجأوا بأن مخاوفهم قد تحققت بالفعل على أرض الواقع، وأنه تسبب، من فرط توجسه، فى اندلاع حرب لا يريدها أى من الطرفين. لكن فى الوقت نفسه لا تملك مصر ولا إسرائيل ترف تجاهل أو إنكار احتمال نشوب تلك الحرب». ويتساءل: «إذن ما الاحتمالات الفعلية لنشوب تلك الحرب فى المستقبل؟ إن هناك عدة عوامل لا بد من أخذها فى الاعتبار عند الرد على هذا السؤال، على رأسها التوتر بين مصر وإسرائيل بسبب ما يحدث فى قطاع غزة.

السيناريو الأول
========

يبدأ السيناريو الأول للحرب بين مصر وإسرائيل، كما يرى الكتاب، من انفلات التنظيمات والجماعات الإرهابية التى تعشش فى شبه جزيرة سيناء، وخروجها عن السيطرة، بحيث تؤدى لاشتعال الحرب بين البلدين.

يقول الكتاب «لا تجد مصر مفراً من التعامل العسكرى العنيف مع الجماعات الإرهابية التى انتشرت فى سيناء، خاصة مع علمها أن أى هجوم تطلقه تلك الجماعات الإرهابية من قلب سيناء على إسرائيل يمكن أن يتسبب فى أزمة تصل إلى حد الحرب بين البلدين، وهو التوتر الذى وصل إلى أقصاه فى أعقاب الفوضى التى ضربت شبه الجزيرة فى 2013، وأدى إلى ازدياد خطورة وحدة واحتمالات المواجهة العسكرية بين مصر وإسرائيل، ونجاح تلك التنظيمات الإرهابية فى إشعال فتيل حرب بين البلدين يعد فى حد ذاته «نصراً عظيماً» بالنسبة لتلك الجماعات.

ويتابع: «كانت مخاطر تلك الجماعات من وجهة نظر الجانب الإسرائيلى تتمثل فى قدرتها على تحقيق إصابات كبيرة بين المدنيين، مسببة إصابات (سياسية) أكثر من كونها عسكرية لتل أبيب. وما كان يزيد من صعوبة الأمر هو عدم قدرة جيش الدفاع الإسرائيلى على شن ضربات استباقية ضد هذه التنظيمات؛ لأن هذا يعنى اعتداءه مباشرة على السيادة المصرية والدخول فى مواجهة مباشرة مع الجيش المصرى، وكل ما استطاعت إسرائيل فعله هو تعزيز المراقبة لمنع اختراق الحدود، والاعتماد بشكل أساسى على منظومة الدفاع الجوى (القبة الحديدية) لصد الهجمات المحتملة للجماعات الإرهابية».

ويواصل: «وفى نهاية يونيو 2013، قال الميجور جنرال عوزى ديان، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومى الإسرائيلى: إن معاهدة السلام مع مصر قائمة على إبقاء أجزاء من شبه جزيرة سيناء خالية من الوجود العسكرى المصرى، لكن لا بد أن تكون خالية أيضاً من الإرهاب. وفى حالة عدم تحقق هذين الشرطين، تفقد معاهدة السلام عمقها الاستراتيجى بالنسبة لإسرائيل، وينبغى عليها أن تتحرك فى تلك اللحظة لحماية نفسها. وعلى ما يبدو، فإن أسوأ سيناريو بالنسبة لإسرائيل فى هذه النقطة، هو أن تظل سيناء منطقة خارجة عن السيطرة، وقاعدة تنطلق منها هجمات التنظيمات الإرهابية، والأهم: أن الجيش المصرى فى هذه الحالة قد يلجأ إلى نشر قوات على مساحات واسعة فى سيناء للسيطرة على هذا التهديد الإرهابى حتى من دون الحصول على موافقة إسرائيل».

ويواصل: «بالنسبة لمصر، سيكون الموقف مختلفاً. صحيح أن خطورة الوضع فى سيناء تثير القلق فى مصر، إلا أن تلك الفوضى هناك يمكن أن تكون فرصة للقاهرة لكى ترسل قواتها العسكرية إلى هناك، وبشكل ما، فإن انطلاق سلسلة من الهجمات الإرهابية من سيناء على إسرائيل يمكن أن يصب فى النهاية فى مصلحة مصر، لو نجحت فى توصيل فكرة أن الوجود العسكرى المصرى القوى فى سيناء هو الأمر الوحيد الذى يمكن أن يردع تلك التنظيمات الإرهابية. بمعنى آخر: كلما ازداد الوضع فى سيناء سوءاً، صار موقف مصر أفضل من ناحية أخرى».

ويرى الكتاب أن الوجود العسكرى المصرى وإنهاء قاعدة إبقاء سيناء منطقة منزوعة السلاح أكثر أهمية بالنسبة للقاهرة من القضاء على الجماعات والتنظيمات الإرهابية فى شبه الجزيرة، وسيظل ذلك الخيار مطروحاً بالنسبة لمصر، طالما ظلت الفوضى فى سيناء بشكل ما تحت السيطرة، دون أن تمتد لتهديد قناة السويس وأجزاء أخرى من مصر، الأمر الذى يمكن أن يهدد الاستقرار الأمنى الداخلى فى البلاد، الذى يعانى أصلاً ضربات شديدة.

ويتابع: «لا ينفى هذا أنه من الممكن أن تندلع الحرب المقبلة بين مصر وإسرائيل لو بدا أن مصر غير قادرة أو غير راغبة فى القضاء على الإرهاب فى سيناء. عندها من الممكن أن تتحرك إسرائيل لوضع حد لذلك الخطر الذى يهدد أمنها، كما فعلت فى اجتياحها لبعض المناطق التى كانت تقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، فى الفترة بين عامى 2000 و2005 عندما عجزت السلطة عن السيطرة على انطلاق هجمات من ميليشيات مسلحة فى تلك المناطق ضد إسرائيل».

ويواصل: «خسرت مصر قطاع غزة لصالح إسرائيل فى حرب عام 1967، تقبلت مصر هذا الوضع، بل ربما حتى أرادت التنازل عن قطاع غزة الذى لم يعد يمثل بالنسبة لها إلا كتلة متزايدة من الفقراء والمهمشين، فى الوقت الذى لم يكن فيه الرئيس الأسبق أنور السادات راغباً فى تولى رعاية الفلسطينيين. أما إسرائيل، فهى تفهم جيداً أن هناك مناطق فى سيناء تعانى مشاكل أمنية وسياسية واقتصادية، وأنه لو نجح جيش الدفاع الإسرائيلى فى احتلال سيناء فى أى لحظة، فربما تكون بذلك قد أسدت خدمة لمصر بتخليصها مؤقتاً من (عش الدبابير) الذى يسمى سيناء، لكى تنجح مصر ولو مؤقتاً فى التركيز على العديد من الملفات الشائكة الداخلية الأخرى».

ويضيف: «بل إنه من الممكن أن تستغل مصر احتلال إسرائيل لجزء من سيناء لإبقاء وجود عسكرى مكثف لقواتها فى باقى الأجزاء، والأهم أنها ستستغل الفرصة لكى يلتف باقى أفراد الشعب حول حكومتهم كما يحدث فى الأزمات الوطنية عادة».


السيناريو الثانى 
=========

يرى الكتاب أن أحد الأسباب التى يمكن أن تؤدى لاندلاع الحرب بين مصر وإسرائيل، هو تزايد الضغوط الداخلية، سواء السياسية أو الاقتصادية، على الحكومة، أو المؤسسة العسكرية المصرية، ما يدفعها لمحاولة الهرب من هذه الضغوط بشن حرب على العدو التقليدى (إسرائيل). وهو احتمال صار المؤلف يراه قريباً على ضوء التغيرات العنيفة التى عصفت بمصر فى السنوات الثلاث الأخيرة منذ سقوط نظام الرئيس مبارك.

يقول: «قد يرى البعض أن الأزمة الاقتصادية التى تطحن مصر حالياً يمكن أن تكون سبباً فى أن تفكر القاهرة مرتين قبل الذهاب للحرب مع إسرائيل، لكن ينسى هؤلاء أن اقتصاد مصر أيضاً لم يكن فى حال جيد عندما قررت إطلاق حرب 1973 ضد إسرائيل. ويمكن القول حتى: إن قوة الجيش المصرى الاقتصادية حالياً صارت أكبر بكثير مما كانت عليه منذ عقود. ويبدو ذلك واضحاً فى سيطرة الجيش الممتدة لعدة مصانع وأراضٍ ومؤسسات. والواقع أن هذه القوة الاقتصادية التى تملكها المؤسسة العسكرية المصرية يمكن أن تجعلها قادرة على الاستمرار فى مواجهة إسرائيل عسكرياً فى أى وقت تقرر فيه مصر شن الحرب ضدها، خاصة لو كانت تلك الحرب محددة المدة والهدف سلفاً.

ويواصل: «كما أن هناك نقطة أخرى تضاف لصالح مصر اقتصادياً، لو قررت دخول الحرب ضد إسرائيل فى أية لحظة، هى علمها بأنها قادرة على الاعتماد على الدعم الاقتصادى الخليجى لها فى مواجهة تل أبيب، سواء خلال الحرب، أو لإعادة إعمار ما دمرته تلك الحرب من بنية تحتية وغيرها، خاصة مع تزايد أهمية وثقل مصر بالنسبة للدول الخليجية فى الفترة الأخيرة».

ويرى إيهود عيلم أن التهديد الإسرائيلى ضد مصر كان ولا يزال أحد أهم الأسباب التى يستند عليها الجيش المصرى لتبرير اقتطاعه جزءاً ضخماً من ميزانية الدولة، وهى النقطة التى يراهن عليها كثيرون لإشعال الغضب الشعبى ضد الجيش كما حدث فى الفترة التى تلت ثورة يناير، وظهرت فيها مطالبات للمرة الأولى بالكشف عن ميزانية الجيش، ووجود نوع من الرقابة البرلمانية عليها.

يقول: «إن احتمالية اندلاع حرب أو مواجهة مع إسرائيل كانت دائماً أحد المبررات التى يستند عليها الجيش المصرى لتبرير ميزانيته الضخمة فى الدفاع، حتى لو كان البعض فى داخل مصر يرون أنه من الأجدى أن يذهب جزء من ميزانية الدفاع لبنود أخرى فى الميزانية الداخلية لمصر. والواقع أن الجيش يدرك تماماً أنه بعد اندلاع ثورتين فى مصر فى السنوات الأخيرة وإسقاط نظامين، لم يعد هناك أحد محصناً من الغضب الشعبى.

ويكمن رهان أى دولة تفكر فى مواجهة الجيش المصرى، كما يرى الكتاب، فى «أن ينظر الشعب يوماً ما إلى الجيش وميزانيته الاقتصادية على أنها تمثل جزءاً من مشاكل مصر، وليس حلاً لها، وهو ما قد يساعد على تشكيل تحالف من قطاعات وأطياف واسعة، قد تطالب بالضغط على المؤسسة العسكرية بكل الأساليب والطرق، حتى تصبح تحت السيطرة والرقابة من الناحية الاقتصادية، ما سيجعل موقف الجيش وقوته من الناحية السياسية أكثر ضعفاً على الساحة الداخلية فى مصر».

ويتابع: «على أفضل تقدير، فإن تحرك هذا التحالف الرافض للمكانة الاقتصادية المميزة للمؤسسة العسكرية، يمكن أن يزرع شكوكاً متزايدة حول المزايا السياسية والاقتصادية التى يتمتع بها الجيش، وهو ما يعنى أنه لو شعر الجيش بتحالف الكتل السياسية والاقتصادية والسياسية ضده، فإن هذا قد يدفعه إلى استخدام آخر ورقة لديه، وهى دعوة كل أطياف الشعب وتياراته السياسية والاقتصادية للتوحد ضد العدو التقليدى الذى يجمع المصريين دائماً: إسرائيل».

ويواصل: «يدرك الجيش أنه فى حالة تزايد الانتقادات الداخلية ضده، فلا بد أن يقوم بحركة ما تقلل من تلك الانتقادات، فى الوقت الذى يحافظ فيه على قيمته ومكانته أمام الناس. وفى حالة انقلاب الرأى العام ضد المؤسسة العسكرية لأى سبب، فإن عملية موسعة ضد التنظيمات الإرهابية فى سيناء مثلاً قد لا تكون كافية لامتصاص الغضب الشعبى، وربما لن تعطى الأثر المطلوب والكافى لكى يحتفظ الجيش بمميزاته السياسية والاقتصادية الواسعة. ربما يلجأ الجيش هنا لاستفزاز إسرائيل للدخول فى مواجهة (محدودة) من خلال نشر قواته فى سيناء حتى لو لم يكن ينوى إبقاءها هناك إلى الأبد، فقط لما يكفى من الوقت لإشعال مواجهة محدودة، وربما حتى (رمزية) مع إسرائيل، إلا أن أحداً لا يمكنه فى هذه الحالة أن يضمن ألا تخرج الأمور عن السيطرة، على الرغم من إرادة ومصلحة الطرفين».

ويتابع «عيلم»: «والواقع أنه بالنسبة للجيش المصرى، فإن اشتعال الغضب السياسى داخلياً ضده أشد خطورة عليه من قيام إسرائيل بشن هجوم عسكرى على سيناء. إن تدهور الوضع الداخلى المصرى، سياسياً واقتصادياً، هو واحد من أكبر وأهم الأسباب التى يمكن أن تشعل الحرب مع إسرائيل. ربما ترى القيادة المصرية فى تلك اللحظة أنها تريد تحويل الغضب الشعبى إزاء سياساتها نحو إسرائيل، أى مواجهة ولو محدودة مع تل أبيب يمكن أن تساعد القيادة المصرية على أن تربح بعض الوقت فى مواجهة الغضب الداخلى، بل ربما استخدمت تلك المواجهة العسكرية لقمع الأصوات المعارضة تحت شعار الحفاظ على الوحدة الوطنية، بينما يمكن أن تستغل المعارضة أى هزيمة فى هذه الحرب لتوجيه مزيد من الاتهامات للحكومة بالفشل.

هل يحتاج إعلان الحرب لوجود زعيم قوى على رأس السلطة فى أى من البلدين؟

يجيب الكتاب: «الواقع أن قوة الزعيم، أو الحاكم الذى يدير أياً من الدولتين، لا تصنع فارقاً ضخماً عند الحديث عن إطلاق الحرب؛ فأى زعيم قادر على إطلاق الحرب حتى لو كان زعيماً يُنظر له على أنه ليس من نوعية الزعماء القادرين على إطلاق الحرب؛ ففى حرب 1967 مثلاً، كانت المسئولية تقع على ليفى أشكول، رئيس الوزراء الإسرائيلى، لإطلاق الحرب ضد مصر وسوريا، على الرغم من أن كثيرين كانوا ينظرون إليه على أنه ضعيف الشخصية ولا يصلح لقيادة حرب، حتى مع وجود وزير الدفاع ذى الحضور الكاسح وقتها، موشيه ديان». ويواصل: «لكن لو كان هناك درس يمكن أن يعلّمه التاريخ لإسرائيل فيما يتعلق بحروبها مع مصر، فهو أن مصر قادرة على أن تفاجئها دائماً، سواء كانت تلك المفاجأة على المستوى السياسى أو العسكرى، كما حدث فى نشر القوات المصرية فى سيناء عام 1967، أو فى هجوم حرب 1973، أو حتى فى ثورة 2011.

السيناريو الثالث 
=========

يبدأ السيناريو الثالث للحرب فى حالة تزايد مخاوف إسرائيل من تسليح مصر لنفسها، حتى لو كان هذا التسليح بهدف الحفاظ على توازن السلام.

يقول المؤلف: «إنه فى العقود الأخيرة التى تلت معاهدة السلام بين البلدين، ظلت مصر تنظر إلى الجيش الإسرائيلى دوماً على أنه قوة عسكرية غاشمة لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها ولا إعطاؤها الأمان، فى الوقت الذى تنظر فيه إسرائيل للجيش المصرى وقوته الضاربة على أنه تهديد لا يمكن تجاهل أو إغفال قوته ووجوده». ويتابع: «لكن يمكن القول: إن مواجهة الجيش المصرى لم تكن أولوية بالنسبة لإسرائيل بسبب وجود تهديدات أخرى أكثر مباشرة لأمنها القومى فى السنوات الماضية؛ فمثلا: كان جيش الدفاع الإسرائيلى يتأهب دائماً لمواجهة، أو للدخول فى مواجهة مع الجيش السورى، ومن بعده مع التنظيمات الخارجة عن الدولة وفقاً للتهديد الذى تمثله، لكن الواقع الذى لا يمكن إنكاره أيضاً هو أن إسرائيل ظلت تحافظ طيلة هذه السنين على استعداداتها العسكرية ليس لمواجهة أعداء مثل حزب الله وسوريا فحسب، وإنما لمواجهة مصر أيضاً. بل إنه حتى مع اتجاه جيش الدفاع الإسرائيلى لخفض ميزانيته إثر سقوط وتفكك الجيش السورى بسبب الحرب الأهلية الدائرة بين نظام الأسد والمعارضة، فإن إسرائيل ستتجه للإبقاء على جزء كبير من معداتها العسكرية الثقيلة، ليس بسبب تهديد حزب الله أو الأردن أو ما تبقى من سوريا، ولكن بسبب مصر».

وتدرك إسرائيل أنه مهما كانت قوة سلاح الجو لديها، فإنها ستظل بحاجة لوجود قوات برية قوية فى حالة اندلاع حرب مع مصر، حتى لو لم تعلن ذلك صراحة، وفى المقابل، فإن الجيش المصرى لا ينوى بدوره تخفيض حجم قواته.

ويواصل الكتاب: «الواقع على الأرض يقول إن كلاً من الجيشين المصرى والإسرائيلى من أقوى الجيوش الموجودة فى الشرق الأوسط. كل منهما يملك ما لا يقل عن 3 آلاف دبابة و500 طائرة عسكرية، هذه الترسانة الضخمة كانت سبباً فى أن تنظر كل دولة إلى الأخرى بعين التوتر والشك؛ إذ إن أحداً لا يمكنه أن ينكر أن اشتعال سباق التسليح يمكن أن يكون دائماً سبباً فى اندلاع حرب بين البلدين».

ويتابع: «يذكر الكل مثلاً أن أحد الأسباب الرئيسية التى أدت إلى شن هجوم إسرائيلى على مصر عام 1956 كان القلق الإسرائيلى من تزايد حجم التسليح المصرى. إن ترسانة الأسلحة الضخمة لدى كلا الطرفين تلعب دوراً مزدوجاً؛ فمن ناحية، تخشى كل دولة أن تبدأ بإعلان الحرب تحسباً لوجود هذه الترسانة، لكن فى الوقت نفسه، فإن وجود هذا الحجم الضخم من العتاد والسلاح يثير فى حد ذاته قلقاً متبادلاً بين الجانبين، قد يتطور فى لحظة إلى حد إعلان الحرب لو شعرت دولة منهما أن تسليح الدولة الأخرى تجاوز الحد الذى يهدد أمنها أكثر من اللزوم».

السيناريو الرابع 
=========

يقول الكتاب: «إن أحد سيناريوهات الحرب المقبلة بين مصر وإسرائيل يبدأ من قطاع غزة. صحيح أن حركة «حماس»، التى تسيطر على القطاع حالياً، لا تريد أن تدخل فى مواجهة مع إسرائيل بشكل يفقدها سيطرتها على القطاع حالياً، إلا أن هذا لا يمنع أن بعض العناصر المتشددة فى الحركة، أو من خارجها، يمكن أن تدفعها للصدام مع إسرائيل. كل من حماس وإسرائيل قد تسعى لأن تكون تلك المواجهة محدودة، إلا أنه من الممكن أن تخرج الأمور عن السيطرة لأى سبب، ولأقل استفزاز كسقوط صواريخ من جانب غزة تسبب إصابات كبيرة بين المدنيين الإسرائيليين، بما يدفع إسرائيل للرد بإطلاق عملية عسكرية فى القطاع قد تؤدى حتى لإعادة احتلاله بالكامل.

ويواصل: «غالباً ستود مصر أن تظل بمنأى عما يحدث، سعياً لتجنب أى احتكاك خطير مع إسرائيل، إلا أن القادة المصريين سوف يجدون أنه من الصعب أن يقفوا ساكنين فى الوقت الذى تدمر فيه إسرائيل الفلسطينيين، خاصة فى حالة وقوع خسائر بشرية جسيمة بين المدنيين الفلسطينيين، وهو ما سيحدث غالباً، فالواقع أنه مهما بلغ مستوى تدريب القوات الإسرائيلية، ومهاراتها القتالية، إلا أنها غير قادرة على أن تحقق تقدماً فى غزة من دون أن تتسبب فى خسائر فادحة بين المدنيين الفلسطينيين».

ربما كانت «حماس» تراهن على أن تنجح فى استفزاز إسرائيل، واستفزاز المصريين ضد حكامهم فى وقت واحد. يقول الكتاب: «هناك فى هذه الحالة احتمال قائم بأنه لو شعر المصريون أن هناك مذابح بشعة ترتكب ضد الفلسطينيين فى غزة، فسيندفعون إلى الشوارع فى مظاهرات حاشدة كتلك التى شهدها ميدان التحرير من قبل. وحتى قطاعات المصريين التى ترفض أو تعارض حماس، لن تجد مفراً من الوقوف إلى جانب الفلسطينيين وهم يتعرضون لتلك الاعتداءات الإسرائيلية، بل وربما يدفع ضغط الرأى العام العربى والمصرى صناع القرار فى مصر إلى وقف إسرائيل بالقوة لو لزم الأمر، ولو حتى من خلال الدفع بقوات مصرية إلى شمال سيناء.

والواقع أن هناك عوامل خارجية يمكن أن تسهم بنشاط فى إشعال هذه الحرب، لمصلحة أطراف إقليمية أخرى، لو لم يكن الضغط الداخلى على القيادة المصرية كافياً. يقول إيهود عيلام: «ولو لم يكن ضغط الرأى العام كافياً لتحريك مصر ضد إسرائيل، فمن الممكن ساعتها إذن أن تتدخل إيران لإشعال تلك الحرب. من الممكن مثلاً أن تستغل إيران تقاربها مع حركة الجهاد الإسلامى فى غزة، لكى تورط حماس فى حرب ضد إسرائيل، وتدفع مصر بالتالى للدخول فى معترك هذه المواجهة. فبالنسبة لإيران، مصر وإسرائيل تمثلان تهديداً مباشراً وعائقاً فى سبيل تحقيق طموحاتها بالهيمنة على المنطقة كلها، وقد تعتبر «طهران» أن دخول مصر وإسرائيل فى حرب مباشرة يمكن أن يشتت تركيزهما بعيداً عنها. من ناحية أخرى، ستتركز أنظار العالم كله على تلك الحرب بين مصر وإسرائيل لينسى، ولو مؤقتاً، تهديد الطموحات الإيرانية النووية، بما يترك لطهران المجال لمواصلتها وتطويرها لتصبح أكثر قوة، فى الوقت الذى ستخرج فيه مصر وإسرائيل أكثر ضعفاً أمامها بعد تلك الحرب».

ويواصل: «سيكون غريباً فى هذه الحالة أن نفس المنطق الذى تفكر به إيران، وهو ضرب أعدائها بعضهم ببعض، هو نفس المنطق الذى تفكر به إسرائيل عموماً، عندما استفادت من محاربة أعدائها لبعضهم البعض، كما حدث مثلاً فى حالة الحرب بين العراق وإيران فى الثمانينات، أو فى الحرب الأهلية الدائرة بين السوريين وبعضهم حالياً».

«تلك الحرب الأهلية السورية كانت لها تداعيات أخرى على الساحة الداخلية الفلسطينية. انقطع الاتصال بين «حماس» السنية، ونظام «بشار الأسد» الشيعى، وحدث شرخ فى العلاقات بين الحركة وبين إيران الداعمة لنظامه. لكن الواقع أنه حتى مع هذا الشرخ، فإن العداء لإسرائيل يظل يجمع بين حماس وإيران، خاصة أن كلتيهما يدرك أنه ليس لديه حالياً «رفاهية» اختيار الحلفاء فى المنطقة.

السيناريو الخامس 
==========

يقول الكتاب: «إن أحد أهم وأول الأسباب التى يمكن أن تؤدى لاندلاع الحرب بين مصر وإسرائيل، يمكن أن يبدأ من سيناء، خاصة فى حالة أى تحرك مصرى لإعادة نشر القوات فى شبه الجزيرة التى تنص معاهدة السلام بين البلدين على إبقائها منزوعة السلاح».

ويرى الكاتب أن مصر تعتبر عملية إعادة نشر القوات المصرية فى سيناء مسألة شرف وكرامة وطنية، وليس مجرد أمن قومى فقط؛ فحرب 1973 كانت فرصة لمصر لمحو عار هزيمتها فى يونيو 1967، لكنها لن تعتبر أن هذه المهمة قد تمت بنجاح إلا بعد أن تقوم بنشر قواتها بكامل حريتها فى سيناء».

ويتابع: «صحيح أن سيناء تعد هى منطقة دفاع مصر الأولى ضد إسرائيل، إلا أن تل أبيب قد تعتبر أن نشر القاهرة لقوات مصرية فى سيناء كخطوة وقائية واحترازية تحسباً لقيام حرب، سبب فى إشعال حرب فعلية، على الرغم من أن إسرائيل لا تنوى ولا تريد حالياً شن حرب ضد مصر».

والواقع أن سيناء كانت دائماً نقطة مربكة فى علاقة المصريين بأرضهم.. يقول المؤلف الإسرائيلى فى تحليله للعلاقة التى تربط المصريين بتلك القطعة من أرضهم: «لقد حارب المصريون من أجل سيناء فى عدة حروب، لكن على الرغم من وجود عشرات الخطط لتنمية شبه الجزيرة وتعميرها بالسكان، فإن عدداً قليلا من المصريين قرروا الاستقرار فيها منذ استعادتها كاملة عام 1982. فعلى ما يبدو كان المصريون على استعداد للموت فى سبيل سيناء، لكنهم لم يكونوا مستعدين للحياة فيها. لكن حتى مع تفضيل المصريين البقاء خارج سيناء، خاصة مع كونها منطقة خارجة عن القانون، فإنهم سيظلون مستعدين للمحاربة من أجلها، سواء كانت تلك الحرب ضد الميليشيات الإرهابية المسلحة أو غيرها».

ويتابع: «بالنسبة للجانب المصرى، فمن الممكن ألا تصور مصر نشر قواتها فى سيناء على أنه خرق لمعاهدة السلام، ولكن على أنه (تعديل لها). ومن الممكن أن تستشهد مصر بأنها على امتداد 35 عاماً من السلام مع إسرائيل فإنها لم تسعَ لإطلاق الحرب، حتى عند حدوث احتكاكات ومواجهات بين إسرائيل وغيرها من الدول العربية، بما فيها الأطراف التى تهم مصر مثل الفلسطينيين، بل إن مصر سعت حتى للعب دور الوسيط للتهدئة بين إسرائيل والعرب، وبالتالى فإن مصر قد أثبتت أمام العالم أنها دولة تفى بمسئولياتها وتلتزم باتفاقياتها، واكتسبت الحق فى نشر قواتها على جزء أصيل من أرضها». ويتابع: «من الممكن أيضاً أن تضغط مصر على العالم بورقة موافقة إسرائيل على وجود قوات سورية على جزء من هضبة الجولان، على الرغم من العداوة الصريحة والمعلنة بين دمشق وتل أبيب، فكيف إذن يُعقل أن تمنح إسرائيل هذا الحق لأعدائها فى الوقت الذى لا تمنح فيه ثقتها لشريك قديم وأصيل فى عملية السلام مثل مصر؟ كما يمكن أن تتساءل مصر أمام المجتمع الدولى أيضاً عن السبب الذى يجعل إسرائيل تصر على عدم وجود قوات مصرية فى سيناء، فى الوقت الذى تحول فيه إسرائيل صحراء النقب الملاصقة للحدود المصرية إلى قاعدة عسكرية».

ويواصل الكتاب: «الأمر ببساطة يعنى أن هناك خطراً من قيام حرب، لو حاولت مصر فرض واقع جديد فى سيناء بنشر قواتها فيها. قد لا يبدأ الأمر بنشر القوات على نطاق واسع، وإنما فى جزء ضئيل من شبه الجزيرة، بشرط أن يكون من تلك المناطق التى لم يكن مسموحاً للجيش المصرى بالوجود فيها وفقاً للمعاهدة. ويكون هذا التغيير الحادث على الأرض سبباً فى إطلاق عملية سياسية تكسر القيود التى فرضتها معاهدة السلام على الوجود العسكرى المصرى فى سيناء، وأفضل وقت يمكن أن تأخذ مصر فيه هذه الخطوة سيكون عند اندلاع مواجهة جديدة بين إسرائيل وطرف آخر غير مصر، كحزب الله مثلاً، تفرض مصر واقعاً جديداً على أرض سيناء، مطمئنة إسرائيل بأن هذا التحرك ليس موجهاً ضدها. وتأكيداً لحسن نواياها، قد لا تعلن مصر عن نشر قواتها فى سيناء على الصعيد الداخلى، إلا أن إسرائيل قد تظل غير مطمئنة للتحرك المصرى، مطالبة القاهرة بسحب قواتها من سيناء، أو مواجهة خيار وخطر الحرب».

فى هذه الحالة فقط تبدأ مصر الهجوم 
=====================

ينتقل المؤلف للحديث عن واحد من أكثر العوامل الحاسمة فى المواجهة بين الجيشين المصرى والإسرائيلى، وهو الدعم العسكرى الأمريكى فى المعدات والتسليح.

باختصار، حذر الخبير العسكرى الإسرائيلى من أن تنظر تل أبيب لأى انشقاقات أو خلافات بين مصر والإدارة الأمريكية على أنها «ضمان» لعدم قيام مصر بافتعال أزمة أو حتى بشن حرب ضدها بحجة غياب الدعم الأمريكى للقاهرة، فالواقع أن مصر قادرة تماماً على الدخول فى مواجهة مع إسرائيل، دون أى دعم أمريكى لها على الإطلاق.

ويتابع: «لو أن مصر قررت الدخول فى مواجهة مع إسرائيل فى الوقت الذى تحتفظ فيه بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، فسوف تختار الوقت المناسب للهجوم. وغالباً سيكون ذلك وسط أزمة عنيفة تمر بها الولايات المتحدة، أو أكثر من أزمة تحتاج من واشنطن تركيز انتباهها الكامل عليها، سواء كانت أزمة سياسية أو اقتصادية داخلية، أو كانت أزمة عبر البحار تهدد المصالح الحيوية الأمريكية فى منطقة مثل شرق آسيا مثلاً.

ويواصل: «فى كلتا الحالتين، سترفض الولايات المتحدة وبشدة أى محاولة مصرية لنشر قواتها بشكل موسع فى سيناء، لكن تلك القوة العظمى ستسعى فى الوقت نفسه ألا تخسر علاقاتها ومصالحها مع مصر، الحليف العربى القوى الذى يصعب سقوطه. ستستغل مصر هذه اللحظات من «التردد» الأمريكى لتدعو إلى مفاوضات لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، مدركة أن أمريكا، راعية اتفاقية السلام بين البلدين، ستكون مهتمة للغاية بوقف أى مواجهة بين مصر وإسرائيل حتى لو كان ذلك بتقديم مزيد من الدعم العسكرى والمساعدات الأمريكية للجيش المصرى، فالواقع أن الهدف الأساسى من تلك المعونة العسكرية كان تشجيع مصر على عدم خوض حرب أخرى ضد إسرائيل، حتى لو لم يكن ذلك يعنى بالضرورة بقاء القوات المصرية خارج سيناء.

ويتابع الكتاب: «إنه رهان مصرى على أنه من الممكن أن تنجح مصر فى نشر قواتها فى سيناء مع الحفاظ على المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية فى وقت واحد، لكنه رهان غير مضمون، إذ إنه من الممكن أن تخسر مصر بضربة واحدة سيطرتها على سيناء، والمعونة الأمريكية معًا، ولا ينالها من هذه المناورة إلا التورط فى حرب لا نهاية واضحة لها».

نقلا عن جريدة الوطن 

 


التعليقات