حرب داعش تضاعف العجز المالي وتهدد المصارف العراقية بالإفلاس

حرب داعش تضاعف العجز المالي وتهدد المصارف العراقية بالإفلاس
رام الله - دنيا الوطن
توقع تقرير للمركز العالمي للدراسات التنموية في لندن، ارتفاع عجز الموازنة العراقية، إلى درجة لا تستطيع الدولة معها سداد أجور موظفيها والتزاماتها المالية، ما قد يضطرها لاستخدام احتياطيات البنك المركزي البالغة نحو 80 مليار دولار.يقول محللون إن سيطرة الدولة الإسلامية على نحو ثلث مساحة العراق والحرب الدائرة ضدها، تهدد بتضاعف عجز الموازنة العراقية المستهدف خلال العام الحالي من 23 مليار دولار إلى نحو 50 مليارا بسبب الركود الاقتصادي وشلل القطاع المصرفي.

ويقول شهود عيان إن عددا كبيرا من فروع المصارف أغلقت أبوابها وهي مهددة بالإفلاس لعدم قدرتها على تحصيل الديون من عملائها، نتيجة تراجع الحركة التجارية، بسبب صعوبة التنقل وإنجاز الأعمال.

وكان العراق يتطلع منذ خروجه من طائلة البند السابع للأمم المتحدة في يونيو 2013، إلى جذب استثمارات عربية وأجنبية لتنفيذ 740 مشروعا بقيمة 32 مليار دولار.

لكن الانهيار الأمني يهدد بعرقلة خارطة استثمارية تم وضعها للسنوت العشر المقبلة، وتتضمن عددا كبيرا من المشاريع النفطية والكهربائية، بعد أن بدأت بعض الشركات العالمية بإرسال مهندسيها وعمالها إلى المواقع العراقية.

ويبلغ حجم الاستثمارات الطموحة التي تضمنتها “الخطة الوطنية للتنمية في العراق، نحو 357 مليار دولار، تشمل قطاعات الصناعة والطاقة والاستثمار والإسكان والزراعة والموارد المائية والتعليم والنقل”.

وكانت الاستثمارات المقررة موزعة بنسبة 79 بالمئة للاستثمارات الحكومية، مقابل 21 بالمئة للاستثمار الخاص، وتمتد إلى جميع قطاعات البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية.

وبلغت الاستثمارات المرصودة في العام الماضي نحو 22 مليار دولار، لكنها تواجه اليوم مصاعب كبيرة بعد أن بدأت بعض الشركات من الإمارات والكويت والأردن ولبنان وتركيا وإيران والهند والبرازيل وباكستان وماليزيا وهولندا وبريطانيا وسلوفينيا بتنفيذ تلك المشاريع.

ورغم حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي، فقد بلغ عدد الشركات الأجنبية التي تم تسجيلها في وزارة التجارة 412 شركة في العام الماضي، وتراوحت بين فروع ومكاتب تمثيل للشركات العربية والعالمية.

وقدم العراق حينها حوافز وإعفاءات واسعة من الرسوم والضرائب، لكن الأمم المتحدة قالت إنها لم تكن كافية، إذا لم يتحقق الاستقرار السياسي والأمني والقضاء على الفساد.
تراجع النفط
وأنهى العراق العام 2013، بمعدل نمو اقتصادي قياسي بلغ نحو 9 بالمئة، لكنه جاء بشكل أساسي من ارتفاع إنتاجه النفطي الذي تجاوز 3 ملايين برميل يوميا.

وقد وضع موازنة العام الحالي الطموحة، البالغة 150 مليار دولار، مستندا بنسبة 93 بالمئة على إيرادات النفط ، على أساس 90 دولارا لسعر البرميل وإنتاج 3.4 مليون برميل يوميا.

وأعلن عن خطط العراق لزيادة إنتاجه من النفط بشكل تدريجي ليصل إلى 9 مليون برميل يوميا بحلول عام 2020. لكن احتدام المعارك والقصف الجوي، خاصة قرب آبار النفط في الموصل وكركوك، أدى إلى خفض الإنتاج، والاعتماد على نفط الجنوب.

إفلاس المصارف

وأدى توسع العمليات العسكرية، إلى قطع التواصل بين مناطق البلاد وتهجير أعداد كبيرة من السكان، وانعكس ذلك على نشاط المصارف، التي لم يعد معظم موظفيها قادرين على الوصول إلى مراكز عملهم بسبب الاضطرابات الأمنية.

وأصدر البنك المركزي العراقي مذكرة تسمح للمصارف بإقفال فروعها، وقد اضطر عدد من المصارف في المناطق الساخنة فعلا إلى إغلاق بعض الفروع.

وحذّر خبراء اقتصاديون من خسائر فادحة للقطاع المصرفي، بعدما نزح معظم العملاء وعدم قدرتهم على سداد الديون، الأمر الذي يهدد قدرة المصارف على ملاحقة المتخلفين عن الدفع ويعرّضها لخطر الإفلاس.

ويقول مصرفيون، إن تلك الديون ليست متعثرة فقط، بل أصبحت غير قابلة للسداد. وطالبوا البنك المركزي بوضع خطة إنقاذ شاملة ليس فقط للقطاع المصرفي بل لمختلف قطاعات الاقتصاد العراقي.

ويوجد في العراق 55 مصرفا بينها 16 مصرفا عربيا وأجنبيا، إضافة إلى 49 مؤسسة مالية واستثمارية.

وكان اتحاد المصارف العربية قد أكد قبل الانهيار الأمني، أن أنشطة القطاع المصرفي العراقي سجلت قفزات نوعية خلال السنوات العشر الماضية، رغم الظروف المعقدة.

وأشارت بياناته لعام 2013 إلى نمو الموجودات بنسبة 33 بالمئة، ورؤوس الأموال بنمو 47.5 بالمئة والائتمان النقدي الممنوح بنسبة 60 بالمئة. كما نمت الودائع بنسبة 1.6 بالمئة، وبلغت نسبة مساهمة القطاع المصرفي في الناتج المحلي الإجمالي نحو 8 بالمئة.

إصلاحات بنيوية

ويعاني القطاع المصرفي العراقي من تشوهات بنيوية، منها أن المصارف الحكومية وعددها 7 مصارف تسيطر على 90 بالمئة من موجودات القطاع، تاركة 10 بالمئة فقط لنحو 48 مصرفا في القطاع الخاص.

ولا تكتفي المصارف الحكومية بودائع القطاع العام، بل تسيطر على 63 بالمئة من ودائع القطاع الخاص. وتشكو المصارف الخاصة من قيود الحكومة التي تنحاز إلى مصارفها في النشاط المالي، إضافة إلى امتناع إدارات الدولة عن قبول الصكوك التي تزيد قيمتها عن 2.2 مليون دولار من مصارف القطاع الخاص. وتواجه المصارف الخاصة صعوبات في استرداد القروض من المدينين، حتى لو ربحت قرارا قضائيا، لأسباب تتعلق بالوضع الأمني والضغوط الاجتماعية.

ويبرز تخلّف القطاع المصرفي العراقي في أن 80 بالمئة من السكان البالغ عددهم 35 مليون نسمة لا يمتلكون حسابا مصرفيا. وتتمركز جميع فروع المصارف البالغة 900 فرع في عواصم المحافظات فقط.

التعليقات