ذكرى رحيل الدكتور حيدر عبد الشافي

ذكرى رحيل الدكتور حيدر عبد الشافي
بقلم : عماد الحطاب

ذكرى رحيل الغالى القائد الوطنى الدكتور حيدر عبد الشافى
"كان يمثل بحق أباً لنا جميعاً، كنا دائماً نشعر بالطمأنينة عندما نسمع أنه تدخل لحل بعض عقدنا المستعصية. كان رجلاً نزيهاً في أوقات ندرت فيها النزاهة. و كان شجاعاً و فارساً عندما ندرت الشجاعة و قل الفرسان بل كادوا أن يختفوا...غاب الرجل و لن تغيب النزاهة، غاب البطل و لن تغيب الشجاعة، غاب القائد الفذ و لن تغيب الحكمة، غاب الأب الصادق و لن تغيب الاستقامة...فاسم الدكتور : حيدر عبد الشافي سيظل يرسم لأجيالنا اللاحقة كل هذه القيم".
تعلمت منه النظام و الاحترام و المحبة و العلوم الجيدة، وكان يقول: أنا مع كل الخطوات الجدية التي تفعل أداء هذه القيادة و توصلها إلى ما يستجيب للحق الفلسطيني أمام ما يتعرض له من عدوان إسرائيلي.
د. حيدر عبد الشافي
في 10 حزيران 1919 ولد الدكتور حيدر عبد الشافي، والده هو الشيخ محيي الدين عبد الشافي الذي كان آنذاك مأمور أوقاف غزة.
- انتقل والده الى الخليل كمدير للأوقاف خلال بداية دراسته في الإبتدائية، فعاش عبد الشافي في الخليل أجمل سني طفولته الأولى، ثم أكمل دراسته الابتدائية و قسم من الدراسة الثانوية بغزة، و أكمل دراسته الثانوية في الكلية العربية في القدس، و بعد أن توقفت الدراسة تماماً في اضراب 1936 التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت حيث درس الطب و تخرج في حزيران 1943م.
- عمل في المستشفى الحكومي في يافا كطبيب مقيم، و من ثم التحق في الجيش العربي في الأردن في العام 1944، و عمل كطبيب في الكتيبة الثانية.
- عمل طبيباً و عضواً في المجمع الطبي العربي منذ عام 1945.
- شهد الراحل الكبير النكبة و هجرة العام 48 في طولكرم، حيث كان آنذاك أمين سر الجمعية الطبية التي تشكلت في سنة 1943.
- ساهم عبد الشافي في العناية بجموع الاجئين من إسكان و خدمات طبية و تعليمية و كان عملاً مضنياً، حيث أن عدد الاجئين كان أربعة أضعاف عدد سكان قطاع غزة الذي لم يتعد آنذاك 20 ألفاً، في الوقت الذي لم يتجاوز فيه عدد الأطباء حينها في جنوب القطاع ثمانية أطباء.
- تزوج عبد الشافي من رفيقة دربه هدى الخالدي و أنجبا هند و خالد و صلاح و طارق.
- أثناء العدوان الثلاثي عام 1956م و احتلال قطاع غزة، اختير عضواً في المجلس البلدي لمدينة غزة، و قدم استقالته في الجلسة الأولى التي لم يحضرها و لم تقبل استقالته.
- شارك د. حيدر و مجموع القوى الوطنية بتشكيل الجبهة الوطنية و كان أحد أبرز قادتها التي قادت النضال في قطاع غزة، و بعد انسحاب المحتل من مصر و قطاع غزة بدأ عهد جديد، و في يوم الإنسحاب صدر البيان الأول عن ما سمي حينه"الجبهة الشعبية" في محاولة لمنع حصول أي فراغ سياسي بعد الإنسحاب، و الذي كان د. حيدر قد حصل على موافقة القوى عليه أثناء منع التجول الذي رافق الانسحاب و حرص على اختراقه شعوراً منه بالمسئولية الوطنية.
- انتخب رئيساً لبرلمان غزة(المجلس التشريعي) خلال الفترة من 1962 إلى 1965.
- في عام 1964 شارك في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، و كان عضواً في لجنتها التنفيذية الأولى و نائباً لرئيس لجنتها التنفيذية.
- بعد العدوان الإسرائيلي و احتلال قطاع غزة و الضفة الغربية في العام 1967، نشط حيدر عبد الشافي في التصدي لمخططات سلطات الاحتلال. استدعي د. حيدر عبد الشافي من قبل الحاكم العسكري العام الإسرائيلي على إثر مظاهرات ضد الإحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، و نفاه الاحتلال إلى وسط سيناء في منطقة تسمى "نخل" في معسكر للجيش الإسرائيلي، و بعد بضعة أشهر عاد إلى غزة.
- أبعد إلى لبنان في عام 1970 لنشاطه بمنظمة التحرير الفلسطينية مع المحامي/ زهير الريس و المحامي/ فيصل حمدي الحسيني. مكث في لبنان مدة ستة أشهر، و سمح له بالعودة بعد تدخل الأمم المتحدة. فأقام في عكا حيث استضافته عائلة فلسطينية هناك قبل أن يعود إلى مسقط رأسه في القطاع.
- أسس الراحل مع مجموعة من النشطاء و المهتمين جمعية الهلال الأحمر لقطاع غزة في العام 1969. و ترأس الجمعية حتى عام 2005م. و كان أحد برامجها هو برنامج مكافحة الأمية.
- شارك في تأسيس الملتقى الفكري و مجلس التعليم العالي للتأثير الإيجابي في العملية التعليمية و رفض المحاولات الإسرائيلية لتهويد التعليم و فرض المناهج التي كانت تدرس في مناطق 48. و نجح في الإبقاء على إجراء إمتحان الثانوية العامة في غزة بالتنسيق مع مصر و باشراف اليونسكو كما تقدم باسم مجلس التعليم العالي بطلب لإقامة جامعة عربية في غزة و الذي رفضه ديان.
- شارك الراحل في تشكيل لجنة التوجيه الوطني التي قادت النضال الشعبي في غزة و الضفة و القدس.
- و بعد انطلاق انتفاضة العام 1987 لعب الراحل الكبير دوراً ريادياً في التصدي لمخططات الاحتلال، و في دعم صمود الناس في القطاع. و كان له دوراً بارزاً في تشكيل أول قيادة وطنية موحدة للانتفاضة و تشكيل لجنة وطنية عليا بمشاركة فتح و الشعبية و حزب الشعب و مجموعة من المستقلين.
- ترأس الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر مدريد 1990.، و هناك شاهد العالم بأسره صلابة و ثبات حيدر عبد الشافي، قائداً عنيداً في الدفاع عن حقوقه، و تناقلت وسائل الإعلام حينها صورته الشهيرة رافعاً علامة النصر و هو متوجه لقاعة المؤتمر، ليقول للعالم، نحن شعب يستحق أن يحيا بحرية. و قاد فريق المفاوضات الفلسطيني لمدة 22 شهراً في محادثات واشنطن. إلى أن استقال من قيادة الوفد إثر تسرب الأنباء عن قنوات تفاوضية سرية.
- ساهم د. عبد الشافي بتأسيس العديد من المؤسسات المجتمعية و الأكاديمية، و شغل مناصب عدة في العديد من المؤسسات الوطنية المرموقة، من بينها عضو مجلس أمناء جامعة بيرزيت، كما ساهم بتأسيس الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، و كان مفوضها العام، و الجمعية الوطنية لتأهيل المعاقين حيث ساهم في تأسيسها و كان رئيس مجلس إدارتها مدة طويلة.
- في العام 1996م انتخب عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني، و حاز حينها على أعلى الأصوات في فلسطين. و عرف عن عبد الشافي جرأته، و مبدئيته، و انتقاده لكافة المستويات القيادية علناً.
- و بعد فترة من انتخابه، استقال من منصبه كنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، احتجاجاً على ما وصفه في حينه تقاعساً عن مواجهة الفساد في السلطة الفلسطينية.
- في 8 نيسان2007 قلد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، المناضل الفلسطيني العريق د. حيدر عبد الشافي وسام نجمة الشرف الفلسطيني، تقديراً لدوره الكبير و عطائه المميز في خدمة الشعب الفلسطيني و نضاله لنيل حقوقه الوطنية العادلة، و دوره النضالي من خلال مواقعه التي شغلها و من بينها تأسيسه و رئاسته للمبادرة الوطنية الفلسطينية.
- عرف عن الراحل، فكره الوحدوي، و صلابته المبدئية، و تمسكه بثوابت شعبه الوطنية، عاش و مات رمزاً للنزاهة، عاش و مات بين أبناء شعبه بسيطاً نظيف اليد...أحب قضاياهم، فأحبوه و نصبوه شيخ المناضلين.

التعليقات