مركز "شمس" يعقد لقاءً حول العلاقة بين التماسك الاجتماعي والديمقراطية

رام الله - دنيا الوطن
عقد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"ورشة عمل في جامعة النجاح بعنوان التماسك الاجتماعي والديمقراطية في فلسطين وقد افتتح الورشة إبراهيم العبد من مركز شمس معرفاً بالمركز ونشاطاته وأهدافه التي تصب في تعزيز المشاركة الشبابية وزيادة الوعي وتعميق الثقافة في مجالات حقوق الإنسان،وقال أن هذه الورشة هي إحدى نشاطات مشروع الوعي المدني والانتقال إلى الديمقراطية، بدعم وتمويل من الصندوق الوطني الديمقراطي (NED).

من جهته قال الدكتور سهيل خلف أن التماسك الاجتماعي يُعد الأساس المتين الذي ترتكز عليه الديمقراطية. وهو يشير إلى العلاقات والتفاعلات داخل المجتمع، ويبنى على جهد ديمقراطي ليؤسس لتوازن اجتماعي، وديناميكية اقتصادية، وهوية جامعة.وقال أن الهدف من التماسك الاجتماعي هو إيجاد نظام مبني على المساواة والعدالة، ووضع ضوابط على النمو الاقتصادي الرأسمالي، وتلافي الانقسامات الاجتماعية. وبالتالي فالتماسك الاجتماعي هو عملية يتم من خلالها تعزيز المواطنة بتقليص أشكال عدم المساواة كافة في المجتمع.وقال أن مصطلح التماسك الاجتماعي، أو البناء الاجتماعي والمعروف سياسياً بالوحدة الوطنية، يعد أحد مصطلحات علم الاجتماع التي تستعمل في وصف الحالات التي يرتبط فيها الأفراد، أحدهم بالآخر بروابط اجتماعية وحضارية مشتركة.

وأوضح أن المجتمع المتماسك شرط أساسي للديمقراطية السياسية والاستقرار الاجتماعي. وعندما يتحقق ذلك، يكون المجتمع قادراً على تحقيق مستويات أعلى من الإنتاج، والوصول إلى نمط اقتصادي أفضل على المدى البعيد. وإذا كانت الديمقراطية في أحد معانيها، هي نظام يضمن للمواطنين ممارسة حقوقهم في نظام سياسي مبني على العدالة القانونية، فإن التماسك الاجتماعي يهدف إلى تحقيق المساواة الفعلية بين المواطنين.وإذا كانت الديمقراطية هي الحارس للمصلحة العامة من خلال حكم الناس لأنفسهم، فإن منطق التماسك الاجتماعي ضمانة لمستوى لائق من المعيشة يسمح للناس بأن يحكموا أنفسهم.

وأوضح خلف أن مفهوم التماسك الاجتماعي والديمقراطية لهما أهمية بالغة في هذه المرحلة التي تشهد تحولاً نحو الديمقراطية في العديد من الدول العربية، لأسباب ثلاثة رئيسة:أولاً: أن الدول التي خبرت هذه الثورات والتحولات كانت تتسم بغياب شبه كامل للديمقراطية، ودرجة كبيرة ومتنوعة من عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية، والتي شكلت الأرضية التي انطلقت منها هذه الثورات.ثانياً: أنه في بعض الدول التي شهدت أو ما تزال تشهد تحولاً، فإن التحول ولأسباب كثيرة، حدث عن طريق العنف والعنف الشديد أحياناً، والذي أدى ويؤدي، بالضرورة، إلى انقسامات حادة، تأخذ الطابع القومي أو العرقي أو الطائفي أحياناً، ما يعني أن عملية التحول الديمقراطي لن تكون مكتملة طالما أنها تقوم على إقصاء البعض من المشاركة السياسية أو عدم الاستفادة من ثروات المجتمع.ثالثاً: لأن عملية التحول الديمقراطي في العديد من هذه البلدان، لم تتجاوز، حتى الآن، تغييراً في الهياكل السياسية للأنظمة التي تم تغييرها، والتركيز أكثر ما يكون على القوانين والانتخابات، ولم تنجز هذه الثورات بعد المشروع الديمقراطي الذي يستند إلى حقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين.وعليه، لا بد أن يكون مفهوم الحرية الذي ألهم عملية التحول الديمقراطي مبنيا على احتمال أن يتمتع جميع المواطنين بحياة كريمة، وإلا لن يكون هناك معنى لهذه التحولات السياسية.

أزمة الحكومة والمعلمين.. والنزول عن الشجرة

·بوصلة الرأي العام في الأردن

·حرية الصحافة بين التقارير الدولية والرأي العام

·مبادرة الجامعة العربية الثانية نحو سورية

·الإسلاميون جاهزون.. وماذا عن الآخرين؟

·الحراك الشبابي: الفرص والتحديات

·المرأة أولى ضحايا الربيع العربي

·الإصلاح السياسي: تباطؤ أم تغيير في المسار؟

·الملك ينتصر للبيئة والناس

·مسألة الأقليات ودفن الرؤوس في الرمال

·الإسلاميون وتحدي النجاح في صناديق الاقتراع

·العنف الاجتماعي مجدداً

·أربعة أيام هزت مصر

·الطبقة الوسطى والتحول الديمقراطي في الأردن

·الحكومة واستراتيجية التواصل المجتمعي

·رسائل مهمة في خطاب العرش

·حان الوقت للمضي قُدماً

·مذبحة ماسبيرو انتكاسة للثورة المصرية

·الإصلاح السياسي والحراك الشبابي

·ديمقراطية الجغرافيا أم الديموغرافيا؟

·التعديلات الدستورية والمساواة بين الجنسين

·النموذج التركي والحركات الإسلامية

·الإصلاح السياسي والتحدي الاقتصادي

وقال أن درجة التماسك الاجتماعي لأي مجتمع، على طبيعة الجماعات والمنظمات والمجتمعات التي تؤثر تأثيراً كبيراً ومباشراً على أنماط سلوك الأفراد داخل المجتمع وهو يستعمل عادة من قبل علماء الاجتماع في حالة الجماعات الاجتماعية الصغيرة والكبيرة خصوصاً عندما تتوفر في هذه الجماعات الصفات التالية: اعتماد الفرد علي المقاييس والقيم المشتركة، تماسك أفراد الجماعة بسبب المصالح المشتركة وأخيرًا التزام الفرد بأخلاقية وسلوكية جماعته. أي أنه علاقة تعبيرية إيجابية تقع بين شخصين أو أكثر.ومن المعروف أيضًا أن التماسك الاجتماعي ما بين أبناء الوطن الواحد، يظهر جلياً عندما يواجه الوطن بعض المحن أو الأزمات، وبخاصة عندما يكون هذا الخطر خارجياً، فتتوحد الأمة وتقوي روابطها دفاعاً عن وطنها الذي يضم الجميع دون تمييز أو تفرقة. فوحدة الوطن هي الغاية، وهي الوسيلة للتماسك والتضامن.

وشدد خلف على أن التماسك الاجتماعي يمكن التعبير عنه بالبناء الاجتماعي، فمظاهر الحياة المتنوعة يمكن أن تؤلف فيما بينها وحدة متماسكة، في هذا السياق يكون القانون هو المنظم للعلاقات الاجتماعية والنظام السياسي والاقتصادي، كما تلعب العادات والتقاليد دوراً مهماً في عملية البناء الاجتماعي.هناك أيضاً العديد من العلامات المهمة لعملية التماسك الاجتماعي، من أهمها التوازن الداخلي الذي يساعد المجتمع على الاستمرار في الوجود، كما أن النظرة الكلية للمجتمع تسهم في عملية التوازن الداخلي. ومع ذلك لابد من الإشارة إلى أنه لا يوجد مجتمع في حالة تكامل تام، فعملية التوازن الديناميكي هي العملية السائدة والتي تسهم في تغيير المجتمع. هذا التوازن يتحقق عندما يتفق المجتمع على منظومة القيم الحاكمة والسعي إلى تطبيق القانون.

وأوضح خلف أن هناك عوامل عديدة لاستمرار عملية التماسك الاجتماعي، من أهمها الجوانب المادية، التي تتمثل في العمل والسكن والرعاية الصحية وغيرها من مظاهر الحياة المختلفة، هذه العوامل المادية عندما ترتبط بالأمان والتحرر من الخوف يحدث داخل المجتمع ما يمكن تسميته بالتفاعل الايجابي بين الأفراد والمجموعات، ولكي يتحقق التماسك الاجتماعي لابد من تجاوز المساواة إلى العدالة. كما أن القوانين والدساتير مكتوبة بطريقة مثالية، لكن هناك فجوة كبيرة بين ما هو مكتوب والممارسات العملية، ومن هنا تأتي أهمية السياق الثقافي كآلية مهمة تساعد في تفعيل المكتوب في الواقع.

وقال أن هناك فجوة عميقة بين القوانين التي تدعو إلى المساواة وبين الممارسات العملية والتي أدت في النهاية إلى مجتمع تحكمه العلاقات أكثر من مجتمع يحكمه القانون. هذه العملية تجعل المساواة مفهوماً نخبوياً وتسهم في عملية الفرز الطائفي، وتدمر عملية التعددية، والتي هي الأساس الرئيسي لعملية التماسك الاجتماعي. إن ربط المساواة بالعدالة أمر مهم لتحقيق التعددية الايجابية، وذلك لأن التعددية حينما ترتبط بالامتيازات والمصالح الخاصة تعتبر أداة تفتيت وتدمي، ولكن التعددية تسهم في ثراء التماسك الاجتماعي حيثما تؤسس علي مفهوم التنوع وأحقية كل شخص في فرص متساوية دون النظر إلي خلفيته الدينية أو السياسية أو العرقية.

وفي نهاية الورشة أوصى المشاركون بضرورة توطين مفهوم التماسك الاجتماعي ورفع الوعي به من خلال الأنشطة. وأن تأخذ وسائل الإعلام دورها في تناول مفهوم التماسك الاجتماعي من جوانب مختلفة. ضرورة أن تأخذ مؤسسات التنشئة الاجتماعية دورها في زرع قيم التماسك الاجتماعي.

 

التعليقات