هل يصلح الأردن ما أفسدته إسرائيل بغزة

هل يصلح الأردن ما أفسدته إسرائيل بغزة
بقلم : عبدالله عيسى

رغم كثرة المصائب التي حلت بغزة نتيجة العدوان الإسرائيلي فان شهامة الأردنيين لم تتوقف عند حد فكان الإسهام الأردني الدائم ملكا وحكومة وشعبا في مساندة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة بكافة الوسائل السياسية والإعلامية وبقوافل الخير من المساعدات الإنسانية وكان آخرها مبادرة العاملين بقطاع شركات الكهرباء الأردنية لإصلاح محطة كهرباء غزة .

ولم يكتف العاملون بشركات الكهرباء الأردنية بهذه المبادرة بل تطوعوا جميعهم بدفع خمسة دنانير من كل عامل وموظف ومهندس إسهاما في إصلاح محطة كهرباء غزة .

وكانت مبادرة ومساهمة أخوية من نشامى الأردن إلى إخوانهم بقطاع غزة والتي جاءت دائما ترجمة لتوجهات الملك عبدالله الثاني الذي وقف دائما الى جانب أشقائه العرب ولم ينتظرا جزاء ولا شكورا وإنما الواجب الذي تمليه الأخوة العربية فنجد بصمات الأردنيين في كل الدول العربية التي احتاجت للمساعدة منها أشياء نعرفها وكثير منها لا نعرف عنها شيئا والأيام وحدها تكشف دائما عن أصالة وكرم أخلاق الملك عبدالله الثاني والشعب الأردني  .

وبالمناسبة فان من قام ببناء محطة كهرباء غزة قبل نحو عشرة أعوام هم مهندسون أردنيون وبالتالي فان محطة كهرباء غزة ليست جديدة عليهم فهي من صميم أخلاقهم الأصيلة .

والأردن في سياسته الرسمية حافظ على مسافة واحدة بين الطرفين .. السلطة وحماس ولكن عند الانحياز فالأردن ملكا وحكومة وشعبا منحاز إلى ابعد درجة إلى الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة بهدف رفع المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني وتقديم كل العون الإنساني ومنحاز أيضا إلى القضية الفلسطينية كي تجد حلا عادلا لا ينتقص من الحقوق الفلسطينية ومن هنا نجد ان كل المواقف الأردنية تجد كل الترحيب الرسمي والشعبي الفلسطيني في الضفة وغزة .

ورغم التحديات التي تواجه الأردن والمنطقة بشكل عام وتطورات الأحداث على مستوى سوريا والعراق والتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب فان الأردن وضع القضية الفلسطينية ومساعدة الشعب الفلسطيني على أولى الأولويات وهذا نابع من كبرياء الأردن وقوته وكما قال الشاعر :" إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام "..

فقد واجه الأردن جملة من التحديات الخطيرة خلال السنوات الماضية كما واجه مؤخرا تحديات كبيرة بعد سيطرة داعش على عدد من المحافظات العراقية والسورية وكلاهما على حدود الأردن فلم يعرف الأردن الجزع ولا الفزع فتعامل مع الأزمة السورية اولا على حدوده بموقف ثابت ولم يفزع مما يجري على حدوده الشمالية وعندما تداعى أكثر من أربعين دولة في العالم لتشكيل التحالف الدولي كان موقفه ثابتا رصينا وتعامل بحكمة مع كل الأخطار التي تعصف بالمنطقة والشعب الأردني واثق بقيادته وجيشه فكان وما زال الأردن ملاذا للعرب ومحل ثقة الزعماء العرب في الأزمات .

وفي خضم هذه الأحداث الخطيرة وقعت حرب غزة فلم يشغل الأردن كل ما يجرى في المنطقة وعلى حدوده مباشرة فانشغل أكثر بمعاناة الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة وكانت قوافل المساعدات الإنسانية لا تنقطع خلال الحرب وبعدها وما قبلها .

 وقد نتخيل أن أي مسؤول في وزارة الخارجية الأردنية أو السفارة الأردنية في رام الله أو تل أبيب يرفع سماعة الهاتف ويطلب مسؤولا في الخارجية الإسرائيلية ليبلغه أن قافلة مساعدات أردنية ذاهبة إلى غزة فيرد المسؤول الإسرائيلي :" سمعا وطاعة ".. هذا ما يتخيله البعض ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما .. مشادات هاتفية تصل أحيانا  لدرجة التهديدات للإسرائيليين بان هذه القافلة يجب ان تصل غزة خاصة خلال حرب غزة .. وهؤلاء الجرحى يجب أن يصلوا من غزة إلى الأردن ولوازم المستشفى الميداني الأردني يجب ان تصل غزة .. الحرب التي كانت تشتعل بغزة كان يوازيها حرب دبلوماسية لم تشهد العلاقات الأردنية الإسرائيلية لها مثيلا الا في حرب غزة .

الجميع كان يشعر ان عليه واجبا ومسؤولية تجاه أهل غزة بمساعدتهم في تلك الظروف الصعبة جدا كما أن دولا عربية رمت بالمسؤولية على كاهل الأردن لايصال مساعدات إنسانية إلى غزة وكانت المساعدات العربية واضحة والأردنية واضحة أيضا .

بهمة الأردنيين وكل العرب الشرفاء ستداوى جروح أهل غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي وإقبال أهل غزة قبل وأثناء الحرب على المستشفى الميداني الأردني يعكس ثقة أهل غزة ومحبتهم لإخوانهم الأردنيين .

التعليقات