جبال الدولوميت .. سحر الطبيعة في شمال ايطاليا

جبال الدولوميت .. سحر الطبيعة في شمال ايطاليا
كورتينا – شمال ايطاليا – من جمال المجايدة

امضيت برفقة الوفد الاعلامي الاماراتي بضع ايام في الشمال الايطالي وتجولنا في جبال الدولوميت وقممها الشاهقة المدهشة في جبال الالب , تلك الجبال حقيقة هي سحر الطبيعة في شمال ايطاليا ويكفيك ان تمضي بضع ساعات هناك لكي تلقي عن كاهلك اعباء الحياة وسط الطبيعة الحية والهدوء المثالي .

واعتقد ان روعة الطبيعة وسحرها المدهش تكفي لجعل الكثيرين من عشاق ايطاليا تغيير وجهاتهم السياحية من السفر المعتاد الي روما وميلانو وفيرنزي وغيرها بقضاء العطلات المريحة في كورتينا، واجد نفسي متأكد تماما انهم لن ينسوا كورتينا إذا قاموا بزيارتها صيفا او شتاء، فهي ممتعة لقضاء امسيات الصيف الطويلة ومغامرات التزلج شتاء علي سفوح جبال الدولوميت .
وباعتباري واحدا من عشاق السفر والسياحة والترحال فاني ادعو القارئ العزيز للمشاركة معي في هذه الرحلة الجميلة الي كورتينا المدينة التي تحب كل زوارها وتتيح لهم اجواء من الهدوء والامان والراحة والاسترخاء في احضان الطبيعة الساحرة .

ولايجد السائح صعوبة في اختيار الفندق الذي يريد فهناك في قلب المدينة وعلي سفوح الجبال تجد الغرفة بسعر الف يورو لليلة الواحدة وتجد سعر الغرفة في استراحات قمم الجبال بستين يورو فقط !

فنادق النجوم الخمس متاحة وفنادق النجمة الواحدة متاحة ايضا , وهي كلها نظيفة وجميلة وانيقة وبامكان السائح الاقامة حسب امكانياته المادية , ولذلك فان اصحاب الفنادق ومسؤولي هيئة السياحة في كورتينا يتطلعون الي الفئة المتوسطة في دول الخليج والدول العربية لقضاء العطلات في كورتينا لان الاسعار تناسب الجميع ! وهي بادرة لازالة الغموض حول غلاء الاسعار في كورتينا ,
اجمل ما يصادف الزائر الي هذه المدينة الهادئة هو الجو السياحي الذي تشاهده امامك من اللحظة الاولى، تعطيك خيالا واسعا في انك ستقضي اياما ممتعة في ربوع هذه المدينة الصغيرة، والجميع يتمشى في ممرات السوق الصغير، الى جانب الابتسامات التي لا تفارق محيا الجميع، والجمال الحسن الذي لا ينقطع في كل ناحية من نواحيها،

مدينة سياحية ! 

زوار كورتينا من العرب قلة مقارنة بالاوروبيين واليابانيين والامريكان , نظرا لظن العرب انها مدينة صغيرة تصلح في الشتاء لألعاب التزلج على الجليد، لكن الواقع يقول ان جولة واحدة في أروقة وشوارع المدينة الأنيقة الجميلة.. تكفي للتعرف عليها وعلي اهميتها لقضاء العطلات علي مدار العام .

تجولنا في معظم شوارع كورتينا، ولاحظنا ان المحلات في السوق الصغيرة من أفخم المحلات العالمية، والبضائع التي تحتويها جميعها من الماركات العالمية المعروفة ولاحظنا ان المحال التجارية الانيقة لا تبيع سوى الماركات المعروفة من كل أنحاء العالم، والباعة فيها يرتدون أفخم الماركات وأرقى الساعات السويسرية  ويضعون على طاولة المحل أغلى النظارات الشمسية الايطالية والفرنسية, وحين سألت بعض سكان كورتينا في كيفية التعايش مع  اسعار تلك البضائع الباهضة قالوا انهم يتسوقون من جنوب ايطاليا الارخص بنصف السعر او اقل مشيرين الي محال كورتينا للاثرياء من الزوار فقط !

يبلغ عدد سكان كورتينا خمسة الاف شخص فقط، الا انها تستقبل خمسين الف سائح في فصل الصيف واربعين الفا في الشتاء , وتضم اكثر من 30 الف منزلا , أما باقي المدينة فهو عبارة عن فنادق متنوعة،

في كل مرة نصل فيها الي وسط المدينة نجد ان كورتينا تنبض بالحياة وخاصة حينما يخرج الشبان والفتيات كي يلتقون حول الكنيسة القديمة التي تنتصف السوق يجلسون على الرصيف الملون الجميل وسط ابتسامات غامرة .
 
الي قمة فالوريا وتوفاني !

في صباح اليوم الثالث للرحلة انتقلنا للاقامة في فندق روزا بيترا Rosapetra المحاط بالخضرة والجمال واشجار الصنوبر في وادي رائع وسط جبال الالب , وهناك كان لنا لقاء مع المدير العام للفندق الذي رحب بنا ودعانا في الليلة ذاتها لتناول العشاء علي طاولته الخاصة وكان عشاء فاخرا بكل المقاييس في ذلك المطعم الراقي الذي يفيض دفئا وحيوية لروعة تصميمه الداخلي .

الفندق عبارة عن قصر مشيد وسط الجبال من مواد طبيعية فقط من الاخشاب والصخور ويعطي راحة نفسية لزائرية كما انه يقدم خدمات لامثيل لها لزواره ويضم نادي صحي طبيعي ويتراوح سعرا الغرفة مابين 250 و300 يورو لليلة الواحدة .

من هناك توجهنا بالسيارة الي قمة فالوريا وتوفاني التي ترتفع الي 3300 مترا فوق سطح البحر , قمنا بتغيير التلفريك ثلاث مرات كي نصل الي اعلي قمة جبلية في ايطاليا والثانية في اوروبا بعد مونت بلان السويسرية !

تجولنا في الاعلي كانت السحب ادني منا فوق القمم الادني ولاول مرة اتجول فوق السحب البيضاء الكثيفة , ياله من منظر مدهش , المدينة تبدو متناهية الصغر ولانكاد نري شيئا , شعور رائع وانت تحلق علي قمة الجبل الشاهقة فوق السحب , تنفس الهواء الطلق واسترق السمع لصوت الطبيعة واطلق العنان لنفسك كي تستريح بعيدا عن الصخب !

تجربة رائعة لايمكن وصفها بمجرد كلمات فهناك الطبيعة الساحرة تتجلي في ابهي صورها وهي تعطي للزائر دائما الحق في ان يعشق الطبيعة دون سواها ليدرك ان الارض ايضا عليها مايشبه الجنة ! وتأخذ المراحل التالية من محبي المشي حول قمة جبل توفاني الذي تكسوه الكتل الجليدية وقتا ممتعا ، ولا توجد هنا فروق كبيرة في الارتفاعات غير أن رحلة المشي عبر الأسوار الحجرية خلال المراعي وغابات أشجار الصنوبر الجبلية قصيرة الطول اذ يخشي الزائر من مواصلة المشي تجنبا لحدوث انهيار ما ,

ويبقى أمام محبي المشي وقتا كافيا للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الساحرة بمنطقة الألب، حيث يتم ايضا استنشاق كميات هائلة من الهواء النقي .

بعد تلك الجولة التي التقطنا خلالها عشرات الصور هبطنا علي قمة فالوريا بواسطة التلفريك لتناول الغذاء في مطعم كول دروسي Col Druscie الذي يعج بالزوار والسائحين من كل مكان , وهناك شهدنا بزوغ قوس قزح بالوانه الطبيعية الساحرة وكان مشهدا رائعا حقا اعقبه هطول امطار غزيرة اصابتنا بالذهول !

عدنا الي المدينة مرة اخري وهناك قمنا بجولة استكشافية اخري الي بعض المحال التجارية ومحال التحف وبيع التذكارات والمتاحف ودور الفنون التشكيلية .

الي البحيرات !

في صباح اليوم الرابع توجهنا برفقة مديرة هيئة السياحة السيدة ماريانا والسائق باولو الي اجمل بحيرة في منطقة جبال الالب وتعرف باسم بحيرة بيانوزيس Pianozes .

الوصول الي البحيرة في اعماق الجبال ليس سهلا بل مغامرة محفوفة بالمخاطر , ركبنا سيارة جيب لاندروفر خضراء اللون كانت تنتظرنا في الجبل , واستغرقت الرحلة بين الاودية والهضاب والادغال الوعرة قرابة ال 40 دقيقة لنصل اخيرا الي البحيرة , كان المشهد رائعا ومؤثرا , اذ كانت زرقة السماء تنعكس علي سطح البحيرة وكذا الاشجار الخضراء لتشكل لوحة جميلة كنا نشاهدها فقط في لوحات الفنان الكبار , رحنا نلتقط الصور قبل القيام برحلة حول البحيرة كلها في حنايا الجبال , هناك الطبيعة تتجلي في ابهي صورها والهدوء والسكينة وسط زقزقرات العصافير , رأيت هناك اجمل مشهد بانورامي للطبيعة في حياتي كلها وكدت اطير من الفرح وانا اسير علي ضفاف البحيرة اذ اكتشفت هناك ان للحياة طعم اخر , هو امتزاح الطبيعة بالحياة والحياة مع الفرح حيث لامجال للقلق والتوتر اطلاقا ولامجال للحزن او الشعور بالتعب ! استراحة قصيرة في مقهي بسيط علي ضفاف البحيرة تناولنا خلالها بعض المشروبات المحلية ثم

بدأنا رحلة العودة باستخدام اللاندروفر مرة اخري , وكانت العودة شاقة ايضا لوعورة الطريق الجبلي المتعرج , الي ان وصلنا الي مطعم رائع جدا يتوسط بحيرة غيدينا Ghedina  .

ماان وصلنا الي المطعم الذي يطل علي البحيرة ذات المياة الصافية الزرقاء حتي جاءت صاحبة المطعم لكي تشرح لنا الاطباق المتاحة وكان غالبية الزملاء قد اجمعوا علي تناول الاسماك والمقبلات البحرية مع الباستا الايطالية .

جلسة الغذاء استغرقت اكثر من ثلاث ساعات نظرا لروعة المكان والطبيعة المحيطة به في جبال الالب حيث كانت محبي المشي وتسلق الجبال وهواة الدراجات يمرون من امامنا في طريقهم الي اعلي الجبل ونحن نتابع المشهد البانورامي بكل دقة واهتمام ومن حولنا اسماك التراوت التي كانت تملأ البحيرة الصافية .

بعد العودة الي كورتينا زرنا متحف الفن الحديث برفقة مديرة المتحف اليساندرا بيغونتينا حيث تعرفنا علي اهم الاعمال الفنية لفناني ايطاليا وكورتينا .

العشاء الوداعي كان في مطعمL,Altro Vissani  بحضور مسؤولي هيئة السياحة في كورتينا تم خلاله تبادل الاحاديث والانطباعات حول الرحلة في المدينة الساحرة

وماتركته تلك الرحلة من اثر عميق لدي اعضاء الوفد الاعلامي الزائر ومااكتسبه من خبرة عن مدينة رائعة وناس طيبين في شمال ايطاليا .

وفي صباح اليوم الخامس والاخير تناولنا طعام الافطار وغادرنا فندق روزا بيترا متوجهين الي فينيسيا , وتلك رحلة اخري من الرحلات التي لاتنسي !

 












التعليقات