السؤال: ما السبيل إلى العفة، والتخلص من وساوس الشيطان؟

رام الله - دنيا الوطن
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

يرنو الشاب المسلم، ويتوق إلى صون نفسه، وتحصينها بالزواج، فهو السبيل المشروع لتحقيق استقراره النفسي، والاجتماعي، وقد دعا الإسلام إلى التحلي بخُلق العفة، فقال الله عز وجل: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 33]، ومعنى قوله تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ﴾؛ أي: ليطلب العفة كل من كان غير قادر على الزواج؛ إما لقصور نفقة، أو لأي سبب آخر، وليكن لنا في نبي الله يوسف، عليه السلام، أسوة حسنة، فحين راودته امرأة العزيز، وهو في ريعان شبابه؛ لم يستجب لدواعي الهوى، ومكائد الشيطان، ولم يرض لنفسه الخيانة، واستعصم بالله، والتجأ إليه، قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [يوسف: 23].

وإنّ مما ينبغي للشباب أن يصرفوا عقولهم عنه مصارعة شهوة الفرج، هذه الشهوة الجامحة التي تحتاج إلى مجاهدة، وعفة، وقد حضّ، صلى الله عليه وسلم، الشباب على الزواج، فقال: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ؛ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» [صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب قول النبي، صلى الله عليه وسلم: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج...»].

فالزواج هو العلاج الناجع لمن أراد العفة، فإن كان المرء غير قادر عليه، فعليه بالصوم، مع حفظ سمعه وبصره، والاستعانة بالله، والاعتصام به، والتوكل عليه، فإنّه لا قوّة لنا إلا به، والإكثار من ذكر الله.

وصاحب العفة بشّره النبي، صلّى الله عليه وسلم، فقال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» [صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة ، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد].

راجين الله تعالى الهداية إلى سبيل العفة والرشاد، وأن يجنّبنا الله المعاصي ما ظهر منها وما بطن.

 

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

الشيخ محمد أحمد حسين

المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية

   


                                 

 

 

التعليقات