الملائكة ترعى طفل ليلة كاملة تحت أنقاض منزله بغزة .. وصياح الديك أعاده للحياة

الملائكة ترعى طفل ليلة كاملة تحت أنقاض منزله بغزة .. وصياح الديك أعاده للحياة
غزة - خاص دنيا الوطن - أسامة الكحلوت
 ارتقى تسعة شهداء وجنين في شهره التاسع في بطن أمه ، فيما أصيب 17 من عائلة أبو زيد التي تسكن بالقرب من مستشفى أبو يوسف النجار شرقي مدينة رفح ، فيما جلس الطفل نضال ابوزيد " 3 أعوام " تحت أنقاض منزله ليلة كاملة برعاية الملائكة التي عملت على حمايته وعدم بكائه وخوفه طيلة فترة مكوثه داخل خزانة أسرته التي سقط عليها ركام منزلهم المكون من طابقين .

ففي صباح اليوم الثاني لعيد الفطر الذي تصادف استمرار الحرب في هذه الشعائر الدينية المميزة من كل عام  وبتاريخ 29/7/2014 ، قصفت طائرة الاستطلاع  ارض خالية بجانب منزل عائلة أبو زيد تبعه صاروخ من طائرة أف 16 دمر المنزل المكون من ثلاثة طوابق ، واستشهد فيه على الفور عدد قليل من سكان المنزل .

وطارت في هذا الصاروخ طفلة رضيعة حملتها والدتها لإرضاعها قبل النوم ، ولم تعد تشاهدها والدتها لشدة الدخان والدمار الناتج عن الصاروخ ، فيما أصيب الأم بحروق وإصابات متوسطة ، وحمل عبد الهادي أبو زيد " 33 عاما " ، طفله نضال لينقله لمكان امن بعيدا عن مكان الدمار داخل المنزل ، ووضعه بجانب خزانة في زاوية غرفة جدته ، ليصل الصاروخ الثاني من نفس الطائرة ليدمر ما تبقى من المنزل ويقلبه تحت الأرض .

صاروخين من نفس  الطائرة وضع المنزل المكون من طابقين ويعيش فيه الوالدين وأبنائهم برفقة زوجاتهم والأطفال تحت الأرض ، فيما نجا 17 شخص أصيبوا بإصابات متوسطة بعد تطاير البعض منهم خارج المنزل لشدة الانفجار بعد استشهاد 9 افرد من الأسرة .

وبعد نقل الإصابات والجرحى والشهداء للمستشفيات الثلاثة المتواجدة في مدينة رفح وخانيونس ، تم إحصاء الأعداد المتواجدة داخل المستشفى من الأسرة لمعرفة المصابين والشهداء منهم ، ورغم تأكد الدفاع المدني من خلو المنزل من اى شخص يتواجد تحت الأنقاض ، لاحظ أقارب العائلة أن الطفل نضال لم يتواجد في اى مستشفى في المنطقة الجنوبية ، وسرت اعتقادات لدى والده الذي أصيب بكسور في كتفه ، بأنه استشهد وطار من شدة الانفجار خارج المنزل  ، وأشار لهم بالبحث عليه في اليوم الثاني بين الشوارع والزقاق القريبة من المنزل المدمر .

فبعد قصف المنزل ب 12 ساعة تقريبا وفى ظهر اليوم الثاني للحادثة ، تطوع شبان من عائلة أبو زيد بالتوجه للمنزل رغم الخطر الشديد في المنطقة نتيجة سقوط قذائف دبابات الاحتلال بشكل عشوائي في المنطقة وإخلاء مستشفى أبو يوسف النجار لهذا السبب ، قاموا بالبحث عن الطفل تحت الركام في كل أرجاء المنزل المدمر.

واستغرب الشبان صياح الديك المتكرر على تلة صغيرة في احد زوايا المنزل من لحظة قدومهم للمكان ، فتوجهوا لمكان وقوف الديك ، وسرعان ما دخل الديك إلى ممر هوائي ضيق تحت الركام حيث يتواجد الطفل نضال داخل الخزانة التي مكنته من النجاة بعدما انهال ركام المنزل عليها ، ووضع الديك جناحه على نضال الذي كان يغط في النوم في ساعات الظهر من اليوم الثاني ، وصرخ بعدما شعر بالخوف بعدما نقره الديك من أسفل قدمه ، ليصرخ صرخة قوية أعادته للحياة بعدما سمع أقاربه صراخه وتعرفوا على مكانه وقاموا بنقله إلى مستشفى ناصر بخانيونس .

تكبيرات صاحبت أفراد الأسرة من لحظة نقله من المنزل وصولا إلى المستشفى ، حيث ساد الاعتقاد الأول لدى والده الذي يقيم في المستشفى بان ابنه شهيد ، ولكن سرعان ما عادت الفرحة لقلبه بعدما شاهد طفله بعد ليلة كاملة من الغياب بدون اى جروح أو إصابات .

وبعدما سأل الأب طفله عما دار معه داخل الخزانة في المنزل ، أجابه طفله نضال قائلا " شدة الانفجار ادخلتنى خزانة جدتي ، ومن لحظة سقوط الركام على الخزانة وجدت بعض الفستق الخاص بجدتي ضمن تجهيزات العيد ، وأكلت منه طول الليل ، وبعدها حملني رجل يلبس ثوبا ابيض ( مشيرا إلى لون بلوزة كان يلبسها احد أقاربه المتواجدين بجانب والده ) ، وشربني مية ، وبعدها قعدني منيح في الخزانة وقلى نام هين " .

وعلت التكبيرات من جديد داخل أروقة المستشفى بعد تدخل الملائكة لإنقاذ حياة نضال 12 ساعة طوال ليلة كاملة قضاها تحت ركام منزله المدمر ، ولم يبكى الطفل طوال لحظة وجوده داخل الخزانة بعدما اشغل وقته بأكل الفستق الصناعي وتناول المياه ثم النوم ، وبقاء الديك الذي يسكن معهم في المنزل بالصياح أعلى التلة المتواجد نضال أسفلها لإنقاذ حياته وإبلاغه بطواقم النجاة  الذين يبحثون عنه بين الركام .

وما زالت زوجة عبد الهادي مصابة بسقوط في الكف وبتر في الأصابع وقصور في السمع ، وتم تركيب بلاتين في القدم بعد إصابتها المباشرة ، وبعدما نقل طفلها إلى المستشفى استشهد بعد عدة أيام لإصابته بشظايا في المعدة ، فيما قطعت أوتار طفلتها الكبرى ، حيث عادت من عملية أجريت لها في الضفة الغربية قبل أيام ، بعد إصابتها بتفتت في الكاحل ومركز نمو الرجل ، وفقدان جزء من العظم وقد تحتاج لجهاز مساعد مستقبليا .

وارتقى من بين الشهداء داخل المنزل شقيقه احمد ، ولم يكمل شهر العسل مع زوجته التي تزوجها قبل أيام قليلة من بداية شهر رمضان وبداية الحرب على قطاع غزة .

وناشد أبو زيد الرئيس محمود عباس لمساعدته على علاج زوجته وطفلته قبل فوات الأوان ، حيث تعانى زوجته من انعدام كامل في حركة كف اليد وسقوطها دون التحكم بها ، وطفلته التي فقدت أجزاء من عظم الرجل .




التعليقات