هشام عودة يناجي غزة ويتأمل ملامحه في مرايا الوجع العراقي

رام الله - دنيا الوطن
وسط حفاوة كبيرة، وقع الزميل الشاعر هشام عودة، مساء يوم الأربعاء الماضي، في فرع رابطة الكتاب الأردنيين في إربد، ديوانه الشعري الجديد «أسئلة الوقت»، خلال حفل أداره وشارك فيه الشاعر أحمد الخطيب، والناقد د. راشد عيسى.

في مستهل الحفل قرأ الزميل عودة قصيدة «واحدة من بنات دمي»، وهي قصيدة من خارج الديوان، تتحدث عن جراحات غزة ومقاومتها وصمود أهلها الأسطوري، فيما قرأ لاحقا، مجموعة من قصائد الديوان، وهي: مقام الفلوجة، مقام الرصافة، مقام المها، ومقاطع من قصيدة «فواصل»، التي جاءت معبأة بالحنين إلى بغداد وفضاءاتها، وقد حملت في بعض جوانبها شيئا من سيرة الشاعر وعلاقته الحميمة بالمدينة.

في قصيدة «مقام المها» يقول عودة: «بين شمسكِ والنهر/ تاهت خطاي/ وظلت بيوت الرصافة/ تكتب للناس عن رحلتي/ منذ أول حرف/ تنزّه عن سلطة البغي/ حتى الشناشيل/ في لحظة لا تنام/ بين شمسك والنهر/ أغنية يملأ الحزن أطرافها/ يا مقام صبا/ يا مقام بيات/ يا حبيبي الذي جاور النهر/ عشرين عاما وأكثر/ إنني ذاهب للحياة».

وبدوره قدم د. عيسى ورقة نقدية حملت عنوان «فروسية في أسئلة الوقت»، قال فيها: «يكتسب ديوان «أسئلة الوقت» شرعيته الشعرية الناجحة من عنصرين أساسيين في المعمار الشعري وهما: بطولة الشعور وبلاغة التصوير الفني الاستعاري، فأما بطولة الشعور فإننا نشم في كل قصيدة أنفاس الشاعر المحترقة حبا وانتماء وولاء واندغاما مشاعريا بالجراح العربية، ولا سيما جرح العراق وجرح فلسطين، كقوله: «على شمس تموز/ إذ تستبين الطريق إلى ملكوت السماء/ على الأنبياء/ على النهر يغسل أحلام عشاقه الحالمين/ من العامرية حتى جنين».

وفي إطار اشتباكه الشعري مع المكان يمنح هشام عودة نهر دجلة، مثلا، صفة خلاقة تتفوق على صفة النهر الطبيعية الأولى، حيث هو مصدر الماء، إلى صفة المشاركة الوطنية المصيرية، بمعنى أنه جعل الطبيعة تقاتل إلى جانب الشعب عبر علاقة النهر ببغداد، أي بالشعب في المدينة، فحينا «بغداد واقفة في انتظار فتاها.. تعيد لدجلة وهج الحياة.. وتمنح أسرارها للخيول»، وفي الأحيان الأخرى، وهي الأوفر، يبادر النهر إلى النضال، وهنا يتدانى من العنصر الثاني في البيئة الشعرية، وهو التصوير الفني، يقول الشاعر: «ودجلة لمّا يزل واقفا/ يغسل الغيم/ عن وجه بغداده الساحرة»، فالصورة هنا غرائبية مدهشة.

وذهب د. عيسى إلى أن قصيدة (مالم تقله شهرزاد) هي أجمل قصائد الديوان، وأعلاها شاعرية، إذ استطاع الانفعال الوجداني الشاهق للشاعر أن يجعل الخيال شجاعا، وأن يُكسب الذات فضاء وجدانيا عاما، لنتأمل هذا المقطع وشاعريته الخصبة الصافية: «هنا غابت الشمس قبل الأوان/ فنامت على كتفيّ المراعي/ صرخت ُفلم تستجب شهرزاد الجميلة/ يمّمت وجهي شطر النخيل/ واشعلت نارا/ رأيت المريدين حولي/ يعيدون رصف الحديقة بالجلنار».

وختم د. عيسى ورقته بالقول: «أرى الشاعر هشام عودة في هذا الديوان عازما أن يعود إلى الشاعر الاول فيه، ويجدد المناسك الشعرية وطقوس القصيدة، فالشاعر هو آخر ما يتبقى في الإنسان وأول ما يبدأ به الحياة، وهو الأخلد أمام تحولات العمر ومنعطفات المراحل، فالكون في الأصل قصيدة حزينة جليلة يعيد الشعراء إنتاجها، كلّ حسب مراقه الفني، وحسب إخلاصه الجمالي لفنيات الشعر.

التعليقات