رحيل العلامة هاني فحص

رام الله - دنيا الوطن- هيثم زعيتر
يرحل العلامة السيد هاني فحص، في لحظة صعبة ودقيقة، أحوج ما نكون لأمثاله، من أصحاب الأفكار النيّرة علمياً ودينياً، وثقافة وحواراً، والاستماع إلى وجهة نظر الطرف الآخر، التي نفتقد إليها كثيراً في أيامنا الحالكة، حيث الانقسام يتعزّز بين أبناء البلد الواحد، والتشرذم يضرب العالم العربي والإسلامي، مع بروز حالات شاذّة، لا تمتُّ إلى الإسلام والعروبة بصلة.

يغيب العلامة السيد، المنتسب إلى جدّه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، الذي ناضل في كافة المحافل والمراكز التي شغلها أو تبوّأها، معطياً مثالاً لرجل الدين، في معالجة قضايا أهله وناسه وأُمّته.

السيد الذي ناضل من أجل القضية الفلسطينية، انخرط في صفوف حركة "فتح" منذ بداية انطلاقتها، وكان صديقاً للرئيس الشهيد ياسر عرفات، الذي يشغل الآن عضو مجلس أمناء المؤسّسة التي تحمل اسمه بعد استشهاده، واستمرّت علاقة الصداقة مع الرئيس محمود عباس، والقيادات الفلسطينية، فهو "الفدائي" الذي كان علامة مميّزة في صفوف الثورة الفلسطينية، كإبن الجنوب، مدافعاً عن قضية العرب والمسلمين الأولى.

السيد المثقّف، رأى أنّ المجتمع الأهلي شريك أساسي في الكيان اللبناني والعربي، لذلك نشط في هذا المجال، من دون أنْ يبعده ذلك عن السياسة، التي قاربها في الانتخابات النيابية في العام 1974، قبل عزوفه، فيما ترشّح بعد عودة الحياة النيابية في العام 1992 عن أحد المقاعد الشيعية الثلاثة في منطقة النبطية، ولم يحالفه الحظ.

العلامة السيد هاني فحص، مؤسّسة في شخص، هو رجل الدين، والمثقّف، والمحاور، والكاتب والمؤلّف والصحافي، وما إلى هنالك، كل ذلك بهدف إبراز الصورة الحقيقية للإسلام السمح، الذي يحثُّ على التمسّك بالتعاليم السماوية، وترسيخ العيش مع شريكه المسيحي، وهو ما عمل عليه في كافة المحافل، وخاصة في مجال الحوار الإسلامي – المسيحي، ليس على صعيد لبنان، بل في العالم العربي.

يرحل السيد هاني عن 68 عاماً، تاركاً إرثاً ثقافياً، وسمعة طيّبة، وأسرة مناضلة ومثقّفة، فيعود إلى بلدة جبشيت، ليرقد هناك بعد ظهر اليوم (الجمعة)، إلى جوار شيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب، وثلّة من الشهداء والمقاومين، ومن هناك على مقربة من قلعة الشقيف، في قلب منطقة النبطية، التي كانت شاهدة على صولات وجولات السيد هاني، لينام هانئاً، وهو يُطلُّ على فلسطين التي ناضل لأجلها، حتى الرمق الأخير، والتي كان يمني النفس بأن يزورها ويصلي في الأقصى محرراً.

وإنْ كان البعض قد اختلف مع "السيد الهاني"، في وجهات النظر في لبنان، فإنّ فلسطين بقيت هي القاسم المشترك، على أمل أنْ يتم إطلاق اسمه على أحد المعالم الفلسطينية، وأنْ يتحقّق حلمه بتحرير أرض المرسلين..com

التعليقات