"هيئة الأسرى" تنعى المناضلة الفلسطينية زكية شموط

 نعت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، المناضلة الفلسطينية الكبيرة، والأسيرة المحررة من سجون الاحتلال زكية شموط" ام مسعود"، والتي وافتها المنية أول من أمس في العاصمة الجزائرية "الجزائر"، بعد صراع مرير مع المرض، حيث وارى جثمانها الطاهر الثرى في مقبرة زرالدة بالعاصمة الجزائرية.

المناضلة شموط في سطور

الراحلة من أوائل الفدائيات الفلسطينيات، اللواتي نفذن عمليات فدائية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، وبلغ عددهن 7 عمليات في نهاية الستينيات وأوائل السبعينيات، وأصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية حكماً بحقها بـ12 مؤبداً (1188 سنة)، بينما حكم على زوجها بالسجن مدى الحياة.

ومن أبرز العمليات الفدائية التي نفذتها المناضلة «أم مسعود» وضع عبوة داخل بطيخة كبيرة زنتها 20 كلغ، بعدما أفرغت محتواها، وارتدت معطفاً محشواً بالديناميت وحملت ابنها ذا الأشهر التسعة على يدها، والعبوة داخل سلة باليد الأخرى، قبل ترك السلة والمعطف للتمويه وانفجرت في سيرك بلغاري في مدينة حيفا المحتلة، ما أدى إلى مقتل 15 إسرائيلياً وعشرات الجرحى، وأخرى تحت شاحنة محملة بتفاح من الجولان كانت يجرى عليها مزاد لصالح جيش الاحتلال، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى الإسرائيليين، ولكن لم تعتقل إلا بعد سنوات مع زوجها ووالديها وأفراد عائلتها، ويسجنوا جميعاً، حيث كانت زكية حامل، وأنجبت بتاريخ 18 شباط 1972، أول طفلة تولد داخل سجن «نيفي ترتسيا» الإسرائيلي في منطقة الرملة، وهي نادية (زوجة الأسير المحرر خالد أبو أصبع، التي زوجها إليه الشهيد خليل الوزير «أبو جهاد» قبل أيام من استشهاده في العام 1988.

احدى قصصها البطولية في السجن:

لم تكن زكية شموط وزوجها قد حكم عليهما بعد، ومُورست عليهما أعنف أساليب التعذيب. فمن شدة الضرب والصعقات الكهربائية التي تلقّتها زكية في إحدى جولات التعذيب، التي لم يُراعَ وضعها كونها إمرأة حاملاً، فقدت وعيها، عندها أحضروا طبيب السجن الذي كشف عليها قائلاً: «إن الطفل الذي تحمله زكية شموط سينزل من بطنها مشوه أو ميت".

ولكن من ألمت الاحتلال بعملياتها الفدائية، قاومت السجان الذي وضعها في زنزانته الانفرادية، والتي شهدت آلام المخاض، ولكن جواب السجانة كان بالعبرية: «ألشوتيرت» - أي أنه لن نفتح لك الباب، نحن نريد أن تموتي!. واستمرت زكية بالصراخ.. لحظات مرت.. لم يعد يصدر أي صوت من زنزانتها، ليرتفع بعد قليل بكاء طفل، والدم كان يتفجر من تحت باب الزنزانة إلى الخارج بسرعة كالماء، والملاك الصغير الذي كان فتاة جميلة يصرخ ويبكي.

في هذه الأثناء علا صراخ المناضلات الفلسطينيات اللواتي كن معتقلاتٍ أيضاً في سجن «نيفي ترتسيا»، منهن: فاطمة البرناوي، تريز هلسا وحنان مسيح وغيرهن، «افتحوا الباب، نريد أن نرى ما يجري لزكية شموط». ففتحت السجّانات الباب، وإذ بزكية مطروحة أرضاً، مغميٌّ عليها، والطفلة ما زالت متصلة بأمها، والدم يغمر المكان، فقامت السجينات بقص الحبل السري الذي كان يصل بين الأم والطفلة، وحاولن مساعدة الأم لتستعيد وعيها...

والمفاجأة!، عندما حضرت مديرة السجن لرؤية الطفلة التي لم يُتوقع لها أن تعيش، وإذ بها ترى طفلة جميلة تبلغ من الوزن 5 كلغ.

فزكية لم تتحمل فقط ألم التعذيب الجسدي الذي مارسه العدو عليها وهي حامل، بل حرمت أيضاً من الطعام والشراب..

منع الاحتلال زكية أن تسمي طفلتها فلسطين، قائلين لها: تأكدي فلسطين مذبوحة وحيفا ممنوع.. وكان في سجن «نيفي ترتسيا» مناضلة مغربية اسمها ناديا بردلي، نفذت عملية فدائية ضد اليهود في «تل أبيب» فأسمت ابنتها «ناديا» على اسم هذه المناضلة.

إطلاق سراحها:

في العام 1985، كان يجري الحديث عن عملية تبادل أسرى فلسطينيين مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي رفض اطلاق سراح زكية، فأوقف الرئيس ياسر عرفات العملية، حيث قالوا له: «نريدها أن تموت بالسجن». عندها رفض «أبو عمار» إتمام عملية التبادل وفاءً منه لتضحيات المناضلة الفلسطينية زكية، وتواصلت المفاوضات عبر وسيط، إلى أن اضطر الاحتلال الإفراج عن زكية.

وبعد إطلاق سراح زكية وزوجها محمود خلال إحدى عمليات التبادل، انتقلا إلى تونس للعيش هناك، إلى حين استهداف منزل «أبو عمار» في «حمام الشط»، لينتقلا مع أفراد العائلة إلى الجزائر، حيث لحقت بها البنات الثلاث دولت وهالة وناديا، فيما حرصت أن يبقى الصبيان مسعود وعامر في فلسطين المحتلة.

رحم الله المناضلة الكبيرة، والتي ستبقى رمزاً في النضال الذي سار على خطاه الكثيرون، كيف لا وهي التي كانت تردّدها دائماً: «يـا فلسطين أنا ما أرضى بدالك (لو أعطوني) فرنسا وأميركا بدالك".

وفي نفس السياق نعت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، السيدة وسيلة الجربوني شقيقة عميدة الأسيرات الفلسطينيات لينا الجربوني، والتي وافتها المنية أول من أمس عقب صراع مع المرض.

يذكر أن عميدة الأسيرات لينا الجربوني، تقبع حاليا في سجن هشارون وتقضي حكما بالسجن ل 17 عاما منذ العام 2002.

التعليقات