سر انضمام حشود من الشباب العربي لداعش

سر انضمام حشود من الشباب العربي لداعش
بقلم : عبدالله عيسى

هنالك سؤال مهم يطرح بين فينة وأخرى عن سر انضمام الشباب العربي والأوروبي لداعش باعداد كبيرة جدا لدرجة أن بعض التقديرات لعدد عناصر داعش بلغ ما يزيد عن 50 ألف عنصر.

واعتقد أن السر في هذا الإقبال الكبير منقطع النظير على الانضمام لداعش من الدول العربية يعود لعدة أسباب .

فالشباب العربي أحبطتهم المواقف الرسمية للدول العربية في كثير من القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وربما حرب غزة وما جرى بها من مجازر اوجد سخطا لدى الشباب العربي الذي يريد من الدول العربية ان تتحرك عسكريا لسحق إسرائيل وهذا شيء لم يحصل .

والسبب الثاني أن الشباب العربي المتدين يرى أن حل مشاكل كل الوطن العربي والأمة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية وفيها الحل لقضية فلسطين والبطالة والفقر والتخلف وهذا الحلم لم يتحقق منذ عشرات السنين بل أن حزبا إسلاميا تقوم كل فلسفته على إقامة الدولة الإسلامية وهو حزب التحرير الإسلامي والذي لم يتمكن منذ عام 1955 ولغاية الآن من تحقيق حلم الشاب المتدين فجاء داعش وسيطر على عدة محافظات عراقية وسورية وأعلن إقامة الدولة الإسلامية بلا تردد .. فكان هذا الإعلان نقطة استقطاب أساسية لداعش .

التمويل الضخم الذي حصل عليه داعش من سيطرته على بنوك عراقية في الموصل وغيرها والذي يقدر بمليار دولار أي ان التنظيم قادر على تلبية احتياجات عناصره المالية وقادر على تمويل حركات السلامية في السودان وليبيا ومصر " سيناء " وهدفهم جميعا هو مصر .

الإعلام العربي الذي لعب دورا في إظهار داعش انه الذي لا يقهر وتصريحات المسؤولين العراقيين المتضاربة حول داعش والتي رسخت نفس المفهوم بان داعش لا يقهر .

التحالف الدولي من أربعين دولة ضد تنظيم والذي لم يشهد التاريخ الحديث تحالف كهذا ضد تنظيم مما قد اسهم إسهاما كبيرا في تعزيز مكانة داعش وهذا سيجعل داعش يستقطب عشرات الألوف من الشباب العربي والأوروبي خلال الشهور القادمة.

وأتوقع نتيجة لذلك زحف داعش للسيطرة على مناطق جديدة في العراق وسوريا وعمليات ضد مصر أكثر عنفا في سيناء وغيرها .

عامل اخر لا يقل أهمية ونسوق المثال أولا .. في عام 1994 أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن فتح المجال للعفو عن أعضاء الجماعة الإسلامية لمن يسلم نفسه للشرطة المصرية ويحصل على مكافأة مالية ايضا.. فسلم عدد من أعضاء الجماعات الإسلامية أنفسهم وكان أهمهم القيادي عادل عبدالباقي الذي تطوع للظهور على شاشة التلفزيون المصري وكشف عن حقائق كثيرة .

وكان مما قاله عن الشيخ عمر عبدالرحمن أمير الجماعة الإسلامية  وكيف استقطب عناصر كثيرة في الصعيد المصري فكان الشيخ عمر عبدالرحمن "وهو رجل كفيف " في مدينة اسيوط في الثمانينات يقول لأتباعه ان يأخذوه إلى مسجد في أطراف المدينة ويرفض ان يصلي صلاة الجمعة في مسجد قريب من منزله .. ويخرج الشيخ عمر عبدالرحمن وخلف جماعته من عشرات الرجال يلبسون زيا موحدا وهو الجلابية البيضاء وتسير خلفهم سيارات الشرطة خشية قيامهم بأعمال شغب ..

ويقول عادل عبدالباقي :" وكان يجلس على المقاهي شبان يتعاطون الحشيش والمخدرات وأعمال النصب والاحتيال والسرقة فيرون هذا الموكب المهيب الذي تسير الشرطة خلفهم .. هؤلاء الشبان كان يهربون من المقهى لو شاهدوا  شرطيا فكيف تحرس الشرطة هؤلاء الناس ..فبدا هؤلاء الشبان ينضمون للجماعة الإسلامية وغير الشيخ عمر عبدالرحمن تفكيرهم فاقلعوا عن الموبقات وأصبحوا من أكثر رجال التنظيم صلابة وشجاعة ".انتهى الاقتباس.

هؤلاء كانوا نموذجا للتائبين من أعمال الموبقات وعادة من يتوب منهم يتوب توبة نصوحا لأنه جرب كل الموبقات ولم يعد في خاطره ارتكاب مثل تلك الأفعال .

وارتكبوا اعنف العمليات ضد الشرطة المصرية وكان الامن المصري يصدر بيانات ويكشف للرأي العام عن بعض التفاصيل ان عضو الجماعة الفلاني كان حشاشا ويتعاطى المخدرات والفلاني كان طبالا عند راقصة والآخر كان سكيرا والآخر كان قوادا والخ .. وكان الامن المصري صادقا في بياناته رغم ان البعض كان يرى أن الأمن يريد تشويه سمعتهم والحقيقة هي التي ذكرها عادل عبدالباقي .. لقد كانوا كما ذكر الأمن المصري ولكنهم تابوا على يد عمر عبدالرحمن واعدهم لقتال الشرطة المصرية وكان لديهم استعدادا نفسيا كبيرا لذلك فقد اعتقلوا سابقا على يد الشرطة المصرية بتهمة المخدرات أو غيرها واعتبروا أن ساعة الانتقام من الشرطة قد حانت .

هذا الحشد الدولي غير المبرر سيؤدي حتما إلى استقطاب داعش لمزيد من عشرات الالاف من الشباب العربي ولا سيما أن الخطة الأمريكية التي أعلنها رئيس الاركان ديمسي في الكونغرس :" لن نوجه ضربات صاعقة قاتلة لداعش وستكون الضربات تدريجية !".

بمعنى اخر أن الشرطة المصرية التي كانت تسير خلف الشيخ عمر عبدالرحمن وهو في طريقه الى المسجد يوم الجمعة الآن يسير خلف الخليفة البغدادي أربعين دولة في العالم منها اهم دول العالم قوة عسكرية ومالية وحشدا .

التعليقات