المغرب: الاحتفال السنوي بالولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش

المغرب: الاحتفال السنوي بالولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش
رام الله - دنيا الوطن
أحيت الطريقة الصوفية العلوية المغربية يوم السبت في 17 ذو القعدة 1435 هـ الموافق 13 شثنبر 2014م بعد صلاة العصر ، احتفالها السنوي بموسم الولي مولاي عبد السلام بن مشيش بجبل العَلَم، إقليم العرائش، بحضور عدد كبير من منتسيبها و مريديها و كذلك عدد كبير من شيوخ و مريدي الطرق و الزوايا الصوفية الأخرى بالمملكة و محبي آل بيت رسول الله.

و نظم حفل هذه السنة تحت شعار "سعادة النفس في تزكيتها ".
و بخصوص اختيار هذا الشعار، أوضح الناطق الرسمي للطريقة الصوفية العلوية المغربية و مقدم مدينة طنجة، السيد رضوان ياسين ، " إن من الغايات التي جاء بها الدين هي تزكية النفس لما فيها من اثار عظيمة على الفرد والمجتمع. و هي مبنية على نية
التخلي عن كل خلق مذموم و التحلي بكل خلق سني فيعمل على تطهيرها بالأذكار و القربات فيزج بها في الخيرات بالذل و الانكسار و يزجر عنها في المنكرات بالقسوة و المخالفة. قال تعالى " وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ".

و انطلق الحفل بعد صلاة العصر من منزل نقيب الشرفاء العلميين السيد عبد الهادي بركة حيث تجمع الحاضرون و انطلقوا
مشيا على الأقدام إلى رحاب الولي الصالح بذكر و مديح و صلاة على رسول الله يتقدمهم فضيلة الشيخ الشريف سيدي سعيد ياسين و مقاديم الطريقة الصوفية العلوية و الضيوف الكرام. و في رحاب الضريح أقيمت حضرة ربانية و رددت أذكار و صلوات على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و تليت سلكمن القرآن و قراءة اللطيف.
في جو روحاني خشعت فيه القلوب وبعد قراءة دعاء اللطفية، رفعت أكف الضراعة إلى الله عز و جل أن يرزق أمير المؤمنين
صاحب الجلالة الملك محمد السادس العز و النصر و التمكين وأن يبارك خطواته الميمونة و أن يديم عليه موفور الصحة و العافية و السعادة و الهناء وأن يحفظ ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن و يشد أزره بشقيقه الأمير مولاي رشيد و باقي الأسرة الملكية الشريفة.  
ألقى فضيلة الشيخ الشريف سيدي سعيد ياسين كلمة ذكر فيها الحضور الكريم بأن الأصل في التربية الروحية هو مساعدة الفرد العبد المؤمن على تزكية نفسه عن طريق محاسبتها و مراقبتها و معرفة ماهيتها للخروج بها من مقام النفس الخبيثة الأمارة بالسوء مرورا بحال النفس اللوامة وصولا إلى مقام النفس المطمئنة الراضية المرضية من أجل تحصيل مقام الإحسان و لا يتأتى ذلك إلا بتحقيق مقتضيات الشريعة و الحرص على حدودها و العمل بها و المنة من الله و هو المستعان عليها مصداقا لقوله تعالى " وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ " [سورة النور الاية 21].  و أضاف فضيلته أن أقطاب التربية الروحية كمولاي عبد السلام بن مشيش حافظوا على نهج تزكية النفوس الذي أسسه سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و على المشرب الروحي الذي ينهل منه لأنه ينجي من الأوهام و يشفي من الأسقام. و أكد أن الحضور إلى رحاب الولي
الصالح إنما حرص على التشبث بهذا المنهج و تقوية المحبة و العزيمة من أجل التدرج في مراحل تطهير النفس و تنوير العقول و القلوب.
و أوصى فضيلته على زيارة الأولياء لما فيها من خير كثير و بحمد الله على ما خص به بلدنا من شرف وجود آل البيت في بلدنا منذ زمن بعيد إلى يومنا الحاضر مع بيت الشرف العلوي.

و في كلمة باسم نقيب الشرفاء العلميين السيد عبد الهادي بركة رحب الدكتور ادريس قريش بالطريقة الصوفية العلوية المغربية و بمنتسيبها و مريديها و محبيها و ضيوفها الكرام. و ذكر الحاضرين بأهمية هذه الاحتفالات و دورها في الحفاظ على الهوية الدينية و ثوابت الأمة في ظل إمارة المؤمنين الضامنة
لوحدة الأمة و هي هبة الله سبحانه و تعالى على بلدنا العزيز.
و استمر الحفل البهيج بعد صلاة المغرب إلى ساعات متأخرة من الليل بمنزل النقيب، امتزج فيه تلاوة القرآن و المديح و السماع، مما خلق جوا روحانيا مكن الحاضرين من التزود بشذرات ربانية.
و ألقى الأستاذ أحمد العمراني عضو المجلس العلمي بمدينة طنجة كلمة تمحورت حول مفهوم تزكية النفس عند علماء الأمة و عند أهل التصوف.  و ألقى كذلك الدكتور عبد العالي بنيعيش مدير مركز ابن رشد للدراسات والأبحاث بطنجة كلمة ركز فيها على الصحبة، التي تعتبر من أسس التربية الروحية، و دورها في مساعدة الفرد على تزكية نفسه.
و قد تليت برقية الولاء و الإخلاص المرفوعة إلى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
و في الكلمة الختامية لفضيلة الشيخ الشريف سيدي سعيد ياسين
أوضح فضيلته الأثر الذي تركته كلمات السادة الدكاترة و العلماء و الأساتذة على الحاضرين لأنه كلام ينبع من القلب إلى القلب. هذا القلب الذي يسعى الكل لامتلاكه لأنه أساس كل
داء و دواء. و من أجل المحافظة عليه يجب مجاهدة النفس من خلال الحرص على أن يكون عمل الأنسان كيفما كان نوعه خالصا لوجه الله.  و في نفس السياق، ركز فضيلة الشيخ على دور الذكر الكثير في تزكية النفوس و تطهير القلوب و تنوير العقول مستشهدا بآيات بينات من الذكر الحكيم. هذه المجاهدة لا تستقيم إلا بمحبة الله و رسوله و أهله. و في الأخير أكد فضيلته على ضرورة الزيادة في الحمد و الشكر على نعمة الإسلام و الإيمان و الإحسان.
إن الهدف الأسمى للطريقة الصوفية العلوية المغربية من هذا
الاحتفالات و الملتقيات هو غرس المحبة في قلب المريد و إذكاء روح العمل و العبادة لدى الفرد، و مواكبته للتطور و المساهمة في تنمية محيطه مع الحفاظ على هويته و الدفاع عن ثوابت الأمة.  و معلوم أن الطريقة الصوفية العلوية المغربية تأسست منذ أكثر
من مائة عام و شيخها الحالي و ممثلها العام بالمملكة المغربية الشريفة هو الشيخ الشريف سيدي سعيد ياسين و سندها متصل خلفا عن سلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولها عدة زوايا في مختلف جهات المملكة و خارجها يسيرها "مقدمين" حيث تقام لقاءات أسبوعية للذكر و الفكر.



التعليقات