طائرات الموت وسفنه

طائرات الموت وسفنه
احسان الجمل

في مثل هذا اليوم يحيي العالم العادل الذكرى ال32 لمجزرة العصر صبرا وشاتيلا، التي ذبح اهلها على مدار ايام ثلاثة في ظل صمت وظلام مخيفين. الاف الشهداء من الاطفال والنساء والشيوخ. ناموا على جرح واحد شمل الفلسطيني واللبناني، بوحدة الدم المعمد.

 لم نكن نعيش ترف فكري، حين قلنا ان مسرحية البعير العربي هي حلقة من سلسلة التامر على قضية فلسطين وشعبها، وعمقها العربي.، تهدف الى ضمان امن العدو الاسرائيلي، واقامة دولته اليهودية، وشطب حق العودة. من خلال تهجير الفلسطيني، حتى من داخل مناطق ال1948، حتى يصل الى رقم تقبله خطة الاطار التي اقترحها كيري في المفاوضات الفلسطينية الاخيرة مع الاحتلال.

وفي مراجعة سريعة،لاوضاع الفلسطينيين، نذكر انه بعد صبرا وشاتيلا، جاءت عملية طرد الفلسطينيين من الكويت ابان حرب الخليج، ثم من العراق، الذين وصلوا الى البرازيل والتشيلي، ولا ننسى فلسطينيي لبنان قبل وبعد مجزرة صبراو شاتيلا عن الارقام المخيفة التي هاجرت الى اوروبا. واليوم في سوريا ارقام مخيفة عن هجرة فلسطينيي سوريا.

وبعد العدوان الاسرائيلي الاخير على غزة، وما فعلته طائرات الاحتلال والياتة من قتل وتدمير بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة. لم نستطع لملمة الجراح حتى الان، وسط موجات من الارباك والضياع، وعودة الاشتباك السياسي والتراشق الاعلامي بين ثنائية حركتي فتح وحماس، اللتان من المفترض ان تتوحد جهودهما لبلسمة جرح غزة، عبر العمل على رفع الحصار عنه، واعادة اعماره، وعودة الحياة بمقوماتها، لتشكل عناصر ثبات للمواطن الفلسطيني المنهك والمتعب من حرب، انتصر فيها هو على وجعه وجرحه، وصنع اسطورة من خلال قدرته على تحمل ظلم الاحتلال. وهو المنتصر الوحيد والاوحد، وغيره يحاول سرقة هذا الانتصار والتباهي به، دون ان يعير اهتمام حقيقي لصناع الانتصار الحقيقيين.

تتواتر بنا الاخبار اليومية عن سفن الموت، التي تنطلق من اسكندرية مصر، وليبيا تحمل فلسطينيين، يبحثون عن حياة افضل، هاربون من جحيم الموت  والحروب في غزة وسوريا. باحثون عن هواء لا يحمل رائحة الموت، عن مدارس تستقبل اولادهم، يبحثون عن ارض يشعرون بها بانسانيتهم بعد ان فقدوها بيننا، ولكن دون ذلك مخاطر كبيرة، كلعبة الروليت، يبحثون عن الحياة وسط الموت وعبره.

اي فلسطيني انت؟؟؟ كل واحد منكم ومن ذريتكم ايوب، صبرتم على كل الظلم والضيم، لكن الله لم ينعم عليكم قيادة تقدر قيمة صبركم!!. بل امعنت في غرز الخنجر في جسدكم، قيادة تختلف كيف لا تصل اليكم المعونة، فتخطفها من بين يديكم، قيادة كان من المفترض انها توصل الليل بالنهار، ليوازي جهدها صبركم وانتصاركم، ان ترفع قضيتكم الى ابعد الحدود، ان تحضر لكم الاعمار، وتعيد بناء المستشفيات وفتح المدارس.

لكنها تفتح لكم المعابر باتجاه واحد، هو اتجاه الموت، وهذا ما يريده المحتل، لانه يعتبر الفلسطيني الجيد، هو الفلسطيني الميت. فأما ان تموت، او تسير في طريق الغربة والموت. بدل ان يبحثوا لكم عن مقومات الثبات. روايات وحكايات كبيرة وكثيرة ومؤلمة يكشفها لنا اصحاب الحظ، او ربما عاثرو الحظ الذين نجوا من الموت غرقا، ليموتوا حسرة على اعزاء كانوا برفقتهم في رحلة الموت الاخيرة، في سفن الموت التي حلت مكات طائرات والة الموت في العدوان الاخير.

توحد الحزن اليوم عليكم وعلى صبرا وشاتيلا، حتى الحزن حزين، على هذا الصنف من القيادة، الذي لم يعلن حالة الطوارئ، لمتابعة ملف المهاجرين الى حتفهم الاخير، سنلجأ الى قول لا تكرهوا شيئا عسى ان يكون خيرا لكم، ربما هذا الموت قد يريحكم من ان تبقوا تحت ربانية هذه القيادة التي تقود السفينة الى موتنا، بدل شاطئ الامان. عفوا ايها الموت، قد يجوز ان تكن احيانا طوق النجاة، من حياة هي اكثر من موت.

هذا هو الفلسطيني، الذي تعددت الاسباب لديه لكن الموت واحد، والاهم هو ان لا يبقى منتميا الى فلسطين، عليه ان يهاجرها لاي سبب، اكان عدوانا، او اذعانا يولد احباطا، هذه هي الهجرة الطوعية، حتى تغرق الرواية التاريخية الفلسطينية في حقنا التاريخي في فلسطين. لانه غير مقبول ان نكون فيها، او حتى في دول الطوق حولها.

احسان الجمل

مدير المكتب الصحفي الفلسطيني

[email protected]

[email protected]

التعليقات