هل أصبحت الموضة حديث العصر؟ لكل ستايل جديد حكاية

هل أصبحت الموضة حديث العصر؟ لكل ستايل جديد حكاية
رام الله - دنيا الوطن
وفاء ابعيرات
وداعاً لقصات الشعر الموحدة ووداعاً للبنطلونات الكلاسيكية و وداعاً للقميص الأبيض وأهلاً في عالم قصات السبايكي و بناطيل السكني و الملونة.

موضة وتقليد أعمى للغرب أصبح ظاهرة تنخر شارعنا الفلسطيني فهي كالسم الذي يسير في كافة أرجاء الجسم، وكالنار الذي تنتشر في الهشيم، حيث أنها أصبحت مباحة ولا يوجد قوانين تحكمها.

فعندما يبدأ الغرب بالتسلل إلى وطننا بكل الطرق ليجعل من ثقافتنا ثقافةٌ مهمشة ويجعل واقعنا ممتلئاً بأفكارهم الاستعمارية هنا نتوقف لنجد شبابنا تكسوه أفكار الغرب بثوب يبعدنا عن واقعنا وأحلام طفولتنا.

بدنا نساير الموضة
و أثناء حديثنا مع الشاب أنس فإن تبريره لإتباعه الموضة بأنه لا يرى أي مانع في لبس شيء غريب او عمل قصة شعر غريبة، لأنه هذا الواقع و هذه حرية شخصية لكل فرد، ولا علاقة للموضة في هدم العادات و التقاليد كما يدعي البعض على حد تعبيره.

ويضيف على الجميع أن يدرك أن العالم في تطور مستمر، و أن التطور التكنولوجي كالإنترنت أو ما شابه لا يستطيع أحد منع تأثيره ونحن شباب بدنا نساير الموضة فمبجر لبسنا لشيء يلفت الانتباه هذا وحده كافي بأن يشعرني أنا وغيري بالسعادة.

و من جانب آخر الشاب علي يقول: "أنا مع الموضة و مواكب لكل ما هو جديد فيها، وأعرف جيداً أن هذا الشيء خاطئ، ولكن السبب الذي يدفعنا للتشبث بها هو أن معالم حضارتنا العربية أصبحت غير واضحة، و أصبحت وسائلنا الإعلامية بمختلف أشكالها تركز الضوء على الحضارة الغربية، وكأنها هي أساس التطور و التمدن، فالترويج لهذه الحضارة في وسائلنا بكثرة هو ما دفعني كشاب أقبل على الموضة".

فقصات الشعر و البنطلون الساحل و الممزق و الأساور كلها أصبحت روتينا في حياة شبابنا تتمثل بغيمة سوداء أحاطت بهم لتقف كالغشاء أمام أعينهم.

معاذ زيود الأخصائي النفسي الاجتماعي يقول "إن إقبال الشباب والبنات على الموضة يرجع لعدة أسباب من ناحية نفسية اجتماعية منها حب هؤلاء الشباب والبنات إلى لفت الانتباه للطرف الأخر وقلة الثقة بالنفس بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني".

ويتابع حديثه بأن هناك نوعين من التصرفات التي يقوم بها الإنسان من ناحية مصدر الضبط أو الدافع المسبب للسلوك: النوع الأول وهم من يكون مصدر الضبط لهم خارجي وهم الذين يتصرفون تصرفات من أجل لفت نظر الآخرين، وإرضائهم كهدف أساسي أكثر من أن يكون هدف سلوكهم هو الرضا الذاتي، أما النوع الثاني فهم الذين يكون مركز الضبط لديهم داخلي، وهم الذين يسلكون سلوكيات من أجل إرضاء أنفسهم، أي أن الرضا الذاتي بالنسبة لهم يكون أهم من إرضاء الآخرين بالسلوكيات، و يكمل أن داخلي الضبط تكون ثقتهم بأنفسهم وتقديرهم لذاتهم أعلى من خارجي الضبط.

وحسب ما أفاد به أخصائيو علم النفس فإن الشخص الذي يكون تقديره لذاته وثقته بنفسه منخفضة فإنه بالتأكيد سينساق وراء الموضة و التقليد الأعمى، و يكون بعيد كل البعد عن ذاته، و يصبح تابع للمتغيرات الجديدة والتي تجعله غريب عن ثقافته ومجتمعه.

أما من وجهة نظر مدرب التنمية البشرية والتأهيل التربوي مخلص سمارة فإنه يوضح أن إقبال الشباب على الموضة في هذه الأيام لم يأت فجأة، بل إن الموضة بكل أشكالها سبقتها عملية غسيل للأدمغة والقلوب في آن واحد، مضيفاً أن الإقبال على الموضة بات حدثا عاديا للأغلب، فالخطورة هنا لا تكمن في الموضة نفسها بل بطبيعتها فللأسف شبابنا العربي ومنهم الفلسطيني يجري خلف أشكال الموضة التي تحط من قيمته وإنسانيته وعاداته و يتناسى أصوله الاجتماعية و الأخلاقية ويتعامل فيما بعد معها وكأنها كتاب منزل.

و يضيف نحن بحاجة إلى صحوة عارمة تعيد العقول إلى مكانها الصحيح، وترجع الثقافات إلى مهدها والشباب إلى البيئة التي يجب ان يكونوا فيها فإسلامنا وعروبتنا وعاداتنا وتقاليدنا هي من أسمى ما يمكن أن.

و لم يقتصر الأمر على الشباب فحسب بل أيضاً على البنات فقد أصبح الحجاب بأشكال و تصاميم مختلفة فمنه التركي و منه الخليجي فبمجرد خروج ستايل جديد من مختلف أنواع الألبسة تتسابق الفتيات إلى المحلات لتكون هي أول من يرتدي هذا التصميم حتى لو كان سعره مرتفعاً.

سارة تقول أنا لا أحب الموضة فهي غير ساترة في معظم الأحيان و تعد وسيلة لجذب الانتباه لكلا الجنسين إضافة إلى كونها لا منظر لها و لكن الخطورة لا تكمن في الموضة بل بكيفية التعامل معها فأنا كفتاة أقبل على الموضة التي تكون ساترة للجسد أما ما أراه في عيني هذه الأيام هو انحطاط و انسياق وراء الغرب، وهذا يدل على الشعور بالنقص".
فالبعض يعتبر أنه يجب أن يوافق الغرب في كل شيء، حتى لو طلب منه تغير المبدأ والعقيدة.

و البعض الآخر يرى أنه يجب أن نخالف الغرب في كل شيء، حتى لو كان فيه اصطدام مع العقيدة، وفي ذلك وجهان لعملة واحدة تنطلق من الشعور بالنقص تجاه الغرب وقلة الوازع الديني.

فالغريب بالموضوع هو أننا أصبحنا لا نفرق بين شاب و بنت فكلهم يشبهون بعض في مواكبتهم للموضة العمياء.

فلم يعد مفهوم التغيير عند الشباب هو الإبتكار و إنما أصبح تقليداً لكل شيء يبتكر في الدول الغربية.

يا مبادراً بالخطايا ما أجهلك إلى متى تغتر بالذي أمهلك و كأنه قد أهملك، فكم من شاب و كم من فتاة بعمر الزهور ذهبوا، فالدنيا قصيرة و الآجال معدودة و ما تدري نفس ماذا تكسب غداً.


التعليقات