ذكرى اللواء الشهيد جاد عبد الكريم التايه : ثمانية سنوات عجاف... وما زلت أنتظر

ذكرى اللواء الشهيد جاد عبد الكريم التايه : ثمانية سنوات عجاف... وما زلت أنتظر
بقلم : سميره التايه

في الرحيل الكبير أحبك أكثر، في رحيلك عني أفتقدك أكثر فأكثر، لم تغب ذكراك لحظة عن البال ولم تهدأ صهيل خيلك يوما في الروح، ما ضجرت من اسمك تنهدات القلب، وما سكتت للدعاء لك تهجدات الليل...كيف تنساك صحراء قلبي وأنت فيها الواحة والماء، كيف يمكنها أن تنقطع عن ذكراك وأنت لها شغف لا ينضب، كيف يمكن للعين أن ترى وهي تمتلأ دمعا فوق صورتك،

ساروي إلى أولادك الثلاثة مازن ووليد ومروان، قصة تشبه قصتك: قصة الحرة مع الغزاة

فقد هجم الغزاة ذات يوم على قرية وقتلوا من أهلها من قتلوا وانتهكوا شرف كل النساء اللواتي عشن منهن، ولما غادر الغزاة اجتمعن النسوة فيما بينهن وقد أزعجهن خبر حرة لم تفرط بشرفها بل دافعت عن طهرها بحثن حتى وجدنها جاثمة فوق جثة المعتدي... فقتلنها كي لا تنتقص الفضيحة والمهانة منهن.

أتقوى على عصيانك سيوف وأنت الذراع الذي يضرب، بالله عليك يا حبيب، أتنتصر فينا نزعة الدم أم بالعفو نقدر، ألا تعلم أن بعضا منا قد صافح القاتل وتدبر أمر الضحية، لم يعد قدرهم أن يحاسبوا المجرم بل قبض الفدية أسلس وأفضل، هجرتنا من جديد نخوة الرجال فمنهم من قضى نحبه وغيرهم قد بدلوا تبديلا

هل عرفت كم كنت حرا بين عبيد، وكيف كنت منتصرا بين مهزومين، وكم كنت مقاتلا بين هاربين.....لا بأس الآن أن تغير مكانك والزمان فقد ربحت مجدا للخلود ونقاء يمكنك من الصعود، فارتقي إلى العليين وارقد على الأرائك العليا، ودع ظلك يرتاح ودعنا نبكي على حالنا، على ملك مضاع ومملكة لم نذد عنها بالأكباد، نبكي على وطن صغير قد يكون ودماء زكية سالت بلا سبب وشهداء بالقوافل يصعدون إلى بارئهم تاركين وراءهم سماسرة الحرب تلعق من جماجم الأبرياء وتصدر فتاوى الموت بحق الجائعين.

لا تغضب كثيرا، لا تغضب إن كنا قد خسرنا البطل وفقدنا البطولة، لا تغضب إن كان رفاق لك قد استسلموا للنعاس في وهج المعارك أو إن كان سقف رهانك على شخوص قد تهاوى مع بداية العاصفة، هم لا يعلموا أنك تكشف ضعفهم كلما يتقاطعون مع ذكراك أو يحاولون التبرك بالتراب الذي يغطي جسدك لعله يعيد لهم قليلا من العزة.

أما أنا فلي الله من بعدك وقليل من الأوفياء وإرث كبير من الشهداء، لا تخف علي فأنا حرة بنت حرة ولا يضيرني تقلب الأزمان وانهيارات القيم فسأبقى قابضة على جمر الوحدة عازمة على البقاء ومرابطة على خطوط التماس حتى أنتصر لدمك.

لا تقلق على أحبتك فهم يعضون على جراحهم ويلملمون أحزانهم ويواصلون البحث عن سيف العدالة ويسجلون خواطرهم فوق صفائح النخيل مجددين العهد الذي قطعته معهم ومؤكدين الوعد الذي طلبت منهم أن يوفوه، أن لا يحيدوا عن تلك البلاد التي أحببت...فلسطين وأن لا يقطعوا الأمل بالزيتون.

 نم قرير العين يا جاد موعدنا قريب ولقاؤنا أكيد.    
       


التعليقات