الحرب على غزة بعنوان دمروا غزة أبيدوا ما فيها

الحرب على غزة بعنوان دمروا غزة أبيدوا ما فيها
برلين - دنيا الوطن
الحرب على غزة التى بدأت بتاريخ 06.08.2014 تعتبر هي الحرب الثالثة على قطاع غزة خلال ستة سنوات.

فحرب 2008/2009 قد نالت من البشر والحجر وكذلك من الشجر والحيوانات فأنا أتذكر حتى الآن نوع الإصابات التى قد حضرتها وتعاملت معها في المستشفيات  وقد وثقت كمية الدمار بالصور والفيديوهات.

وأما حرب 2012 فكانت بحسب الظروف والمعطيات السياسية للدول المجاورة قصيرة.

ولا أود أن أطيل في الحديث عن حرب 2008/ 2009 وحرب 2012  لأن موضوعي هو الحرب على قطاع غزة 2014.

كيف بدأت الحرب على قطاع غزة 2014 ؟

دولة ما يسمى بإسرائيل لا تحتاج كما تعودت لمبرر للقيام بقتل البشر وتدمير الممتلكات في قطاع غزة فإسرائيل إدعت بأن المقاومة في قطاع غزة قامت بقتل ثلاثة من الإسرائيليين فيما إتضح فيما بعد بأن المقاومة في غزة ليس لها أي

علاقة بذلك وأخذت دولة إسرائيل هذا الحدث كذريع لبدأ الحرب على قطاع غزة.

رحلتي إلى غزة

نظراً لما قامت به دولة إسرائيل من قتل للبشر والحيوان والنبات وتدمير المباني والمصانع لم أعد أتحمل أن أكون متفرجا وقررت الذهاب إلى غزة لتقديم يد العون لأهلي وبلدي ولذلك شددت أزري وقررت السفر إلى غزة عن طريق القاهرة.

الرحلة من القاهرة إلى غزة لم تكن هينة فعلى سبيل المثال على نقطة تفتيش ما يسمى بالوظة بقيت أنا وأربعة أطباء آخرين  ننتظر أكثر من أربع ساعات ونصف تحت ظروف صعبة بحجة أنه يستوجب الحصول من القاهرة بمرورسماح لنا لكى نواصل رحلتنا إلى غزة وأما ما قيل لنا من قبل السلطات المصرية عن أهل غزة فإنه محزن جداً فعلى سبيل المثال أهل غزة بيستاهلوا أكثر من ذلك فعلى إسرائيل أن تبيد غزة وأهلها للتخلص من المقاومة حماس.

فالإنسان يستغرب من هذه الأفكار المسموعة والمشوهة وما آل إليه الإعلام المصري فأصبح العدو حبيب وإبن الدم والعروبة أصبح عدو لإخوتنا المصرين هكذا قلبت المعايير.

أما على معبر رفح البري برغم كل المحاولات والواسطات وتدخل جهات إنسانية ومناشدة الصليب الدولي وممثل سفارات عربية فاستطعنا بعد خمسة أيام وبإجوبة المرور إلى قطاع غزة.

قطاع غزة 

الإنطباع الأول عند دخول رفح إنك لترى صور الدمار والخراب التي حلت بالمباني والشوارع والمصانع والمؤسسات وأما الشوارع فهي شبه فارغة من السكان وبعد جهد وإستعمال الطرق غير المعتادة وصلنا إلى غزة وقضيت الليلة الأولى مثل الأطباء الأخريين بين أهلي.

عندما رأيت الأهل رأيت في وجوههم صور الآلام وصور المعانة إنها كانت فرحة غير كاملة بسب الظروف المأساوية التي يعيشها القطاع منذ إندلاع الحرب.

في اليوم التالي إلتقيت مع باقي الأطباء في مستشفى الشفاء وقد تم توزيعنا على الأقسام المختلفة في هذه المستشفى.

وهنا بدأت القصص والروايات إنها قصص حقيقية لا خيالية قصص تدمع العين وتبكي القلب.

فهذا الطفل البالغ من العمر إحدى عشرة عاماً فقد ساقه الأيسر وجزءاً من أمعائه وأكثر من جرح في وجهه وذراعه وساقه الأيمن فقد جميع عائلته ولم يبقى له سوى أبوه. لقد قمنا بتغير المربط على ما تبقي من ساقه الأيسر ولم يكن هناك أدوية تخدير أو مواد لمحاربة الآلام  إنني أسمع صراخه حتى الأن وهو ينادى أبي أمسك يدي.

وأما هذا الطفل البالغ  الثامنة من عمره فيروي أنه كان يلعب مع أربعة من أصحابه في مخيم الشاطئ وفجأة فوجئوا بسقوط صاروخ عليهم فيرفعه في الهواء تم يهوى به إلى الأرض ينقل هذا الطفل إلى المستشفى وأثناء نقله لم يبدي أي من ملامح الحياة ومن كثرة المصابين في هذا اليوم وضع في ثلاجة الموتى وفي الطريق إلى دفنه يحرك يداه ويعود إلى الحياة وهو الآن يتسأل عن أعز أصحابه الذي كان يلعب معاه ومتى سوف يراه وهو لا يعلم أن صاحبه البالغ من العمر الثامنة قد فارق الحياة.  

وأما هذه الفتاة البالغة من العمر الثامنة فترى البسمة في وجهها وأما رقبتها فهى محكمة برباط حتى لا تحرك الفقرات العليا من العمود الفقري تتحدث إلينا بصوت خجول وبمعانا فتروى أنها كانت مع أبيها وأمها وأخيها وأختها في الطابق الأول من منزلها وهربت مع أهلها إلى الطابق الأرضي واختبأوا تحت الدرج وفي هذا الوقت تطل برأسها من تحت الدرج وتصاب برصاصة في أعلى العمود الفقري فلا تستطيع الآن أن تحرك أى من أطرافها وبشظية أخرى فقدت أمها وأختها.

إنها قصص كثيرة وعديدة إنها قصص مآساوية وحقيقية.

وأما أنواع الإصابات فإنها إصابات كبيرة وخطيرة فكثير ما ترى أطفال ونساء وكذلك شباب مبتوري الساق والذراع وكذلك ترى إصابات في البطن والصدر والوجه علاوة على ذلك حروق على غالب الجسم. وأما الإصابات الداخلية فهي توأدي في أغلب الأحيان إلى نزيف داخلي مما يوجب الإطرار إلى فتح البطن لتوقيف النزيف الدموي وأحيانا إلى إستأصال الطحال أو بعض الأمعاء.

كل إصابة تحتاج في الغالب إلي أكثر من فريق إختصاصي فعلى سبيل المثال لمعالجة إحدى الإصابات تحتاج إلي طبيب جراح عظمية وحوادث لأن هناك كسور في الأطراف والعمود الفقري وفي نفس الوقت تحتاج إلى جراحة باطنية وجراحة صدرية لمداوة الجروح الداخلية في البطن والصدر كما أنك تحتاج إلى  طبيب جراح المخ والأعصاب لمعالجة جروح الرأس والأعصاب علاوة على أن أغلب الإصابات تعاني من حروق بشعة تحتاج إلى جراح التجميل.

وهذا ما رأيناه في أغلب الأحيان أن المصابين يعانون من أكثر من إصابة في نفس الوقت.   

أما الظروف التي تعمل فيها كطبيب فإنها صعبة للغاية فغرف العمليات قديمة للغاية ولا تتناسب بأي حال من الأحوال لإجراء أي نوع من العمليات.

وأما الأدوات التي تستعمل فقد مضى عليها العمر وظهر عليها أثار الصدى  وأما لتضميم جرح فليس هناك مواد مخضرة أو مسكنة ولذلك يتم غالباً تضميم الجروح بدون مواد تخضير.

وأما الطاقم الطبي فيعمل دون ملل أو كسل وكثير من الأوقات كان الأطباء يعملون أربع وعشرون ساعة دون إنقطاع.

وأما المستشفيات فكانت مملوئة فوق طاقتها.

تجوالنا في القطاع

إنك لتخزن وتتسأل لماذا هذا الدمار فتمر بالبرج في شارع عمر المختارالتى قصف فيه عائلة المهندس الكيلاني وهو يحمل الجنسية الألمانية من أصل فلسطيني فبعد أن هرب من القصف من الشجاعية إلى بيت لاهيا ثم إلى هذا البرج وسط غزة توفى هو وزوجته وأولاده الخمسة.

وأما الشجاعية فقد تم فيها حرب إبادة فأينما توجهت فترى الدمار الشامل ولا يمكن لك أن تتصور بأي حال من الأحوال أن هنا كانت منازل تأويي الفلسطينيين فهناك أحياء بكاملها سويت مع الأرض وأما المصانع على الحدود الشريطي مع الإحتلال فقد دمرت عن بكرت أبيها وهناك ترى أكثر من مستشفي ومدرسة وبيت عجزة التي دمرت بالكامل وإنك لتعجب عندما ترى أعداد كبيرة من الحيوانات مثل البقر والخرفان التي أعدمت بلا رحمة وتتسأل ما هدف هذه الحرب المسعورة على قطاع غزة؟

وإذا تجولت بإتجاه بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا فسياسة الدمار الإسرائيلي هى نفس الصورة تدمير بلا رحمة و هدفها تدمير كل شيئ في قطاع غزة.

 وأما إن تابعت الرحلة إلى النصيرات ودير البلح وخانيونيس ورفح فصور الدمار واحدة وإنك لترى حتى أن الشوارع لم تسلم من دمار الألة الإسرائيلية حتى القطاع الصحي لم يسلم من الدمار

 فهناك تدمير وتخريب ل 17مستشفي أغلقت 11 منها بالكامل

أما عدد الإسعافات التي دمرت فهو 35 إسعافاً

أما عدد الطاقم الطبي الذين قتلو فهو 23 شخصاً

وعدد الجرحي من الطاقم الطبي فهو 83 فرداً

وأما عدد المصابين الإجمالي حتى يوم 24.08.14 بلغ 10886شخصا منهم 1912 نساء وعدد الأطفال 3009 مصاباً.

وأما عدد القتلى فتجاوز 2100 قتيل أغلبهم من الأطفال والنساء والمسنين.

وأما عدد المدارس التي دمرت فبلغ 231 مدرسة و6 جامعات وتم تدمير أكثر من 10000 منزل وتم تهجير أكثر من 25000 مواطن بلا مأوى.

الأوضاع المعيشية هناك أوضاع مآساوية يصعب وصفها فهناك نقص كامل في الأدوية والمعدات الصحية وهناك شح في الماء والكهرباء والغذاء علاوة على نقص في النوم وخاصة عندما تسمع صوت الزنانات والطائرات والقصف المدفعي من السفن الحربية والدبابات إنها أوضاع يعجز كل إنسان عن وصفها.

التعليقات