جمود مشاعرنا ٫٫ مَن السبب؟

جمود مشاعرنا ٫٫ مَن السبب؟
بقلم : فاطمة المزروعي

جميعنا نشكو من جمود المشاعر، وأيضاً جميعنا نتحدث عن تغيير بالغ ضرب علاقاتنا الاجتماعية وبدل كثيراً من ترابطنا القوي المتماسك، بل ذهب البعض إلى وصف روابط ذوي القربى بأنها باتت هشة وواهنة. وعند الحديث عن هذا الموضوع نستذكر الماضي القريب حيث كانت تزدهر العلاقات الاجتماعية وقوة وشائج القربى، بل يخيل إليك وأنت تعود بالذاكرة سنوات قليلة ماضية للوراء أن عفوية الزيارات بين الجيران ومناسبات العائلة الواحدة وتعددها وترابط أفرادها جميعها مثل وقيم تتلاشى أو في طريقها للاضمحلال، ونقول إن السبب زحمة الانشغال مع وظائف الحياة الحديثة ورتم الحياة العصرية وسرعتها المهولة.
لكن أعود للتأكيد بأن لا شيء قد تغير فالزمن هو نفسه، والانشغال بالحياة رافق الإنسان منذ القدم حتى يومنا، بل الآباء والأجداد كان انشغالهم أكثر إرهاقاً ومشقة، وكانوا يجدون الوقت للأحبة والأقرباء والأصدقاء. التغير الذي حدث هو في نفوسنا نحن، في أرواحنا، ولا يلام الزمن ولا مهام العمل والوظيفة ولا الحياة الحديثة والعصرية.. لأننا جميعاً نستطيع أن نزور بعضاً ونتواصل ونلتقي، نستطيع أن نتغلب على الانشغال والوقت الضيق لو أردنا..
يدعم هذه الكلمات كثير من الأسر وهي بالمناسبة أسر كبيرة يجتمع أبناؤها ومعظم أفرادها من النساء والرجال إذا لم يكن بشكل دوري فلا تطول غيبتهم عن بعض أكثر من شهر إلا ويتم لقاء وجمعة جديدة، بل بعض هذه العوائل وضعت صندوقاً مالياً ليتم جمع مبلغ شهري من أبنائها يصرف على مناسبة اللقاءات الدورية. والذي أريد الوصول له أننا نستطيع أن نتميز في علاقاتنا ونقويها بمثل هذه الجمعات وهذه اللقاءات الأسرية الدورية المنتظمة.
تحكي إحدى الصديقات أنها كانت في مناسبة زواج وفوجئت بزوجة أخيها موجودة في هذه المناسبة، تقول إنه بعد السلام والحديث عن الاشتياق.. إلخ، فوجئت أن زوجة الأخ بات لديها ثلاثة أطفال والذي كانت تعرفه أن لديهم طفلاً واحداً، فما الذي يعنيه هذا؟ بوضوح شديد يعني أن هذه الصديقة كانت منقطعة عن شقيقها لأكثر من ثلاثة أعوام تقريباً، فهل يعقل مثل هذا الوضع؟ ومن الذي يمكن أن يلام على مثل هذا الخلل؟ الزمن ورتابة الحياة والعصر الحديث، أم نحن الذين بتنا حتى اتصال بالجوال نكسل عنه.. يجب ألا نلوم الزمن أو أحداً سوى أنفسنا، التغير إذا كان قد وقع فهو ضمائرنا نحن ولا شيء آخر.

 

التعليقات