استشهاد "محمود عوكل" النجل الوحيد لعائلته .. صدمة كبيرة !

استشهاد "محمود عوكل" النجل الوحيد لعائلته .. صدمة كبيرة !
رفح – خاص دنيا الوطن – محمد جربوع

المشهد مروع لا يوصف، لم يشاهد أو يرى منه إلا قطع لحم صغيرة، أشلاء تناثرت على طول فناء منزلهم، بقايا ملابسهم لا تزال تشبث فيما تبقى من ركام، ترفض الأسلاك الشائكة أن تمحو آثار دماءهم الطاهرة، وأبت الأشجار والورود أن تزيل رائحتهم التي فاح عطرها لحظة صعودها إلي السماء ليغطي سماء مدينة رفح. 

خبر كالصاعقة

ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجازر بشعة بحق المواطنين في قطاع غزة، وخاصة بحق الأطفال، فكيف لا وهو يخطفهم في لحظات من أحضان أمهاتهم دون رحمة، تلك الكلمات البسيطة لا تكفي وصف حالة والد الطفل محمود الذي يتحسر ألما علي فقدان أغلي ما يملك في حياته. 

العائلة التي كانت فاجعتها مأساوية، إذ استشهد منها خمسة من أفراد العائلة وكان بينهم الطفل محمد محمود عوكل (3 سنوات) وهو الحفيد الوحيد لعائلة الحاج نعيم عوكل، جراء قصف من قبل الطائرات الحربية لمنزلهم، والشهداء هم الحاجة تركية عوكل والهام عوكل وابنها محمود عوكل ومحمد أسعد عوكل ولحق بهم قبل أيام أحمد عوكل.

"كنت أتمنى أن أراه يكبر أمام عيني وأفرح به لكن الاحتلال الغاصب حرمني تلك الفرحة ونزع من فلذة كبدي وزوجتي صدمة لم أعد قادر علي الوقوف علي قدما بعد سماع الخبر، استشهاد أفراد عائلتي يدلل علي وحشية الاحتلال في عدوانه علي غزة"، هذا ما قاله والد الطفل محمود عوكل (32عاما) لـ مراسل "دنيا الوطن".

وحول سماع نبأ استشهاد أفراد عائلته واصفا حالته فور مشاهدته لابنه لم يعد له معالم ومقطع أشلاء، تحدث التي أبت دموعه أن تضعف إيمانه بالله تعالي :"كنت متوجه مسرعا إلي البيت بعد سماع الخبر وكلي أملا بالله أن يكون طفلي الوحيد ما زال يلتقط أنفاسه لكن ثقتي بالله وإيماني بالنصيب ساعدني تحمل ذلك المصاب، مضيفا بعد أن توجهت للمنزل وشاهدت الآلاف المؤلفة من الناس كانوا متجمعين وقتها سلمت أمري لله. 

الاحتلال الإسرائيلي يزعم انه لا يتعمد قتل الأطفال المدنيين والأبرياء ويبرر مواقفه بتصريحات سخيفة، في حين خرج أحد ضباط جيش الدفاع ويفتخر بقنصه للأطفال دون رحمة أو شفقة.

وأضاف عوكل لدنيا الوطن :"ما حدث لعائلتي هي جريمة ويجب محاسبة الاحتلال عليها، وأننا سنواصل طريق الصمود والتضحية في وجهه مهما كلف الأمر." 

تعلق الجد بالحفيد 

لم يري الحاج نعيم عوكل سوى حفيدا واحدا من أبنائه، وكان الأمل معلقا بشكل كبير عليه، لكن الله اصطفاه ليكون عصفوا من عصافير الجنة، محمود الذي كان يمرح ويلهو في فناء بيتهم، وصوته يصدح بأعلى صوت، وحركاته تجعل الحاج يشعر بطمأنينة وسعادة تفوق كل الحدود، فكيف لا وهو الحفيد الوحيد الذي ضمه لحضنه متناسيا بذلك آلام وهموم الحياة.

يقول عوكل وفاضت عيناه من البكاء علي فقدانه خمسة من أفراد عائلته :"اليوم فاجعتي غير متوقعة وأليمة بشكل كبير، فقدت أغلي ما أملك ومن الآن انتزعت البسمة عن شفتاي ولم يعد لي مكان بالحياة من بعدهم، وردد بعض العبارات "حسبي الله ونعم الوكيل – ستهزمون أيها الجبناء وستحاسبون علي أعمالكم." 

في تلك اللحظة الحرجة، تنقطع نسمة الهواء عن المكان، ويكف شجر الزيتون عن الهمس، وكذلك النخيل، وتعتكف أسراب الحمام الذي تعشقه عن الهديل، ويسكن الصمت المطبق الفضاء، يصارع قلبه في معركة بقاء. 

ويضيف وهو يتلعثم من شدة الصدمة وهول المناظر التي شاهدها :"لا نعلم من الذنب الذي اقترفوا عائلتي وهم جالسين في فناء المنزل يقومون بتحضير الطعام، والطفل يلهو ويلعب"، داعيا كافة فصائل المقاومة بالبقاء علي مطالبها وشروطها حتى نستطيع تحقيق أهدافنا. 

وهذه المجزرة ليست الأولى ولا الأخيرة، فكل يوم يوقع الاحتلال الإسرائيلي على صيغة جديدة في قتل وتعذيب وتجريف ومصادرة واغتيال الأبرياء، فلا نستطيع سوى أن نقول "حسبي الله ونعم الوكيل". 

على الرغم من ذلك يكمل مشواره في درب الآلام، يلتقط أنفاسه، يتوجع من توغل السهام في خاصرته، يستبسل فيتلقى الضربات عنه، وتطوف أناته الكون، ويرجع صداها إلى المكان ذاته، طالبا تعزيزات بات يعرف أنها على الأرجح لن تأتي. 

التعليقات