قوة غزة : قراءة أولية لمشروع القرار الأمريكي

قوة غزة : قراءة أولية لمشروع القرار الأمريكي
بقلم : صابر رمضان

        إن الخلفية التي جاء على أثرها مشروع القرار الأمريكي في مجلس الأمن ، لهو أكبر دليل على الغاية والهدف الاستراتيجي من هكذا طرح ، حيث  درجة التطور والتسلح التي وصل اليها قطاع غزة . ناهيك عن حجم الانتصار والمكاسب السياسية والميدانية للمقاومة الفلسطينية ، حيث استطاعت المقاومة على مدار (51) يوماً من العدوان الاسرائيلي الدامي والشرس على قطاع غزة ، من المحافظة على قياداتها الميدانية والسياسية والعسكرية ، والاستمرار في تطوير بنيتها الصاروخية المدمرة  ، وتحقيق درجة عالية من حسابات الردع للكيان الصهيوني . كما أن غزة أصبحت قوة بكل المفاهيم الحربية والسياسية ولا يمكن لأي قوة العودة لحكم غزة دون موافقة المقاومة وفصائلها ، وهذا المشروع يمهد الطريق لذلك .

  وعلينا أن نعي دروس التاريخ في أن تدخل الولايات المتحدة في أية حرب اسرائيلية – عربية وبقرار مجلس أمن ، هو من باب تقديم المعونة السياسية والتغطية الفعلية لهزيمة اسرائيل ، فالجسر الجوي العسكري لم يكن ممكناً لظروف ، مما أضطر امريكيا لصنع جسر جوي بالقرارات الظالمة ضد العرب والفلسطينيين ، وتاريخ الحروب منذ عام ( 1948 - 2014) ينبؤنا بذلك التدخل الاستراتيجي لحفظ ماء وجه اسرائيل . ولمنح حكومة نتنياهو الأفضلية السياسية  أمام خصومه الداخليين ، عبر تحقيق ما لم يستطع تحقيقه بالقوة وقتل المدنيين . وأبرز مضامين القرار ، غزة ستكون منطقة خالية من التسلح والمسلحين كما هي الضفة الغربية ، تدمير شبكات الأنفاق مع مصر واسرائيل ، وفتح آمن وسليم لنقاط العبور (وليس الحدود) على حدود غزة وفقاً لقرارات (1860) ، ونقاط العبور هذه لن تكون مفتوحة أو بيد الفلسطينيون ابداً وإنما ستكون مرهونة بالاداء الأمني والتنسيق الأمني ، وهذا يمنح اسرائيل القرار النهائي بفتح النقاط أو اغلاقها ، إضافة الى فرض كل انواع الرقابة والقيود على نقل مواد البناء والاعمار(بينما تترك المستوطنات تنمو في الضفة وغزة بلا حسيب أو رقيب ) . كما أن القرار يذهب لأبعد من الزام السلطة أو مصر ، بل يطالب كل الدول الاعضاء بالإجراءات الهامة والحاسمة لمنع الامدادات والمبيعات المباشرة وغير المباشرة  من مواد أو سلاح للقطاع براً وبحراً وجواً . إن معاهدة فرساي التي فرضت على المانيا المنهزمة في الحرب العالية الأولى أهون علينا من هكذا قرار صهيوني . وبالنهاية فمشروع القرار هو محاولة من مجلس الأمن بقيادة أمريكيا لقلب الحقائق والوقائع  والالتفاف على انتصار غزة والمقاومة الفلسطينية المسلحة .فما لم تحققه اسرائيل بالميدان ، تحققه لها أمريكيا بقرارات سوداء . مجحفة بالقانون الدولي الانساني وبحقوق البشر . فإن جوهر القرار تحويل قطاع غزة الى ضفة جديدة وهذا هو (الحل بعيد المدى)  . دون أن يذكر إنهاء الاحتلال بشكل جذري . لماذا لم نشهد قراراً مشابهاً بحق المستوطنات واعتداءات المستوطنين علينا . والسؤال الأهم هل ستربط السلطة الفلسطينية عودتها لغزة بإصدار قرار مثيل ضد المستوطنات الصهيونية ؟.

التعليقات